تصدّرت روسيا قائمة الدولة الأكثر تعرضًا للعقوبات في العالم منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. ومنذ 22 فبراير تضاعف عدد العقوبات ضد الأفراد والكيانات الروسية التي فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول مختارة مثل سويسرا والمملكة المتحدة واليابان بأكثر من الضعف، مقارنة بالعقوبات التي فرضت على روسيا قبل 22 فبراير، وفقًا لقاعدة البيانات العالمية Castellum.ai لتتبع العقوبات، وفقًا لـ"CNN".
 
 
ووفرت لوحة معلومات Castellum.AI بيانات موحدة عن عقوبات روسيا التي تحدث يوميًا. وقسّمت البيانات عقوبات روسيا كما كانت قبل وبعد 22 فبراير. ففي 21 فبراير اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانفصاليين في دونيتسك ولوهانسك بوصفهم مستقلين، وبعدها ردت أمريكا وحلفاؤها في 22 فبراير بأول ما سيصبح آلاف العقوبات بعدها. وغزت روسيا رسميًا أوكرانيا في 24 فبراير.
 
 
الأكثر عقوبات
 
 
قبل 22 فبراير كانت روسيا في المرتبة الثانية كأكثر الدول تعرضا للعقوبات بـ 2754 عقوبة، أما بعد يوم 22 فبراير أصبحت روسيا هدفًا لـ 3646 عقوبة جديدة ليصل مجموع العقوبات لـ 6400، لتصبح روسيا أكبر دولة في العالم تتعرض للعقوبات.
 
 
وجاءت إيران في المركز الثاني بـ 3616 عقوبة نشطة حسب قائمة Castellum.AI. وتم فرض هذه العقوبات في العقد الماضي بسبب برنامجها النووي المثير للجدل وأنشطتها الإرهابية.
 
 
وفي المركز الثالث سوريا بـ 2608 عقوبة نشطة، بعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان منذ بداية الأزمة السورية.
 
 
وحلّت كوريا الشمالية رابعًا بـ 2077 عقوبة، وفنزويلا خامسًا بـ 651 عقوبة، وميانمار سادسًا بـ 510 عقوبة، وكوبا سابعًا بـ 208 عقوبة.
 
 
ومن أكثر الدول التي فرضت عقوبات على روسيا ( حسب كل دولة أصدرتها منذ سنة 2014) هي أمريكا بـ 1229 عقوبة، وتنوعت عقوبات البيت الأبيض بحظر كامل على الكيانات الدفاعية الروسية، وضوابط التصدير التي تستهدف تكرير النفط، ومنع الطائرات الروسية من دخول واستخدام الأجواء الأمريكية الداخلية.
 
 
وتأتي كندا بعد أمريكا في أكثر الدول التي فرضت عقوبات على روسيا بـ 965 عقوبة، والاتحاد الأوروبي بـ 926، وفرنسا بـ 920، وسويسرا بـ 824، وأستراليا بـ 684، وبريطانيا بـ 664، ثم اليابان بـ 188 عقوبة.
 
 
أما الدول التي فرضت عقوبات على روسيا منذ 22 فبراير وحتى 15 مارس 2022 فهي كالتالي: الاتحاد الأوروبي بـ 678 عقوبة، وفرنسا بـ 672 عقوبة، وسويسرا بـ 568 عقوبة، وكندا بـ 511 عقوبة، وبريطانيا بـ 464 عقوبة، وأستراليا بـ 430 عقوبة، وأمريكا بـ 278 عقوبة، ثم اليابان بـ 47 عقوبة، وفقًا لموقع castellum.ai.
 
 
الحرمان من امتيازات الدولة الأولى
 
 
أعلنت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء 15 مارس، حرمان روسيا من امتيازات الدولة الأولى بالرعاية ردًا على انتهاكاتها، وفقًا لـ"العربية".
 
 
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أعلن، الجمعة 11 مارس، أن الدول الصناعية السبع الكبرى ستلغي وضع "الدولة الأولى بالرعاية" الممنوح لروسيا، وأعلن فرض حظر أمريكي على المأكولات البحرية والكحول والألماس الروسي في أحدث خطوات لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.
 
 
ويعرف شرط الدولة الأولى بالرعاية بأنه حكم يرد في معاهدة، توافق بموجبه دولة ما علـى مـنح الشـريك المتعاقـد معاملة مساوية لتلك التي تمنحها لدول أخرى (عدم التمييز).
 
 
وقالت مصادر بالإدارة إن البيت الأبيض سيعمل مع النواب على إصدار تشريع لإلغاء وضع روسيا.
 
 
وتشمل أهم الواردات الأمريكية من روسيا المعادن والأحجار الكريمة والحديد والفولاذ والأسمدة والمواد الكيماوية غير العضوية، وكل هذه السلع قد يتم فرض تعريفات جمركية أعلى عليها بمجرد قيام الكونجرس بإصدار تشريع يلغي وضع الدولة الأولى بالرعاية لروسيا. ومبدأ التبادلية وعدم التمييز يسود حاليًا غالبية العلاقات التجارية بين الدول.
 
