كسر الجنيه حاجز الـ 19 جنيها مقابل الدولار للمرة الأولى منذ ديسمبر 2016.

واستقر سعر صرف الجنيه عند 19.0084 جنيها أمام الدولار خلال تعاملات الأمس، لينخفض بذلك بأكثر من 20% منذ مارس عندما خفض البنك المركزي قيمة الجنيه.

وكان الجنيه قد سجل أدنى مستوى له على الإطلاق في ديسمبر 2016 عندما قرر البنك المركزي تعويم الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى نحو 20 جنيهًا.

وكان عام 2016 الأسوأ في تاريخ العملة المصرية؛ إذ جرى تداول الجنيه في بداية ذلك العام في السوق الرسمي عند حدود الـ 7 جنيهات، وبحلول نهاية العام أصبح سعر صرف الدولار نحو 20 جنيهًا، لتصل خسائر الجنيه 185%.

ويأتي تدهور قيمة العملة المحلية بسبب ضغوط خارجية منها: الحرب الروسية على أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا. ويأتي أيضا - بحسب خبراء - نتيجة سياسات اقتصادية ومالية خاطئة منها التوسع في الاستدانة والاعتماد على الأموال الساخنة، والهيمنة العسكرية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وغياب أولويات الصرف والإنفاق.

وقد تسبب هذا في زيادة معدلات التضخم ليسجل أعلى مستوياته في 3 أعوام خلال هذا العام.

وتعاني مصر من فجوة تمويلية للعام الحالي تُقدَّر بنحو 32 مليار دولار مع عجز كبير في الموازنة العامة للدولة يصل إلى 558 مليار جنيه (30 مليار دولار).

كما تواجه مصر خطر نضوب احتياطياتها من النقد الأجنبي إذا لم تحصل على قروض جديدة في ظل موجة هروب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار هذا العام، حسب بيانات حكومية.

وانخفض احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 33.4 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي، هبوطًا من 41 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الماضية.

وقالت وكالة بلومبرج الأمريكية إن مصر من بين الدول النامية المهددة بالتخلف عن سداد ديونها الخارجية.

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنسبة 17% على أساس سنوي إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس الماضي، مقارنة بنحو 134.8 مليار دولار في مارس 2021.

وأعلن البنك المركزي أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج قد انخفضت بنسبة 8% على أساس سنوي في مايو لتصل إلى 2.4 مليار دولار، كما انخفضت بنسبة 23% من 3.1 مليار دولار مسجلة في أبريل.

حرب أوكرانيا بريئة

وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله أن اقتصاد مصر يعاني مجموعة من الاختلالات الهيكلية المزمنة التي لم تستطع السلطة التعاطي معها خلال الفترة الماضية.

وأوضح - في لقائه ببرنامج المسائية عبر الجزيرة مباشر- أن أهم هذه الاختلالات هو العجز الكبير في الميزان التجاري نتيجة زيادة الواردات التي لا تقابلها زيادة في الصادرات، وعدم تنويع أسواق صادرات القمح وغيره من المواد الحيوية، فضلا عن عدم تنويع السوق السياحي.

وقال إن العوامل الخارجية العالمية لأزمة الاقتصاد لا تشكل إلا حوالي 10 إلى 20% فقط من جملة الأسباب الموجودة.

وأشار إلى أن مدفوعات الدين الخارجي من أهم عوامل الضغط على الاقتصاد الآن، إذ من المقرر أن تسدد مصر حوالي 5 مليارات دولار في نوفمبر القادم، و5 مليارات أخرى في فبراير 2023، مما يشكل ضغطًا هائلًا على الاحتياطي النقدي الذي تناقص بشدة خلال الفترة الماضية.

وتابع “أعتقد أن تأخر قرض صندوق النقد الدولي وأنباء تعثر المفاوضات بشأنه بسبب اشتراط تعويم الجنيه بشكل كامل، مما سيؤدي لعدم قدرة الدولة على السيطرة على الأسعار نتيجة استيراد غالبية السلع الأساسية، كل ذلك يشكل عوامل إضافية تضغط على الجنيه المصري وأتوقع اللجوء للمزيد من الاقتراض مجددًا لسداد هذه الديون وفوائدها”.

واستطرد “المؤشرات الدولية تقول إن الدولار سيتخطى الـ20 جنيهًا قريبًا، وربما يتخطى الـ21 في نهاية العام”.

من جانبه قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة إن هناك ضغوطا على النقد الأجنبي في مصر سببها تراجع السياحة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وأكد أنه الضبط الحكومي الذي يحدث حاليًا لحركة الاستيراد مازال يحافظ على ثبات نسبي لقيمة الجنيه، لكن الضغوط على الاحتياطي الأجنبي وسعر الصرف والاقتصاد بشكل عام ستستمر طالما استمرت الحرب.

وتابع “الاقتصاد العالمي كله متأثر وجميع البنوك المركزية تقريًبا قررت رفع سعر الفائدة مما يحدث تطورات جذرية في أسواق الصرف وأسواق المال، لكن الدولة لديها الكثير والكثير من الحلول إذا ما اشتدت الأزمة”.