أظهرت بيانات منصة رفينيتيف - وهي شركة عالمية لبيانات السوق المالية والبنية التحتية - أن الجنيه المصري واصل الهبوط، اليوم الأحد، بنحو 4% إلى 24 جنيهًا مقابل الدولار.

وكان الجنيه قد انخفض بنحو 16% مقابل الدولار يوم الخميس الماضي، بعد أن أعلنت حكومة الانقلاب عن التزامها بنظام سعر صرف مرن بشكل دائم، تزامنًا مع التوصل إلى اتفاق مبدئي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

وقال صندوق النقد الخميس الماضي إنه اتفق مع مصر على تسهيل تمويل ممدد مدته 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار.

وقال باتريك كوران، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة تليمر لأبحاث الاستثمار: "من الآن فصاعدًا، من الضروري أن تفي مصر بوعدها في ما يتعلق بمرونة العملة بدلًا من إدارة الانخفاض والسماح باتساع الاختلالات".

 

تقليص الدعم التمويني حتى 50%

وتلاشت قيمة الدعم التمويني الذي تحصل عليه الطبقات المتوسطة من المواطنين بشكل شهري بقيمة 50 جنيهًا للفرد (نحو دولارين فقط) بحد أقصى أربعة أفراد، مع استمرار انهيار قيمة العملة المحلية، وتثبيت قيمة الدعم منذ 2017.

وانهار الجنيه للمرة الثالثة منذ نوفمبر 2016 عندما فقد أكثر من 50% من قيمته، وفي مارس الماضي هبط 15% ثم واصل رحلة الهبوط حتى 25% قبل أن يعاود الهبوط مجددًا أكثر من 16% ليتجاوز الدولار حاجز الـ23 جنيهًا، ووصل في بعض البنوك، اليوم، إلى 24 جنيهًا، في أعقاب التوصل لاتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي، وفقًا لـ"عربي 21".

وبعد تحرير سعر الصرف في 2016 وارتفاع الأسعار بشكل كبير تجاوز الـ100% في جميع السلع فقد زادت حكومة الانقلاب قيمة النقدي، في 2017، إلى 50 جنيهًا حتى أربعة أفراد للأسرة، و25 جنيهًا فقط للأفراد المقيدين بالبطاقات لأكثر من أربعة أشخاص، ومنذ ذلك التاريخ لم تتحرك قيمة الدعم النقدي، وقلصت حكومة الانقلاب قيمة الدعم التمويني لقرابة الـ64 مليون مستفيد إلى أكثر من النصف.

 

الحكومة توضح حقيقة اعتزامها إلغاء الدعم التمويني على سلع أساسية خلال أكتوبر

السلاسل التجارية الكبرى تحجب السلع

تسبب التعويم الثالث للجنيه في حدوث هزة عميقة بالأسواق، حيث أغلقت أغلب شركات المعدات الكهربائية والهندسية، باب التعاقد على توريد معدات للموزعين والجمهور، لمدد غير محددة.

ووفقًا لـ"العربي الجديد"، فقد علّقت السلاسل التجارية الكبرى، مثل كارفور وبي تك وميديا، عمليات البيع بالتجزئة، لعدم وجود رصيد بمخازن التوزيع، وانتظارًا لاستقرار سعر الصرف.

زادت الضغوط على الجنيه محليًا، مع إعلان البنك المركزي طرح أذون خزانة بقيمة 28 مليار جنيه نيابة عن وزارة المالية لسد العجز في الموازنة.

وأكد البنك المركزي في بيان رسمي أن قيمة الشريحة الأولى للأذون تبلغ 8 مليارات جنيه، لأجل 91 يومًا، والثانية بقيمة 20.50 مليار جنيه لمدة 273 يومًا. تسعى وزارة المالية لمواجهة العجز المتزايد في الموازنة العامة، جراء انخفاض قيمة الجنيه، مقابل الدولار، الذي دفع البنك المركزي إلى زيادة رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لتصل إلى 13.25٪ و14.25٪، الخميس الماضي.

 

أسعار السلع التموينية تشهد ارتفاعًا كبيرًا

وشهدت الأسواق ارتفاعًا في أسعار السلع التموينية والأساسية للبيوت، فارتفعت أسعار كرتونة البيض بمعدل 5 جنيهات، حيث بلغ سعر الطبق الأحمر 74 جنيهًا و71 جنيهًا للأبيض، بالأسعار التجارية، بينما راوح ما بين 91 إلى 85 جنيهًا للطبق للمستهلك، اعتبارًا من أمس. وزادت أسعار الأجبان بمحلات التوزيع بنحو 3٪، شاملة الزبادي والمنتجات الأكثر شعبية، مثل الجبن الأبيض والإسطنبولي، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وتوقع الموزعون زيادة في أسعار الدواجن واللحوم، قبل نهاية الأسبوع الحالي، مع ارتفاع طن فول الصويا من 17 ألفًا إلى 21 ألف جنيه، والذرة من 12 إلى 15 ألفًا نهاية الأسبوع الماضي. وتبلغ احتياجات استيراد الأعلاف من الخارج نحو 340 مليون دولار شهريًا، وتمثل 75٪ من تكاليف التشغيل، بما يؤكد تزايد الأسعار في أيام معدودات.

