أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسة من دون تغيير في اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس الماضي، وفقًا لبيان أوضح فيه أن اللجنة أبقت سعر الفائدة على الإقراض لأجل ليلة واحدة عند 12.25%، وثبتت سعر الإيداع لليلة واحدة عند 11.25%.

وخالف قرار البنك المركزي توقعات العديد من المؤسسات المالية وبنوك الاستثمار والخبراء المحليين بتثبيت سعر الفائدة على الجنيه، والذين توقعوا في وقت سابق هذا الأسبوع زيادة سعر الفائدة باعتبار أن الخطوة تأتي في إطار موجة عالمية تحاول من خلالها السلطات النقدية السيطرة على التضخم المرتفع.

زيادة الإنتاج

"القرار منطقي واقتصادي"، حسب ما قاله مصدر مصرفي؛ معتبرًا أنه "إذا كانت البنوك المركزية العالمية ترفع سعر الفائدة بهدف مكافحة التضخم، فإن الوضع يختلف في مصر، حيث إن جزءًا كبيرًا من التضخم الحاصل حاليًا مستورد، ويرجع لأسباب خارجية بسبب زيادة سعر الأغذية والمشتقات البترولية والمواد الخام والسلع الوسيطة في الأسواق العالمية، خاصة عقب اندلاع حرب أوكرانيا وتعطل سلاسل الإمدادات، وبالتالي فإن علاج التضخم لا يكمن في زيادة سعر الفائدة وسحب السيولة النقدية من الأسواق، بل في زيادة الإنتاج والصادرات وتقوية العملة المحلية مقابل الدولار والحد من الواردات".

خروج الأموال الأجنبية

وبرأي محللين، كان الرهان على زيادة البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة لا تقل عن نصف في المائة بهدف الحفاظ على الأموال الأجنبية الساخنة المستثمرة في أدوات الدين، سواء كانت سندات أو أذون خزانة، و"هذا السبب غير قائم في ظل خروج 90% من هذه الأموال وصعوبة عودتها في الوقت الحالي، خاصة مع زيادة سعر الفائدة على الدولار وجاذبية الاستثمارات في السندات والأذون الأمريكية قليلة المخاطر ومرتفعة العائد"، وفقًا لـ"العربي الجديد".

سحب السيولة من السوق

أيضا من أسباب قرار البنك المركزي، برأي خبراء إدارة أموال واستثمارات، تثبيت سعر الفائدة، نجاح القطاع المصرفي في سحب جزء كبير من السيولة الموجودة في السوق عن طريق طرح البنكين الأهلي المصري ومصر شهادات ادخار بنسبة 18%، وهذه الشهادة جذبت 750 مليار جنيه، أي ما يزيد عن 40 مليار دولار، وجزء من هذه السيولة كان من الممكن أن يدخل سوق الصرف الأجنبي للمضاربة على الدولار، وهو ما لم يحدث في ظل سحب السيولة للقطاع المصرفي، وهذا ما شجع البنك المركزي على تثبيت سعر الفائدة دون التخوف من زيادة الطلب على العملة الأمريكية من قبل المضاربين.

عدم زيادة أعباء الدين العام

وفي كل الأحوال، فإن البنك المركزي راعى في قرار تثبيت سعر الفائدة الحرص على عدم زيادة أعباء الدين العام الذي تفاقم بشدة في السنوات الأخيرة، خاصة أن حكومة الانقلاب هي أكبر مقترض من القطاع المصرفي، وأنه في حال زيادة سعر الفائدة بنسبة 1%، فإن هذا يكلف الموازنة العامة نحو 30 مليار جنيه سنويًا كخدمة دين وفق أرقام صادرة عن مسؤولين مصريين.

وكان متوسط توقعات 17 محللًا استطلعت "رويترز" آراءهم قد أشار إلى رفع البنك الفائدة على الإيداع لليلة واحدة إلى 11.75% من 11.25% في الاجتماع الدوري للجنة، وأن يرفع سعر الإقراض 25 نقطة أساس إلى 12.5%.

ورفعت اللجنة أسعار الفائدة في الاجتماعين الماضيين بعدما أبقتها دون تغيير 18 شهرًا تقريبا، إذ رفعتها 100 نقطة أساس في اجتماع مفاجئ في 21 مارس، ونزل في اليوم نفسه سعر صرف الجنيه أمام الدولار 14%، ثم زادتها 200 نقطة أساس في اجتماع 19 مايو الماضي.

وارتفع تضخم أسعار المستهلكين في المدن إلى 13.5% في مايو من 13.1% في إبريل مع زيادة أسعار السلع الأساسية وتراجع قيمة العملة. وزاد التضخم الأساسي إلى 13.3% في مايو، مقارنة بـ11.9% في إبريل.

ويستهدف البنك المركزي مستوى للتضخم بين 5% و9%، لكنه قال الشهر الماضي إنه سيتسامح مع مستويات أعلى حتى نهاية العام.

وحذر تقرير صادر عن "ستاندرد أند بورز غلوبال" هذا الأسبوع من تأثر التصنيفات الائتمانية لعدد من الدول جراء رفع أسعار الفائدة، الذي قال إنه يضر بأوضاعها المالية الهشة بالفعل، وإن مصر وأوكرانيا والبرازيل وغانا من أكثر الأسواق الناشئة عرضة للخطر.