لا يزال القرض المتوقع حصول مصر عليه من صندوق النقد الدولي هو محور الاهتمام في مصر، إذ ترى فيه الدولة منقذًا لاحتياجاتها الدولارية لسداد جزء من ديونها عام 2022.


ومن جهته أكد بيان رسمي لصندوق النقد الدولي، الأحد الماضي، قرب إنهاء المفاوضات مع الجانب المصري، وأن المباحثات بين الجانبين قد وصلت إلى اتفاق على العديد من القضايا الخلافية بين القاهرة والصندوق.


إفساح المجال للقطاع الخاص وتقليص دور الدولة في الاقتصاد


وأشار الصندوق إلى أن "المناقشات بين الطرفين اتفقت على استمرار مسار الضبط المالي الذي سيحمي القدرة على تحمل الدين العام، ويضمن انخفاضًا مطردًا في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط".


وتابع "تضمنت المناقشات بين الجانبين أيضًا الاتفاق على سياسات النقد وأسعار الصرف التي من شأنها أن تثبت توقعات التضخم، وتحسن أداء السياسة النقدية، وأداء سوق الصرف الأجنبية"، مؤكدًا أن "هذا الإجراء من شأنه تعزيز المرونة الخارجية لمصر، ويمكنها من إعادة بناء الاحتياطات الأجنبية بشكل تدريجي ومستدام".


وأضاف الصندوق الدولي، في بيانه، "من شأن تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي الشامل للسلطات تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري بشكل تدريجي، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد، مما يفسح المجال للقطاع الخاص"، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".


خفض توقعات الصندوق للاقتصاد المصري إلى 4.4%


ويبدو أن صندوق النقد له العديد من الملاحظات على الاقتصاد المصري خلال الأعوام السابقة، فهو يتشدد مع القاهرة في بعض الأمور، ويحتم على الدولة القيام بالعديد من الإجراءات مثل رفع الدعم عن السلع، وتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار.


ومن الملاحظات الرئيسة لصندوق النقد على الاقتصاد المصري هي قيامه بتخفيض توقعاته لنموه في 2023 إلى 4.4%، بسبب الضغوط التضخمية وتباطؤ النشاط الاقتصادي بعد رفع معدلات الفائدة، كما خروج أموال الاستثمارات الأجنبية خلال العام الأخير، مشيرًا إلى وجود مخاطر أن يكون النمو أقل من ذلك، وفقًا لـ"العربي الجديد".


وفي عرضها لتقرير آفاق النمو العالمي للعام الحالي، على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تعقد في العاصمة الأمريكية خلال هذا الأسبوع، ردت بتيا كويفا بروكس، نائب المدير التنفيذي للصندوق، على سؤال صحفي عن توقعات النمو للاقتصاد المصري، باختصار شديد، دون التعرض لمفاوضات الحكومة المصرية مع الصندوق، رغم أنها أوضحت في سؤال سابق أن مفاوضات زامبيا مع الصندوق أحرزت تقدمًا كبيرًا.


وكان الصندوق قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في شهر يوليو من العام الماضي لتصبح 5.9% في 2022 و4.8% في 2023.


لن يقبل الصندوق وجود سعرين للدولار


ومن الأمور التي تثير جدلًا كبيرًا في مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، هو سعر الجنيه في الأسواق، فصندوق النقد يصر على وجود سعر واحد محدد، ولا يقبل بوجود سعرين أحدهما في البنوك والآخر في السوق السوداء.


هذا الشرط أكده الخبير الاقتصادي الدكتور هاني جنينه، الأستاذ بالجامعة الأمريكية، قائلًا "في حال تم التوقيع فعلا على القرض مع صندوق النقد الدولي فتجب الإشارة إلى أن الصندوق لن يقبل مطلقًا أن يكون هناك أكثر من سعر للدولار، بمعنى أن يكون هناك سعر رسمي وسوق سوداء، بل يجب توحيد سعر الصرف، وهو ما يطلق عليه إجراء استباقي من مجلس صندوق النقد الدولي".


ونوه الدكتور هاني جنينه إلى "أن هذا ما حدث حرفيًا عام 2016، فالبنك المركزي حينها حدد سعر صرف الدولار وارتفع من 8.8 إلى 13 جنيها، وتزامن رفع سعر الدولار مع رفع سعر المحروقات، وبالتالي فإن الدولة المصرية نفذت شروط صندوق النقد الدولي في كلا الأمرين، وتم ضخ قرض صندوق النقد الدولي على دفعات"، وفقًا لـ"روسيا اليوم".


وتابع الخبير: "أتوقع حال إتمام الاتفاق أن يتم نفس السيناريو بحيث يتم تعديل سعر المحروقات وتحرير سعر صرف الدولار مرة أخرى حتى تغلق الفجوة بالكامل بين سعر الصرف الرسمي والموازي".


700 مليار دولار جاهزة للإقراض


ومن جهتها أكدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، أن "صندوق النقد الدولي قدم نحو 90 مليار دولار إلى 16 دولة منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكن لا يزال في حوزته 700 مليار دولار للإقراض، ويلاحظ الآن زيادة عدد البلدان التي تطلب المساعدة"، مشيرة إلى أن "الصندوق لا يزال أمامه أكثر من 28 طلبًا قيد الدراسة".


وأشارت غورغيفا، عقب اجتماعات مع وفدين من مصر وتونس 15 أكتوبر الجاري، عن ثقتها في أن الصندوق سيدعم القاهرة وتونس، وفقًا لـ"رويترز".


قروض سابقة


حصلت مصر في السنوات الست الأخيرة على 3 قروض من صندوق النقد الدولي؛ الأول في عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي والثاني بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.


ثم استكملت بقرض ثالث بقيمة 5.2 مليار دولار عام 2020 ضمن برنامج الاستعداد الائتماني، وفقًا لـ"BBC".


وتواجه مصر تحديًا متمثلًا في انخفاض مخزون الاحتياطي النقدي الأجنبي لديها حيث تحتاج إلى 35 مليار دولار خلال العام الجاري لتعويض خروج استثمارات أجنبية بقيمة 20 مليار دولار وسداد التزامات بقيمة 15 مليار دولار.


الجدير بالذكر أن رصيد الاحتياطي الأجنبي من العملات الأجنبية في مصر واصل النزيف، وسجل الاحتياطي الأجنبي من العملات الأجنبية، نهاية أغسطس الماضي، نحو 33.141 مليار دولار، متراجعًا 0.07 في المئة عن رصيده في نهاية يوليو، عندما وصل إلى 33.143 مليار دولار، قبل أن يرتفع الرصيد بشكل طفيف بمقدار 56 مليون دولار خلال سبتمبر الماضي.