وشهدت أسعار الخضراوات استقرارًا نسبيًا، لعدم تأثرها بحركة كبار التجار، في بداية الأسبوع، انتظارًا للأسعار الجديدة التي سيضعها التجار للأنواع المحلية والمستوردة كافة، قبيل نهاية الأسبوع الجاري.

موعد صرف زيادة التموين.. اعرفوا فترة تطبيقها والفئات المستفيدة منها  التفاصيل هنا

 

حكومة الانقلاب تخطط لإلغاء مسألة الدعم التمويني

وبعد التراجعات الأخيرة التي خططت لها حكومة الانقلاب مع صندوق النقد الدولي، وما شهدته الأسواق من ارتفاع كبير في الأسعار من جهة، وحجب بعض السلع المهمة والضرورية للمواطن المصري من جهة أخرى، ومعاناة كبيرة في تحصيل الدولار والاستيراد من الخارج، وسداد الديون الواجبة على مصر حتى شهر مارس المقبل..

كل هذه الظروف السابقة، وغيرها، تضغط على حكومة الانقلاب جديًا لإلغاء الدعم التمويني بالكامل، لكنها تنتهز الفرصة المناسبة لذلك، نظرًا لما تمر به مصر من ظروف سياسية ودعوات شعبية للتظاهر في 11 نوفمبر القادم لإسقاط قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي أن "قيمة الدعم النقدي التمويني للحصول على سلع غذائية تآكلت بشدة سواء بالنظر إلى سعر صرف الجنيه الآن أو معدلات التضخم الآخذة في الزيادة".

وأوضح في تصريحات صحفية أن "هناك رغبة واضحة لدى الحكومة في مصر إلغاء مسألة الدعم التمويني سواء النقدي أو العيني (الخبز) ولكنها لا تجد الفرصة المناسبة بسبب تلاحق الضربات الاقتصادية، وزيادة المخاوف من حدوث اضطرابات مجتمعية، ولكن في النهاية فإن قيمة الدعم تتآكل مع استمرار خفض قيمة الجنيه وزيادة أسعار السلع للمواطنين داخل منظومة الدعم التمويني".

وتبلغ قيمة دعم السلع التموينية ورغيف الخبز 90 مليار جنيه (3.9 مليار دولار) بموازنة العام المالي 2022-2023 بزيادة تتجاوز الملياري جنيه فقط عن موازنة العام المالي الحالي، منها نحو 49 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز.

رفع أسعار السكر والزيت على بطاقة التموين أول نوفمبر.. مصدر جاب من الآخر

 

في هذه الحالة سوف تزيد أسعار السلع الغذائية

وحذر مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، من أن سلطات الانقلاب باعتمادها على الاستيراد على حساب خطة الاكتفاء الذاتي، فإنها تعمل بذلك على رفع أسعار السلع الغذائية في الأسواق.

وتابع بركات، أن أسعار السلع التموينية يتم زيادتها في كل مرة يتم فيها تعويم الجنيه منذ نوفمبر 2016، رغم أن أسعار الزيت التمويني كانت ثابتة في السوق الدولية أثناء قرار التعويم، بل إن النظام كان يرفع أسعار أنبوبة غاز المنازل رغم تراجع سعره في السوق الدولية، أما الأرز والسكر فيتم إنتاجه محليًا بالكامل تقريبًا، ما يدل على أن النظام يستهدف زيادة أسعار السلع التموينية بغض النظر عن قيمة الجنيه بالنسبة للدولار، وهو ما يزيد الأعباء المعيشية على كاهل المواطنين.

وأكد بركات، في تصريحات نقلها موقع "عربي 21" أن "ارتفاع أسعار السلع التموينية، وتخفيض وزن رغيف الخبز التمويني، وغياب بعض السلع مثل الأرز والسكر من منظومة السلع، وتٱكل قيمة دعم الخمسين جنيه للفرد في ظل ثبات الدعم النقدي، مع الحذف العشوائي لعشرة ملايين مواطن من منظومة البطاقات التموينية والخبز، أدى إلى تراجع دور الدعم التمويني في ضبط أسعار السلع الغذائية الأخرى".