كشفت تقارير الأمم المتحدة، أن 17 دولة من أصل 22 دولة عربية تعيش على خط الفقر المائي، بينها 12 دولة تحت هذا الخط، و16 دولة مهددة بالجفاف بحلول العام 2040 من أصل 33 دولة حول العالم.
وأرجع البنك الدولي ذلك لأسباب تتعلق بتغيرات المناخ، والنمو السكاني السريع، وضعف البنية التحتية، والاستعمال الجائر لموارد المياه المحدودة أصلا في قطاع الزراعة، الذي يستهلك نحو 80 في المائة من حجم استخدام المياه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وحددت منظمة الأغذية والزراعة الأممية (الفاو)، نصيب الفرد الواحد من المياه العذبة بنسبة 10 في المائة من متوسط استهلاك الفرد الذي يقدر بـ 1000 متر مكعب سنويا.
وعلى مستوى العالم، فإن حوالي 1.1 مليار شخص يفتقرون إلى إمكانية الحصول على الكفاية من المياه، وسيعاني 2.7 مليار شخص من ندرة المياه لمدة شهر واحد في العام، وقد يواجه ثلثا سكان العالم نقصا في المياه بحلول عام 2025.
واستثنت الأمم المتحدة سلطنة عمان من بين الدول الخليجية الست، من “ندرة المياه” المحسوبة بمعدل 500 متر مكعب من المياه للفرد سنويا من أصل 1000 متر مكعب سنويا، تمثل حصة الفرد التي تلبي حاجاته الاعتيادية.
وتواجه مصر نقصا في حصة الفرد السنوية التي تبلغ 630 مترا مكعبا، أي أكثر بقليل من نصف الحصة السنوية المعتمدة عالميا.
وتعود أسباب نقص المياه الصالحة للاستهلاك البشري، وفي القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية إلى النمو السكاني وتغير المناخ والاستهلاك غير الرشيد، إضافة إلى عوامل تتعلق بتداعيات سد النهضة الأثيوبي، الذي يثير مخاوف مصر والسودان معا من الآثار السلبية للسد على الأمن المائي لكلا البلدين.
ولا تزال مشكلة سد “النهضة” دون حلول، ما استدعى تأكيد مؤتمر جدة للأمن والتنمية الذي عقد في 16 يوليو/ تموز الجاري، وشاركت به الولايات المتحدة، على دعم قادة الدول العشر للأمن المائي المصري وضرورة التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد في أجل زمني معقول، كما نص عليه البيان الرئاسي لرئيس مجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، ووفقا للقانون الدولي.
ورصدت مصر التي تعد من بين أكثر دول العالم جفافا وقلة في معدلات هطول الأمطار، نحو 50 مليار دولار لتنمية مواردها المائية حتى العام 2037.
يأتي ذلك ضمن أربعة محاور أعلن عنها فبراير الماضي، هي تحسين نوعية المياه ومنها إنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية.
وتنمية موارد مائية جديدة لتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر، وترشيد استخدام الموارد المائية المتاحة، ورفع كفاءة منظومة الري المصرية والتحول لنظم الري الحديثة، بغرض تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المائية المحدودة وتهيئة البيئة المناسبة.
ووفق متخصصين، فإن السعودية على سبيل المثال، استغلت على مدى ثلاثة عقود متتالية احتياطاتها من طبقات المياه الجوفية لأغراض زراعية، أدت إلى تراجع حصة الفرد من 166 مترا مكعبا في العام 1987، إلى 71 مترا مكعبا من المياه الصالحة للاستهلاك البشري في العام 2018.
ويصنف الأردن ثاني أفقر دولة في العالم بالمياه، وفق المؤشر العالمي للمياه.
ومن المتوقع أن تصل مستويات حصة الفرد الأردني 60 مترا مكعبا سنويا في العام 2040، وفق دراسات وطنية موثوقة، مقارنة بالمستوى القياسي المعتمد دوليا لخط الفقر المائي، 500 متر مكعب سنويا، بحسب رئيس وزراء الأردن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وتؤكد وزارة المياه والري، على أن حاجة الأردن من المياه تبلغ حوالي 3 ملايين متر مكعّب يوميا لكافة الاستخدامات المنزلية، والزراعية، والصناعية، والسياحية، وغيرها.
