ماذا قد يفعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد الاحتفال بيوم النصر؟ سؤال يبحث عن إجابة منذ ما يقرب من 75 يومًا، وتحديدًا منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي وقت بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، وانطلقت في إثره توقعات كثيرة من الخبراء والمحللين.

والمراد بيوم النصر هو يوم 9 مايو عام 1945، الذي وقّعت فيه ألمانيا خطاب استسلامها في الحرب العالمية الثانية في مقر القيادة الروسية في برلين، وهي الحرب التي قُتل فيها ما يقدر بنحو 27 مليون مواطن سوفييتي بين عامي 1941 و1945، وهو يوم مشهور وعطلة بارزة في التقويم الروسي، يتم فيه استعراض ضخم للقوات والأسلحة عبر الميدان الأحمر أمام الكرملين. ويقول المسؤولون إن بوتين يريد الاحتفال بانتصار من نوع ما في حربه في ذلك اليوم.

واكتسبت احتفالات يوم النصر في عهد بوتين أهمية متزايدة وكان يهدف من وراء ذلك إلى استعادة روسيا ما فقدته من قوة عسكرية واقتصادية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ووقوع روسيا تحت ظلم وإهانة الغرب، إلى الحد الذي وصف فيه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما روسيا بأنها "لا تعدو كونها قوة إقليمية ليس إلا".

ويبدو أن بوتين أراد، وهو يطلق ما أسماه بعمليته الخاصة، أن يحتفل بيوم النصر على النازية الألمانية وعلى أوكرانيا التي وصف الطبقة الحاكمة فيها بالنازيين الجدد.

 

سيناريوهات متعددة

ويرى المحلل المتخصص في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، أن الرئيس الروسي سيحاول الاستفادة من الأهمية الرمزية ليوم النصر؛ للإعلان عن أمور تحسّن من شعبيته مستقبلًا، في ظل حرب اقتصادية أخرى اقتربت تداعياتها من أن تنعكس على الروس".

وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات صحفية أن "العالم ربما يشهد في الأيام القادمة التحدث عن خطط للتصعيد"، وهو ما بدا في العديد من عبارات بوتين التي كانت تحمل تهديدًا مبطنًا لأمريكا والغرب. ويتابع أن بوتين "شديد الاعتزاز بمثل هذه المناسبات، فهو شن غزو أوكرانيا في اليوم التالي لعيد المدافع عن الوطن، وهو يوم عسكري آخر حاسم في روسيا".

وأوضح المحلل السياسي أن من ضمن السيناريوهات المتوقعة لما بعد يوم النصر، أن "الرئيس الروسي يمكن أن يعلن ضم الأراضي الانفصالية لوغانسك ودونيتسك في شرق أوكرانيا، كما توجد مؤشرات على أن روسيا قد تخطط لإعلان وضم جمهورية شعبية جديدة في خيرسون كأول مدينة سيطرت عليها موسكو بشكل كامل وتعمل على فرض الروبل فيها".

وتشير بعض السيناريوهات أن بوتين يمكن أن يعلن الحرب على أوكرانيا بعد أن كان يزعم أن الصراع محدود وهدفه فقط اجتثاث النازية من أوكرانيا.

فيما تذهب بريطانيا وعلى لسان وزير دفاعها، بن والاس، إلى توقع سيناريو إعلان روسيا التعبئة الشاملة والحرب الشاملة ضد النازية في جميع أنحاء العالم وهو ما ينفيه الكرملين وتصفه روسيا بالهراء.

وقد يكون من السيناريوهات المتوقعة السيطرة على مصنع أزوفستال للصلب، الذي يتحصن فيه نحو ألفي جندي أوكراني، خاصة بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، اليوم، أن القوات الروسية تجري عملية لاقتحام مصنع آزوفستال بمساعدة المدفعية والدبابات.

 

الاحتماء من القصف 

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن رئيس المجلس الأوروبي اضطر للاحتماء من القصف أثناء زيارة مفاجئة لأوكرانيا.

ويعتبر مصنع أزوفستال هو آخر النقاط التي لم تسقط في ماريوبول، جنوب شرق أوكرانيا، في أيدي القوات الروسية، وربما يكون النصر الذي تحدث عنه الرئيس الروسي بوتين يقصد به سقوط المصنع في أيدي القوات الروسية.

وكان الكرملين قد صرح، الجمعة الماضية، أن الاحتفال بيوم النصر في ماريوبول آت، فعلّق الرئيس الأوكراني، فولوديمير زلينيسكي، على ذلك قائلًا: "إن مدينة ماريوبول لن تسقط في أيدي القوات الروسية".

وأعلنت "كييف"، يوم الإثنين، عن مقتل نائب قائد البحرية الأوكرانية إثر استهداف مروحيته بصاروخ روسي، من دون ذكر تفاصيل.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن بلاده لن تدع روسيا "تستأثر بالانتصار على النازية" عام 1945، مضيفًا: "نحن نعتز بأسلافنا الذين هزموا النازية مع شعوب أخرى في إطار التحالف ضد هتلر"، ومؤكدًا: "انتصرنا آنذاك وسننتصر الآن".

ونظمت روسيا اليوم عرضًا عسكريًا كبيرًا احتفالًا بـ"يوم النصر"، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن جيش بلاده يدافع عن "الوطن الأم" في أوكرانيا، وأن روسيا كانت تواجه "تهديدًا غير مقبول إطلاقًا".