أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم الاثنين، بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مصر قد سجل أعلى مستوياته خلال أربع سنوات.

وواصل التضخم مساره التصاعدي، حيث سجّلَت أسعار المستهلكين في مصر 15% في سبتمبر على أساس سنوي، مقابل 14.6% في أغسطس، وعلى أساس شهريّ زاد التضخم بنسبة 1.6% من 0.9% في أغسطس.

لاحقًا، أعلن البنك المركزي المصري أنَّ التضخم الأساسي، الذي يستبعد أسعار السلع الأكثر تقلّبًا، قفز إلى 18% في سبتمبر من 16.7% في أغسطس.

جاءت أرقام التضخم متوافقة مع تقديرات بنوك الاستثمار التي توقعت أن يتراوح بين 14.8% و15% على أساس سنوي، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق بلومبرج".

كما أشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي في عموم البلاد إلى 15.3% خلال سبتمبر، مقارنة مع 8.0% للشهر نفسه من عام 2021، على خلفية الزيادة التي طرأت في أسعار الحبوب والخبز بنسبة 49.4%، والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 35.4%، والزيوت والدهون بنسبة 33.2%، والألبان والجبن والبيض بنسبة 31.5%.

ورصد الجهاز ارتفاعًا في أسعار السكر والأغذية السكرية بنسبة 26.6% خلال عام، واللحوم والدواجن بنسبة 21.4%، والبن والشاي والكاكاو بنسبة 19.6%، والمياه المعدنية والغازية والعصائر الطبيعية بنسبة 17.7%.

 

أسباب ارتفاع التضخم

ورأى بعض المحللين الاقتصاديين أن ارتفاع التضخم بهذا المعدل المتسارع يرجع إلى عدة أسباب، ومن أهمها:

أرجع منصف مرسي، الرئيس المشارك لإدارة البحوث ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، أسباب ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى سببين رئيسيين:

 

تحريك أسعار المواد البترولية ومنها السولار للمرة الأولى منذ شهور

ورفعت حكومة الانقلاب في يوليو الماضي سعر السولار لأول مرة في الشهر نفسه قبل عامين، وذلك بنحو 50 قرشًا ليصبح 7.25 جنيهات للتر (0.37 دولار). كما رفعت الحكومة سعر البنزين بأنواعه الثلاثة للمرة السادسة على التوالي.

 

تأثيرات التضخم العالمي وأثره على الاقتصاد المحلي وتداعياته على التضخم

حيث مازالت مصر تواجه صدى هذا التأثير حتى الآن، وفقًا لـ"CNN". وخلال الأشهُر الأخيرة، تخطّت أرقام التضخم في مصر الرقم المستهدف من قِبل البنك المركزي البالغ 7% (بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016، ثم حركته جزئيًا في مارس 2022 مرة أخرى.

 

التضخم الناتج عن الطلب

يبدأ التضخم الناتج عن الطلب بارتفاع في الطلب الاستهلاكي، يحاول التجار الوفاء بالطلب من خلال زيادة المعروض، وعندما لا تكون هناك سلع إضافية كافية لزيادة المعروض، يعمد التجار إلى رفع أسعارهم، ما يؤدي إلى تضخم ناتج عن الطلب، والذي يطلق عليه أيضا "تضخم الأسعار".

 

تضخم التكلفة

يحدث هذا عند ارتفاع تكلفة إنتاج السلع أو الخدمات ونقص العمالة، كما كان للحرب في أوكرانيا تأثير إضافي على أسعار النفط والغاز، هذا فضلًا عن تقلص إنتاج القمح في كل من أوكرانيا وروسيا وتمرير ذلك الارتفاع إلى المستهلك، وهذا هو ما شاهدناه مؤخرًا في شتى أنحاء العالم. فوباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا أديا إلى عرقلة سلاسل الإمداد، وجعلا من الصعب على الشركات إنتاج السلع وتوصيلها، وفقًا لـ"BBC".

 

هبوط الجنيه مقابل الدولار

عليا ممدوح، محللة الاقتصاد المصري لدى "بلتون المالية" ترى أن سبب استمرار ارتفاع التضخم في مصر يرجع إلى "بداية تأثير التحرك السريع في العملة المحلية مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة، إذ سجل متوسط سعر العملة أدنى مستوياته على الإطلاق ليصل إلى 19.69 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي، اليوم الاثنين، وسط زيادة الطلب على العملة الصعبة، وتأخر الحكومة في إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي بجانب زيادة مستوى الطلب في بعض القطاعات"، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق بلومبرج".

 

ارتفاع الأسعار عمومًا

يوسف البنا، المحلل المالي في "نعيم المالية" عزا مواصلة التضخم لمساره الصاعد إلى "ارتفاع أسعار الأغذية والسجائر".

بينما رأت إدارة البحوث المالية بشركة اتش سى، أن زيادة أرقام التضخم في مصر ترجع إلى "ارتفاع أسعار المشروبات والغذاء وبدرجة أقل الملابس والأحذية بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد في مصر".

 

معدل التضخم يتسق مع المعدلات

وقالت منى بدير، الخبيرة الاقتصادية، إن قراءة معدل التضخم السنوي في مصر جاءت متسقة مع التوقعات، حيث يعكس التغيرات في سعر صرف الجنيه، وأسعار السلع العالمية، بالإضافة على تغيرات مرتبطة بسنة الأساس. أما التضخم الشهري، فقد جاء مرتفعًا بنسبة طفيفة نتيجة حالة استقرار الأسواق، وترقبها للزيادات في سعر الصرف، بحسب بدير.

وتوقعت "بدير"، في تصريحات لـ"CNN" أن يسجل معدل التضخم خلال شهر أكتوبر الجاري أعلى مستوى له خلال 2022، ليعكس موسم دخول المدارس، الذي قد يؤثر على زيادة التضخم، مؤكدة أن ديناميكية التضخم في اتجاه تصاعدي طالما ظلت الضغوط على سعر الصرف، مُرجحة أن يتراوح متوسط معدل التضخم بين 15-16% خلال الربع الأخير من العام الجاري.

وقالت إنه على الرغم من انخفاض أسعار السلع الغذائية عالميًا، إلا أن تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار والتغيرات المرتقبة في سعر الصرف مازالت تؤثر على ارتفاع الأسعار.