تحدث فضيلة الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أمام قضاة المحكمة الهزلية، بينما تظهر آثار الحبس الانفرادي والاضطرابات الناتجة منه على وجهه وجسده وطريقة كلامه.


وتحدث نائب المرشد العام لهيئة المحكمة عن انتهاكات عدّة يتعرض لها، كمنعه من التواصل مع محاميه، وحبسه في زنزانة انفرادية وحده، لا تُفتح إلا لثوانٍ لتسليم الوجبة، وأحياناً يُلقى له الطعام من نافذة باب الزنزانة (النضَّارة).


ليس هذا كل ما أبلغه د. محمود عزت للقاضي، بل أضاف أن قوات الأمن تعصب عينيه خلال الطريق من الزنزانة إلى قاعة المحكمة.


وكان فضيلته (77 عاماً) قد اعتقل  بتاريخ 28 أغسطس 2020 م، وأُيِّد حكم بالسجن المؤبد بتاريخ 19 ديسمبر الجاري، بتهمة ملفقة بـ"التخابر مع حركة حماس" بعد إعادة الإجراءات.


ويجرّم القانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتباره مرجعية في المسائل القانونية المتعلقة بالأزمات الإنسانية، التعذيب في شكل الحبس الانفرادي المطول والإهمال الطبي المتعمد، وجرّمته كذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 1984 وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).


وعرّفت قواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء، أن الحبس الانفرادي هو "حبس السجناء لمدة 22 ساعة أو أكثر في اليوم دون أي سبيل لإجراء اتصال ذي معنى مع الغير". وعرّفت مفهوم الحبس الانفرادي المطول بأنه "الحبس الانفرادي لمدة تزيد على 15 يوماً"، ونصت على أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تصل القيود أو الجزاءات التأديبية إلى حد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو العقوبة اللاإنسانية"، كذلك نصت على "حظر مجموعة من الممارسات، منها الحبس الانفرادي إلى أجل غير مسمى، والحبس الانفرادي المطول. وألا يستخدم الحبس الانفرادي إلا في حالات استثنائية أو كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة، وبمقتضى تصريح من سلطة مختصة"، وأفادت بـ"عدم جواز أن تتضمن الجزاءات التأديبية أو تدابير التقييد منع السجناء من الاتصال بأسرهم".


لذا تعتبر المواثيق والمعاهدات الدولية أن الحبس الانفرادي واحد من أقسى الجزاءات التي يمكن تطبيقها على السجناء، وتعتبر شكلاً من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية واللاإنسانية في حالة الحبس الانفرادي المطول والحبس الانفرادي غير محدد الأجل لما يسببه العزل الكامل من آثار نفسية خطيرة. كذلك جاء في بيان إسطنبول بشأن استخدام الحبس الانفرادي وآثاره عام 2007 أن "العزل الكامل للحواس بالاقتران مع العزل الجسدي الكامل، يمكن أن يحطم الشخصية ويشكل شكلاً من أشكال المعاملة اللاإنسانية التي لا يمكن تبريرها بمقتضيات الأمن أو بأية أسباب أخرى".


وبالمخالفة للدستور والقانون والمعاهدات والمواثيق الدولية، يستخدم الحبس الانفرادي في السجون المصرية بشكل تعسفي في حالة تأديب المسجونين الجنائيين، ويستخدم بشكل منهجي للانتقام من الخصوم والمعارضين السياسيين والتنكيل بهم وعقابهم، فالعديد من المحتجزين والمسجونين لأسباب سياسية يستمر حبسهم الانفرادي لمدد غير محددة ولشهور طويلة، بل أحياناً ما يمتد لسنوات دون الالتفات إلى ما نص عليه الدستور والقانون بشأن تنظيم مدد الحبس الانفرادي.


إذ ينصّ قانون تنظيم السجون المصري، رقم 396 لسنة 1956 في المادة الـ (43) منه على أن "الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجون هي: الإنذار والحرمان من كل أو بعض الامتيازات المقررة لدرجة المسجون أو فئته لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، وتأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر، إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد، وتنزيل السجين إلى درجة أقل من درجته في السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر، إن كان محكوماً عليه بالحبس أو بالسجن، ولمدة لا تزيد على سنة إن كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد. والحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً. ووضع المحكوم عليه بغرفة خاصة شديدة الحراسة لمدة لا تزيد على ستة أشهر، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة الداخلية".