 
ومن شأن حرمان روسيا هذه الوضعية أن يتيح لشركائها التجاريين أن يفرضوا عليها رسومًا جمركية أعلى تتخذ شكل عقوبات على الصادرات الروسية.
 
 
يعتبر شرط الدولة الأولى بالرعاية من المبادئ المألوفة في القانون الدولي العام ويعبر عن المساواة في المعاملة.
 
 
وانتقل هذا المبدأ إلى الاستثمارات الدولية بحكم مطالبة المستثمرين المالكين لرؤوس الأموال بالمعاملة العادلة بينهم وبين باقي المستثمرين الآخرين دون تمييز أو انحياز.
 
 
يعتبر شرط الدولة الأولى بالرعاية بمثابة ضمانة للمستثمر عندما ينتقل من بلد إلى آخر للاستثمار وهو ما كرسته قوانين الاستثمار والاتفاقيات الدولية.
 
 
حظر السفر ومصادرة الأموال
 
 
فرضت بريطانيا، الثلاثاء 15 مارس، مجموعة من العقوبات الجديدة على شخصيات روسية منها وزير الدفاع سيرغي شويغو ونائب رئيس مجلس الأمن القومي ديمتري مدفيديف، كما أعلنت حظر سفر وزير الدفاع الروسي مع تجميد أرصدته لديها وفقًا لـ"العربية".
 
 

 

وقال الاتحاد الأوروبي، في اليوم نفسه، أنه يعتزم أن يفرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا خلال الساعات القادمة، مؤكدًا أن العقوبات الجديدة سوف تطال 600 رجل أعمال روسي.
 
 
وصرح وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، في 13 مارس، بأن الدول الغربية جمدت 300 مليار دولار من الذهب الروسي واحتياطي النقد الأجنبي.
 
 
فيما أكد بنك التسويات الدولية، الخميس 11 مارس، أن البنوك الدولية تدين بأكثر من 121 مليار دولار على كيانات روسية.
 
 
وكشف بنك التسويات - الذي علق عضوية روسيا - أن البنوك الأوروبية لديها أكثر من 84 مليار دولار من إجمالي المطالبات، وتبلغ الديون المستحقة على روسيا لإيطاليا 25.3 مليار دولار، وفرنسا بـ 25.1 مليار دولار، والنمسا بـ 17.5 مليار دولار، وأمريكا 14.6 مليار دولار، وفقًا لـ"CNN".
 
 
وخرجت عشرات الشركات والمؤسسات من روسيا عقب غزوها أوكرانيا، ويعتبر بنك غولدمان ساكس هو أول بنك غربي كبير يخرج من روسيا بعد غزو أوكرانيا، ويتوقع أن يتبعه العديد من البنوك مما سيكلفها خسائر قد تصل إلى عشرات المليارات.
 
 
المقاطعة وهجرة الشركات
 
 
واستجابت الشركات العالمية الكبرى لدعوة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بإغلاق شركاتها في روسيا، فقد دعا "شركات التكنولوجيا العالمية، مايكروسوفت وأوراكل وساب، إلى إنهاء خدماتها في روسيا والمساعدة في وقف الحرب".
 
 
واستجابةً لمثل هذه النداءات، واستنكارًا للحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، أوقفت الشركات الكبرى مثل عمالقة التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا وناشري ألعاب الفيديو، أعمالها مع روسيا ردًا على غزوها لأوكرانيا.
 
 
أثر هذه العقوبات
 
أكد رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، في كلمة ألقاها خلال مؤتمر نظمته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية "أن العقوبات المفروضة على روسيا سيكون لها تأثير على الناتج العالمي، أشد من تأثير الوضع في أوكرانيا الذي سيكون أثره آنيّا".
 
 
وعلى سبيل المثال، انخفضت قيمة سهم سبيربنك، أكبر بنك في روسيا وهو متداول في سوق لندن، كانت قيمة السهم قبل 24 فبراير 14 دولارًا، وانخفض بعد العقوبات إلى 1 سنت فقط! وفقًا لوكالة "تاس".
 
 
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، موضحًا أثر العقوبات التي فرضها الغرب ضد روسيا "إننا نرى أن الروبل الروسي قد طرح أرضًا وأن تصنيف روسيا الائتماني وصل إلى الصفر بشكل رئيس، وبلغ الحضيض، إذا جازت لنا تسميته كذلك. ونحن نرى أن سوق الأسهم الروسي في حالة انهيار، كما نرى أن جميع الشركات الرائدة تقريبًا في روسيا تهاجر بشكل جماعي"، واستطرد بلينكن "كل هذه الأشياء تحدث، وهي تحدث في الوقت الحالي".
 
 
الخلاصة أن هذه العقوبات بالتأكيد مدمرة وتستطيع أن تشل الاقتصاد وتفلس الشركات وتحرق مدخرات الملايين من الشعب الروسي، وبوتين أدرك ذلك عندما قال إن هذه العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «أشبه بإعلان الحرب».