وترجح منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، فقدان نحو 4 ملايين شخص ليبي قدرتهم على الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، في حال عدم إيجاد حلول جذرية لمشكلة المياه التي حددتها المنظمة بصيانة قنوات التوزيع والآبار والسدود ومحطات النهر الصناعي.
وقبل ذلك، حذرت الأمم المتحدة من خطر الشح المائي في تقرير صدر عام 2021، حدد الدولة الليبية بأنها تعيش تحت خط الفقر المائي بنسبة تصل إلى 88 في المائة.
ويعاني أكثر من 62 في المائة من سكان اليمن من الفقر المائي والقدرة على الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.
بما فيها سوريا والعراق ومصر والسودان وغيرها من الدول التي تتميز بوجود نهر أو أكثر من نهر، لا تجد الكثير من الدول العربية حلولا مؤكدة لتفادي تداعيات الفقر المائي، الذي تشير التقارير الحكومية وتقارير المنظمات الدولية إلى تضرر معظم دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتتجه بعض الدول إلى تبني استراتيجيات بعيدة الأمد بالاعتماد على توريد المياه، مثل الأردن التي تسعى لعقد اتفاقية مع إسرائيل، أو زيادة مشاريع تحلية مياه البحر بالنسبة للدول المطلة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط أو الخليج العربي والبحر الأحمر.
وتخشى الأمم المتحدة من تحوّل ندرة المياه إلى حروب إقليمية تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وتسببت ندرة المياه والأزمات الغذائية وموجات الجفاف في عدد من الدول العربية، مثل الصومال، بحملات نزوح وهجرة جماعية من القرى والأرياف إلى مراكز المدن، ما أدى إلى زيادة في معدلات البطالة وتدنٍ في مستوى الخدمات، التي لعبت دورا في عدد من الدول في تفجّر الاحتجاجات والتسبب باضطرابات داخلية، كما في العراق والسودان ودول أخرى.
ويعتقد البنك الدولي، الذي يقدم توصيات وحلول للدول المتضررة من شح المياه، أن التعاون بين دول المنطقة قد يساهم في حل مشكلة المياه، عبر ترشيد استخدام الموارد المائية وتغيير أنماط الاستهلاك من أحواض المياه الجوفية المشتركة التي تغطي نحو 58 بالمئة من مساحة دول المنطقة.
وتتجه الأردن لمعالجة مشكلة ندرة المياه لاعتماد مشروع “الناقل الوطني لتحلية المياه والذي سينفذ بالكامل على الأراضي الأردنية”، حيث أن كميات المياه الواردة من تحلية المياه عبر الناقل الوطني ستمكن الأردن من المحافظة على حصة الفرد الحالية من المياه مستقبلا وحتى عام 2040، وهي كميات لا تكفي لزيادة أي مصادر مخصصة للزراعة والصناعة والسياحة.
ومنذ العام الماضي، بدأت السعودية تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج “البذر السحابي” (الاستمطار الصناعي) لتغيير كمية ونوع هطول الأمطار على مدى خمس سنوات، بهدف زيادة هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 20 في المائة، وهي جزء من المبادرة السعودية الخضراء لتعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة وتأمين مصادر المياه الطبيعية في السعودية.
وللخروج من أزمة المياه في ليبيا، اقترح متخصصون ضرورة التوجه إلى خطط بديلة لتأمين وتنويع مصادر الإمدادات المائية، وذلك بتركيز محطات تحلية مياه على الشريط الساحلي الذي يمتد على طول ألف و770 كيلومترا.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة الأممية (الفاو)، فإن الموارد المائية في المنطقة تتعرض لضغوط متزايدة بسبب الارتفاع السريع في الطلب وتغير المناخ وتأثير النزاعات وتصاعد التحديات الاقتصادية.
وترسم دراسة للبنك الدولي نشرت عام 2017، خطوطا عريضة لمعالجة مشكلة المياه في الدول العربية.
ويأتي ذلك من خلال تعجيل وتيرة تطوير الابتكار ونشره من أجل الإدارة المستدامة للمياه، وزيادة الوعي بين عموم السكان والتركيز على المزارعين والمستهلكين والشركات والهيئات العامة، لتحمل المسؤولية عن التغلب على ندرة المياه.