حصلت مصر، مؤخرًا، على زيادة في نسبة التمويل الممنوح من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، بقيمة 3 مليارات دولار، وستساعد هذه الزيادة مصر في التعامل مع أسعار القمح المتزايدة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال وزير التموين علي مصيلحي، في مقابلة مع قناة إم بي سي التلفزيونية يوم الإثنين، إنه بموجب اتفاق مع المؤسسة، التابعة للبنك الإسلامي للتنمية والتي يقع مقرها في السعودية، تمت مضاعفة إجمالي التمويل الممنوح لمصر إلى ستة مليارات دولار. ولم يكشف عن متى تم عقد الاتفاق الذي يساعد أيضًا في تغطية واردات النفط.

وقال مصيلحي إن هذا يعني أن المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة "هي الجهة التي تدفع وتغطي واردات مصر من القمح. لذلك، لا تمثل مشتريات القمح من الخارج أي ضغط على البنك المركزي".

وتصف المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، التي يقع مقرها في جدة، نفسها على أنها كيان مستقل داخل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية.

صور مختلفة

يعد الدعم أمرًا أساسيًا للدولة الواقعة في شمال أفريقيا والتي تعد من بين أكبر مشتري الحبوب في العالم، وتوظفه كحجر زاوية لبرنامج دعم الخبز الذي يستخدمه حوالي 70% من سكانها البالغ عددهم حوالي 100 مليون نسمة.

وأسهمت الحرب في أوكرانيا أيضًا في خروج تدفقات الاستثمار الأجنبي من سوق الديون المحلية، وقد تحد من زيارات السياح الروس، الذين كانوا يمثلون في السابق جزءًا كبيرًا من الوافدين الأجانب.

لتحقيق الاستقرار المالي، لجأت مصر إلى حلفائها من الدول الغنية بالنفط في الخليج العربي، حيث حصلت على التزامات بما لا يقل عن 22 مليار دولار من خلال ودائع واستثمارات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.

وتسعى مصر، التي اشترت سابقًا كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا، إلى مصادر بديلة بجانب تعزيز الإنتاج المحلي. قال رئيس الوزراء إن فاتورة استيراد القمح في البلاد من المقرر أن ترتفع إلى 4.4 مليار دولار في السنة المالية التي تنتهي في نهاية يونيو.

قال مصيلحي، يوم الاثنين، إن الحكومة اشترت 2.7 مليون طن من القمح من المزارعين المحليين منذ بداية الموسم الشهر الماضي وتستهدف أكثر من 5 ملايين طن إجمالًا. وأكد أن مصر لديها مخزونات تكفيها حتى منتصف أكتوبر.

تراجع مستهدفات النمو

وتراجعت مستهدفات النمو الاقتصادي في مصر من 6.4% إلى 5.5% خلال موازنة 2022-2023، بسبب تأثيرات مرتبطة بالأزمة الروسية الأوكرانية، وفقًا لما جاء في كلمة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، هالة سعيد أمام مجلس النواب. كذلك فإن مستهدفات التضخم سترتفع من 7% إلى 10%، أما مستهدفات البطالة فسترتفع من 7% إلى 8%.

وقال الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن خفض الحكومة المصرية لمعدل النمو المتوقع خلال العام المالي المقبل إلى 5.5%، يأتي نتيجة توقعات تراجع إيراداتها، ومنها السياحة، بعد وقف رحلات الطيران من روسيا وأوكرانيا، واللذان يمثلان 30% من إيرادات السياحة، في المقابل ارتفعت فاتورة المصروفات من استيراد القمح والبترول.

وسبق أن صرح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال مؤتمر صحفي عالمي مطلع هذا الأسبوع، أن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري تقدر بحوالي 465 مليار جنيه (25.5 مليار دولار)، مشيرًا إلى أن السياحة الروسية والأوكرانية تمثل نسبة 31% من السياحة الوافدة لمصر خلال الفترة من يوليو 2021 حتى يناير 2022.

وأضاف عبده، في تصريحات صحافية: "رغم تخفيض معدل النمو في مصر إلى 5.5% إلا أن تحقيق هذا المعدل في ظروف الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي أمرًا صعبًا للغاية"، مفسرًا رأيه بأن الاقتصاد العالمي يمر بتحديات ضخمة، وزادت صعوبتها مع الحرب الروسية الأوكرانية، مستشهدًا بالاقتصاد الأمريكي، وهو أكبر اقتصاديات العالم، ويعاني من موجة تضخم وصل لمستوى قياسي 8.9%، ونفس الأمر للاقتصاد البريطاني والذي سجل معدل تضخم 8.2%، وهو معدل خيالي بالنسبة لبريطانيا.

وأشار رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إلى أن مصر لم تخفض وحدها معدل النمو، فبدءًا من صندوق النقد والبنك الدوليين خفض توقعاته لمعدلات النمو على مستوى العالم كله، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يتوقع الصندوق أن تحقق أمريكا نموًا بنسبة 2.2%، وحتى الصين متوقع أن تحقق 6%، لافتًا إلى أن احتمالية استمرار أمد الحرب الروسية الأوكرانية وتطورات الأوضاع هناك، قد يؤدي إلى استمرار أزمة الاقتصاد العالمي ومزيد من التداعيات السلبية.

وأشار رشاد عبده إلى أن تأثير خفض معدل النمو لمصر ينعكس سلبًا على توفير فرص العمل وخفض معدلات البطالة، وانتعاش الاقتصاد المصري، مشددًا على ضرورة أن تتخذ الحكومة قرارات لامتصاص الضغوط الاقتصادية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

وانخفض معدل البطالة في مصر إلى 7.2% في الربع الأول من عام 2022، من 7.4% في الربع الأخير من 2021، بتراجع قدره 0.2% عن كل من السابق والربع المماثل من العام الماضي.