باتت الدواعي الأمنية التي تتحكم في إرجاء سير العدالة، ممثلة في نقل المتهمين إلى جلسات محاكماتهم، أو تعطيل وسائل الاطمئنان عليهم سواء بجواب أو بتعذر نقلهم للجلسات لدواعٍ أمنية، تتحكم أيضًا في إرجاء جلسات العلم في الجامعات المختلفة.


حيث كشف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، عن تفاصيل تأجيل اجتماع رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، داخل مكتب رئيسة قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، بعد اعتراض الأمن على إقامته بدعوى عدم إخطاره به قبل أسبوعين من عقده.


السيد كتب، في منشور عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تفاصيل الواقعة: "بعد الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؛ فوجئت بأن اجتماع رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة مع الأستاذة الدكتورة العزيزة رئيسة قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة... قد تأجل، حيث أبلغتني الزميلة العزيزة بأن الأمن في جامعة القاهرة يشترط إبلاغه بالاجتماع قبل أسبوعين من عقده، وطبعا لا بد للزميل المحترم رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة الأميركية من أن يظهر ما يثبت شخصيته عند بوابة الجامعة، فموافقة الأمن الذي يحرس البوابة ضرورية حتى يتمكن من دخول الجامعة".


ولفت السيد إلى أن المؤتمر "لو تم سيكون علنيا ومفتوحا لجميع أساتذة وطلبة العلوم السياسية الراغبين في الحضور، ويمكن أن تكون به ترجمة إلى اللغة العربية"، وتابع: "أرجو من القراء والقارئات أن يحيطوني علما بأي جامعة أخرى في العالم تضع مثل هذه الشروط لقيام أساتذة الجامعة بدورهم في التعاون العلمي وتبادل الخبرات مع أساتذة الجامعات الأخرى".


وبمناسبة ما كتبه مصطفى كامل السيد، عن التدخلات الأمنية في الأنشطة العلمية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تذكر أستاذ القانون والدستور المصري نور فرحات ما حدث معه من موقف مشابه في التسعينيات، برعاية مركز حكم القانون والنزاهة في لبنان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.


وروى الفقيه الدستوري "اشتركت مع قاض مصري جليل وقضاة وفقهاء عرب في دراسة عن أوضاع القضاء في العالم العربي. كانت الدراسة تتعرض للقضاء في مصر والمغرب ولبنان. وفقا للتقاليد العلمية المرعية كان من المفترض أن تناقش دراسة كل بلد في مجتمع أكاديمي بالدولة المعنية. رتبت مع العميدة وقتئذ الدكتورة مني البرادعي علي تنظيم الندوة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكان من المفروض أن تنظم في كلية الحقوق ولكن الجهات الراعية رأت ذلك. كان هناك زميل في كلية الاقتصاد قسم العلوم السياسية يتولى الترتيبات، ذهبت في اليوم المحدد للكلية فلم أجد إعلانًا واحدًا عن الندوة، وأرشدوني لقاعة يجلس فيها خمسة أشخاص منهم موظفو الكلية. تناقش الخمسة لمدة نصف ساعة وانصرفوا، قيل لي هذه هي تعليمات الأمن أن تعقد الندوة في صمت. وقد كان. هذه دولة العلم الصامت لاعتبارات أمنية".