على الرغم من وعود قائد الانقلاب المتكررة بالنهوض بملف حقوق الإنسان، وإطلاق أكذوبة الإستراتيجية الوطنية لحقوق التي أتمت عام منذ تدشينها، حيث شهد الملف أوضاعا كارثية كشف عنها عدد من المنظمات الحقوقية، لتبرهن أن  إستراتيجية حقوق الإنسان ما هي إلا وهم وحبر على ورق أراد به السيسي معازلة الخارج لتقليل حجم الضغط الدولي عليه، لتضاف إلى سلسلة وعود الخائن السيسي كما كل مشاريعه التي تذهب أدراج الرياح. 


 ففي مثل هذا التوقيت من العام الماضي أعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن إطلاق إستراتيجية حقوق الإنسان وبداية عهد جديد في التعامل مع الملف الحقوقي؛ وهو ما شكك فيه الخبراء والحقوقيون الذين نفوا أن تعمل تلك الإستراتيجية على حلحة الوضع الإنساني والحقوقي المتدهور والقاتم الذي تعيشه مصر في ظل نظام الانقلاب.

 
صناعة الأوهام 
وفي إطار رصد حصاد عام على إطلاق إستراتيجية حقوق الإنسان، نشرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تقريرها الذي حمل عنوان "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: بين الواقع المؤلم وصناعة الأوهام.. مصر إلى أين؟ " 
ورصد الشبكة الحصلية الأولية لانتهاكات حقوق الإنسان خلال العام الأول للإستراتيجية، حيث شهد وفاة 45 معتقلا سياسيا وجنائيا، وتنفيذ حكم الإعدام بحق 7 وإصدار 32 حكماً بالإعدام، وإحالة أوراق 6 معتقلين متهمين في قضايا سياسية للمفتي. 
كذلك استمرار حبس 56 صحفيا واعلاميا، وحبس المئات من المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان. 


الواقع عكس الوعود 
وتأكيد على الأرقام السابقة كشف منظمة “كوميتي فور جستس” في تقرير لها نشرته في أغسطس الماضي يرصد إهدار حقوق المواطنين بفجاجة، وسط أزمة مالية عالمية ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي في مصر، خلال الربع الثاني من عام 2022.  
وأشارت “كوميتي فور جستس” إلى أنه خلال فترة التقرير تم رصد 1516 انتهاكًا، وقعت في غضون الثلاث أشهر بين إبريل – ويونيو 2022، توزعت بين الحرمان من الحرية تعسفيًا، والتي كان لها النصيب الأكبر بواقع 1403 انتهاكًا مرصودًا، تليها الانتهاكات ضمن الاختفاء القسري بواقع 74 انتهاكًا مرصودًا ثم سوء أوضاع الاحتجاز والوفاة داخل مقار التعذيب، وأخيرًا التعذيب بواقع 20، 12، 7 انتهاكًا مرصودًا على الترتيب. 
وذكرت “كوميتي فور جستس” أن أعمال الرصد خلال فترة التقرير شملت 8 محافظات مصرية، تصدرتهم محافظة القاهرة، التي وقعت بها النسبة الأعلى من الانتهاكات المرصودة وهي 55 بالمئة تقريبًا من إجمالي الانتهاكات المرصودة بواقع (848/ 1516) انتهاكًا، تليها محافظة الشرقية، التي وقعت بها ما يمثل نحو 41 بالمئة من الإجمالي في هذا الصدد (626/1516). 


التوقف عن الادعاءات الكاذبة  
الوعود الكاذبة وفن صناعة وتسويق الأوهام التي تتبناه حكومة الانقلاب وخاصة في الجانب الحقوقي لم يقنع المنظمات الدولية، حيث طالبت منظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، في نوفمبر 2021، الحكومة المصرية إلى التوقف عن الادعاءات الكاذبة والمضللة، مؤكدين أن الملف الحقوقي في مصر يعاني خروقات فادحة، تعليقا على التقرير الذي أعدته حكومة السيسي عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 
وفي السياق ذاته طالبت 5 منظمات حقوقية السلطات المصرية بتنفيذ 7 إجراءات لوقف ما وصفوه بـ”التدهور غير المسبوق” في أوضاع حقوق الإنسان. 
كما اهتمت  الصحف الدولية بالانتهاكات الحقوقية والاعتقالات في مصر، حيث طالبت  بوضع حد للأكاذيب المتداولة عن مراعاة الحريات وحقوق الإنسان، إذ أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الإنسان ظلت على مدى السنوات الماضية، تطالب السيسي بالتوقف عن قمع معارضيه، واعتقال الآلاف من الناشطين والصحفيين. 


المعتقلون في مصر 
بينما يتغني مسئولو نظام السيسي بأن مصر لا تعرف الاعتقال السياسي، وأن جميع المسجونين متهمون في قضايا جنائية، رصدت منظمات حقوقية وجود ما يقرب من 60 ألف معتقل سياسي في سجون السيسي بينهم علماء وسياسيين وصحفيين وحقوقيين، بالإضافة إلى البسطاء، تم تلفيق اتهامات ملفقة لهم بتهم واهية وهي نشر أخبار كاذبة، والإرهاب وتهديد الأمن. 


أيضا أكد "مرصد أماكن الاحتجاز" الصادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تردي حالة المحتجزين داخل 35 سجنا بأنحاء الجمهورية في ظل ظروف شديدة القسوة، والتعنت المتعمد من قِبَل إدارات السجون، وإصرار داخلية الانقلاب على إظهار صورة مُغايرة للواقع تُصدّرها للرأي العام من خلال الزيارات المُعدّ لها مسبقا. 
وأشارت منظمة "هيومان رايتس واتش" في تقرير لها إلى أن السجون المصرية بالرغم من الفيديوهات التي تناقلتها "الداخلية" عن السجن الجديد بوادي النطرون ، تشهد انتهاكات غير مسبوقة وأن التعذيب والحرمان من كل الحقوق القانونية أصبح منهجا مستمرا.

 

تدهور المناخ العام 
الباحث جو ستورك الناشط السياسي الأمريكي و نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" قال إن المناخ العام لحقوق الإنسان في مصر يواصل التدهور"، بسبب الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب والوفاة أثناء الاحتجاز، وكذلك القيود المتزايدة على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والحق في التجمع السلمي. 
وأوضح أن السيسي قد عاد بمصر خمسة عقود إلى الخلف في مجال حقوق الإنسان من خلال قمع سياسي عنيف وشامل لم يسبق له مثيل منذ أسوأ أيام الحكم الناصري.