قال إيمانويل ماكرون في كلمة ألقاها قرب برج إيفل في باريس مساء الأحد عقب فوزه بولاية رئاسية جديدة بتغلبه على منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بـ 58.8 بالمئة من الأصوات مقابل 41.2 حسب تقديرات أولية، إنه سيسخر كل طاقاته خلال الولاية الجديدة "من أجل خدمة بلدنا وشبابنا".

وأضاف أمام حشد من أنصاره: "إن الولاية الجديدة لن تكون استمرارًا لسابقتها بل انطلاقة جديدة لرفع التحديات، على غرار الدفاع عن البيئة وفرض المساواة بين الرجال والنساء ومن أجل مجتمع أكثر عدالة".

 

أوّل رئيس يعاد انتخابه منذ 20 عامًا

فاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على منافسته اليمينية ماري لوبان، بفارق مريح وحصل على فترة ولاية ثانية، وتجنب ما كان يمكن أن يكون زلزالاً سياسيًا.

وحصل ماكرون على 58.2% من الأصوات مقابل 41.8% لمنافسته زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان، وفق تقديرات أولية.

أعيد الأحد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسًا لفرنسا لولاية ثانية تمتدّ على خمس سنوات، بعدما تغلب على منافسته مارين لوبن، التي حققت أعلى نتيجة لمرشح يميني متطرّف في انتخابات رئاسية منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958.

وماكرون (44 عامًا) وهو مرشح حزب "الجمهورية إلى الأمام"، هو أول رئيس فرنسي يُعاد انتخابه لولاية ثانية خلال 20 عامًا، منذ إعادة انتخاب جاك شيراك عام 2002.

 

"رئيس الأثرياء"

وُصف ماكرون بـ"رئيس الأثرياء" خصوصًا بسبب قرارين اتخذهما في بداية ولايته ولم يقبلهما اليسار أبدًا وهما إلغاء الضريبة على الثروات وتخفيض إعانات السكن.

وأثارت مواقفه الخلافية بشأن مسائل عدة وممارسته العمودية للسلطة استياء جزء من الفرنسيين الذين اعتبروا أنه بعيد جدًا عن واقع حياتهم اليومية والصعوبات المادية التي يواجهونها في نهاية كلّ شهر.

وجراء أعمال العنف خلال تظاهرات "السترات الصفراء" وتعامل قوات الأمن مع المتظاهرين إضافة إلى معاملة المهاجرين (الأفغان والسوريين والسودانيين...) بشكل "مهين" وفق منظمات غير حكومية دولية ووطنية خصوصًا في كاليه (شمال)، فقد ماكرون بشكل نهائي جزءًا من اليسار رغم أنه التيار السياسي الذي يتحدر منه.

وخسرت لوبان للمرة الثالثة في مسيرتها انتخابات رئاسية. ولم تفلح مرة جديدة في تجاوز العتبة الكبيرة التي يمثلها انتصار اليمين المتطرف في فرنسا، لكن بحصولها على نتيجة مرتفعة، تضع لوبان عائلتها السياسية وأفكارها الراديكالية بشكل أكبر في صلب الساحة السياسية الفرنسية.

وتحصد لوبان ثمار استراتيجية طويلة اتّبعتها منذ عقد لـ"نزع شيطنة" صورتها، فقد خففت حدة خطابها وبدت بمظهر المرشحة القريبة من مخاوف الفرنسيين، حتى أنها رفضت وصفها بأنها من اليمين المتطرف، رغم أنه في الواقع لم يتغيّر برنامجها، خصوصًا في ما يخصّ الهجرة.

وكانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها في عموم فرنسا الأحد، حيث يحق لـ48.7 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين ماكرون ومنافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان.

 

رئيس للجميع

أعلن ماكرون في خطاب الفوز، خلال احتفال قرب برج إيفل في باريس، أن تصويت الناخبين ضد حزب التجمع الوطني "يلزمني للأعوام المقبلة"، لكن توجه ايضا الى معارضيه قائلا "لست رئيس فريق انما رئيس الجميع".

وقال ماكرون: "أعلم ان عددا من مواطنينا صوتوا لي اليوم ليس دعما للافكار التي أحملها بل للوقوف في وجه (أفكار) اليمين المتطرف"، مضيفا "هذا التصويت يلزمني للأعوام المقبلة". وأضاف أنه لا بدّ من "إعطاء أجوبة" للذين دفعهم "الغضب والاختلاف في الرأي" للتصويت الى أقصى اليمين

أشاد الحلفاء على الفور بفوز ماكرون يوم الأحد باعتباره بمثابة إرجاء للسياسات السائدة التي اهتزت في السنوات الأخيرة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب عام 2016 وصعود جيل جديد من القادة القوميين.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل على تويتر "برافو إيمانويل". "في هذه الفترة المضطربة، نحتاج إلى أوروبا قوية وفرنسا ملتزمة تمامًا باتحاد أوروبي أكثر سيادة واستراتيجية."

 

لا توجد فترة سماح

لكن ليس من المتوقع أن تكون أمام ماكرون فترة سماح، حتى ولو قصيرة، بعد أن صوّت كثيرون، وخصوصاً من اليسار، له على مضض فقط لمنع اليمين المتطرف من الفوز. وربما تندلع مرة أخرى وبسرعة كبيرة الاحتجاجات التي شابت جزءاً من فترته الرئاسية الأولى بينما يحاول المضي قدماً في الإصلاحات المؤيدة للشركات.

وقال وزير الصحة أوليفييه فيرون لقناة (بي.إف.إم) التلفزيونية "لن نفسد الانتصار... لكن حزب (لوبن) سجل أعلى نتيجة له على الإطلاق". وأضاف "سيكون هناك استمرار لسياسة الحكومة لأن الرئيس انتُخب لفترة جديدة. لكننا سمعنا أيضاً رسالة الشعب الفرنسي"، متعهداً بالتغيير.

ستتأثر طبيعة فترة ماكرون الرئاسية الثانية بمدى قوة نتائج الانتخابات البرلمانية في يونيو. وقالت لوبن إنها تسعى لإيجاد كتلة قوية موحدة في البرلمان بينما قال جان لوك ميلينشون اليساري المتشدد إنه يريد أن يكون رئيس الوزراء، وهو أمر من شأنه أن يجبر ماكرون على "تعايش" محرج يشوبه ركود سياسي.