تعكف أجهزة الانقلاب التنفيذية على تدمير المنشآت الخضراء من الحدائق والمنتزهات بدعوى استغلال الأراضي المقامة عليها في تنفيذ أنشطة استثمارية، على الرغم من قرب استضافة البلاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP 27)، في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر المقبل بمنتجع شرم الشيخ في محافظة جنوب سيناء.

وقبل أيام بدأت الأجهزة التنفيذية في القاهرة عمليات تجريف واسعة للحديقة الدولية في حي مدينة نصر، تمهيدا لتحويل الحديقة المطلة على شارع عباس العقاد إلى تجمعات للمطاعم والكافيهات، المؤجرة لصالح "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" التابع للجيش، للاستفادة من عوائدها بمنأى عن الموازنة العامة للدولة، على غرار ما حدث مع حديقة الطفل القريبة منها.

 

التوسع في التجريف 

قامت الأجهزة التنفيذية في القاهرة والجيزة والقليوبية بعمليات تجريف واسعة للحديقة الدولية على غرار ما قامت به في الأيام السابقة من تجريف وإزالة المساحات الخضراء، بدعوى الاستفادة من عوائدها التي تعتبر في منأى عن الموازنة العامة للدولة، على غرار ما حدث مع حديقة الطفل. وتتحجج حكومة الانقلاب بأنها تحاول استغلال الأراضي المقامة عليها في تنفيذ أنشطة استثمارية، ويأتي هذا التجريف والتعدي على المنشآت الخضراء على الرغم من قرب استضافة البلاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP 27).

 

الحديقة الدولية

وتعتبر الحديقة الدولية التي تم تجريف العديد من المسطحات الخضراء بها، تم افتتاح الحديقة في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك سنة (1987م) استطاعت أن تجذب الكثير من الأنظار وذلك بسبب المناظر المبهجة والأنواع المختلفة من الأشجار والأزهار التي تزين الحديقة. تقع الحديقة تحديدًا في شارع الدكتور محمود إبراهيم في الحي السابع بمدينة نصر.

تضم الحديقة الدولية (18) جناحا يعكس كل جناح ثقافة دولة ما، تم تصميم هذه الأجنحة بإشراف سفراء هذه الدول بالقاهرة، وتضم أشهر المعالم السياحية التي تشتهر بها كل دولة؛ حيث توجد بها أقسام للصين واليابان وكوريا الجنوبية والكويت والسعودية والبحرين والإمارات والمغرب، وتشغل المساحات الخضراء نحو 65% من مساحة الحديقة، التي تضم أيضا مسرحا للعروض الفنية، ومتحفاً صغيراً للحيوانات المُحنطة، ومنطقة لألعاب الأطفال.

وتتم إزالة المساحات الخضراء وإنشاء محطات وقود وأكشاك للوجبات على غرار حديقة الميرلاند التي استولى عليها الجيش في حي مصر الجديدة، ليقوم بتحويلها تدريجيا إلى تجمعات للمطاعم والكافيهات، رغم التاريخ الكبير لهذه الحديقة التي يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1949 في عهد الملك فاروق تحت اسم نادي سباق الخيل، وكانت تضم الكثير من الأشجار المعمرة، وبحيرة مخصصة للمراكب الصغيرة، ومشتل لتشجير الحديقة، إلى جانب برجولات ومشايات وشلالات، تم تجريف الحديقة الدولية. ووفق خبراء للبيئة فإن السيسي توغل في الفترة الأخيرة في منح حق استغلال الحدائق للجهاز التابع للجيش بـ"الأمر المباشر"، حيث تكرر مؤخراً أيضا مع حديقة الغولف في حي مصر الجديدة، وحديقة الفنون المطلة على النيل في منطقة المنيل بحي مصر القديمة. ويتم قطع الأشجار وإزالة المساحات الخضراء في مناطق القاهرة تحديداً، من أجل إنشاء محطات وقود وأكشاك للوجبات السريعة ومقاه تحت مزاعم التطوير، لتفقد تلك الحدائق طابعها المميز مع مرور الوقت كما تتحجج سلطات الانقلاب بأن تلك الأشجار تستهلك كميات كبيرة من المياه، ومن ثم تعمل عل استغلال هذه المساحات في تنفيذ مشروعات استثمارية تدر دخلاً.

 

أزمة حقوق الإنسان

يعتبر ملف حقوق الإنسان أحد الملفات التي تقلق نظام عبدالفتاح السيسي قبل انعقاد مؤتمر المناخ، فمن جهتها قالت منظمة العفو الدولية إن "أزمة حقوق الإنسان تعمقت" رغم نفي القاهرة باستمرار الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان وتتهم منتقديها بأنهم لا يرون الصورة الكاملة. وأشارت منظمة العفو الدولية في تقريرا لها حمل عنوان "معزولة عن الواقع" وصفت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بأنها تخفي أزمة حقوق الإنسان، موضحة أن "السلطات المصرية استخدمت هذه الاستراتيجية كأداة دعائية للتغطية على القمع المتزايد لأي شكل من المعارضة، قبل انعقاد قمة المناخ كوب 27 نوفمبر في منتجع شرم الشيخ بجنوب سيناء على البحر الأحمر". وفي رسالة مفتوحة وقع عليها الكثير من النشطاء الحقوقيين ومنهم الناشطة والكاتبة البريطانية، ناعومي كلاين، والنائبة عن حزب الخضر في المملكة المتحدة، كارولين لوكاس: "نشعر بقلق عميق من أن عقد القمة لن يكون ممكناً بسبب الإجراءات القمعية للحكومة المصرية". وشرح الموقعون على الرسالة مخاوفهم بشأن عقد القمة في مصر، مطالبين سلطات القاهرة بالإفراج عن آلاف" السجناء السياسيين وسجناء الرأي"، ومنوهين إلى "أن القمة على الأرجح سوف تستخدم لتبييض انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد". وتعكس الرسالة مخاوف تحالف من 21 منظمة حقوقية بما في ذلك منظمة العفو الدولية ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان حول ملاءمة مصر لاستضافة القمة.