حذفت وزارة الأوقاف ورئاسة الوزراء بيانا رسميا رحب بالحوار السياسي الذي دعا إليه رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي وشبهته بالآية الكريمة “اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى” من مواقع التواصل الاجتماعي.


وكان وزير الأوقاف، مختار جمعة، قد نشر بياناً يرحب بدعوة السيسي للحوار، إلا أن جزءاً منه كان تسبَّب في ضجة؛ ما اضطر الوزارة إلى حذفه فجأة، ليقوم بعدها مجلس الوزراء المصري بحذفه أيضاً.


وقال جمعة، في البيان إن "الحوار الحقيقي يديره الخبراء والمتخصصون كل في مجاله، وأن أفق الحوار السياسي له رجالاته، والشأن الاقتصادي له خبراؤه، والديني له علماؤه".


وأضاف جمعة أن "ما يخرج عن حدود اللياقة والأدب اسمه أي شيء غير أن يكون حواراً".


وتابع أنه "لا يمكن أن يُنجح الحوار غير من يؤمن به ويؤثر مصلحة الوطن العليا على ما سواها".


وبيّن وزير الأوقاف إن "أي حوار لا بد له من هدف وغاية يسعى إليها، وأسس محددة يبنى عليها، ومجالات محددة يدور فيها، فثمة حوار بين الأديان، وآخر بين الثقافات، وثالث سياسي أو اجتماعي، وقد يكون الحوار خاصًا حول قضية محددة أو عامًا مفتوحًا للتعرف على مجمل الرؤى المجتمعية أو الوطنية".


واستدرك جمعة "أن يريد شخص ما أن يقحم نفسه في كل مجالات الحوار، سواء أكان متخصصًا فيها أم غير متخصص، إن دُعِيَ رضي وأشاد، وإن لم يُدع سخط وحكم بفشل الحوار مسبقًا، فهو ما لا يستقيم معه حوار".


وقال: "الحوار الناجح هو القائم على الحق، المبني على الصدق، لا على الكذب، ولا التزييف، ولا السفسطة، ولا المغالطة، ولا مجرد المغالبة لذات المغالبة. فالحوار لا يعني الشقاق، ولا يمت للعصبية العمياء بصلة، ولا يرمي الناس بالإفك والبهتان، ولا يخرج عن الموضوعية إلى غيرها قصد إحراج المحاوَر، أو إسكات صوته بالباطل، كأن يحاور شخص شخصًا آخر في قضية فكرية فإذا هو يتحول إلى هجوم شخصي عليه أو على أسرته أو قبيلته أو حزبه أو دولته، عجزًا منه عن مقارعة الحجة بالحجة، وهروبًا من الموضوعية التي لا قِبَل له بها إلى السباب والفحش الذي قد لا يجيد غيرهما".


وانتقد معارضون بيان وزير الأوقاف ورأوا فيه مجرد محاولة لدعم النظام بأي شكل من الأشكال، والهجوم المسبق على المعارضين، وأنه لا دخل لوزارة الأوقاف المسؤولة بحسب القانون عن الشؤون الدعوية، وشؤون الوقف فقط دون التدخل في السياسية.


لكن النصف الآخر من البيان الذي كان يهدف بالأساس إلى الترويج لحوار السيسي، يبدو أنه اشتمل على فقرة، كانت السبب وراء حذف البيان فجأة من قبل الوزراة، وبعدها مجلس الوزراء، إذ أن البيان وفي سياق الحديث عن أهمية الحوار المزعوم، استشهد بآية من القرآن الكريم، قائلا: "ألم يقل الحق سبحانه وتعالى لسيدنا موسى وهارون (عليهما السلام): "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"، فأمرهما الحق سبحانه وتعالى أن يقابلا طغيان فرعون بالحكمة والموعظة الحسنة، والقول اللين الحسن، وألا يقابلا طغيان جبروته بمثل فعله أو لغته".


وأثار استشهاد وزير الأوقاف بآية عن فرعون وطغيانه، سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مغردون أنه "بمثابة اعتراف من قبل وزير الأوقاف بأن السيسي، طغى كفرعون"، وهو ما دفع وزارة الأوقاف إلى حذف البيان، ثم بعدها قامت الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء بحذفه بعد ذلك بساعات، دون أي توضيح، وكأن شيئاً لم يكن.