هناك عدد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، بدءا من تناول الكثير من الملح، وصولا إلى تعاطي المشروبات الكحولية. ونظرا لأن أمراض القلب لا تزال السبب الرئيس للوفاة في العديد من دول العالم؛ من المهم أن تدرك جميع المخاطر المسببة لهذه الأمراض.
في تقرير نشرته مجلة "بست لايف" (best life) الأميركية، تقول الكاتبة كالي كولمان: إن مجموعة من الباحثين اكتشفوا في دراسة حديثة عاملا مسببا لأمراض القلب والأوعية الدموية غالبا ما يتجاهل معظم الناس خطورته.
الوقوفُ لوقت طويل
وفقا للدراسة التي أجريت عام 2017 ونُشرت في "المجلة الأمريكية لعلم الأوبئة"؛ يشكل الوقوف لمدَدٍ طويلة خطرًا على صحة القلب تماما مثل الجلوس لمدَدٍ طويلة.
وقد حلل الباحثون في هذه الدراسة بيانات أكثر من 7 آلاف و300 موظف على مدار 12 عاما، كانوا يعملون 15 ساعة على الأقل في الأسبوع، ولم يكونوا مصابين بأي نوع من أمراض القلب في بداية الدراسة.
وخلص الباحثون إلى أن أولئك الذين عملوا في وظائف تتطلب الوقوف لمدَدٍ طويلة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنة بأولئك الذين كان عملهم يتطلب الجلوس لأطول مدّة.
الوقوف طوال اليوم يعرقل نشاط القلب
يقول الباحثون: إن تجمع الدم في الأطراف السفلية وزيادة الضغط الوريدي والإجهاد التأكسدي هي الأسباب الرئيسة الثلاثة التي تجعل الوقوف لمدَدٍ طويلة سببا في الإصابة بأمراض القلب.
ويقول بيتر سميث -الباحث بمعهد العمل والصحة في مدنية تورونتو، والمؤلف الرئيسي للدراسة- تعليقا على نتائج الدراسة: "عند الوقوف لمدّة طويلة من الوقت، يميل الدم إلى التجمع في القدمين ويصعب على القلب ضخّ هذا الدم مرة أخرى إلى أعلى الجسم".
ويضيف الدكتور سميث: "إذا كان قلبك يعاني من مشكلة في ضخ الدم إلى أعلى الجسم، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على الأوردة. مع مرور الوقت، تزيد هذه العوامل من خطر الإصابة بأمراض القلب".
مراجعة نمط بعض الوظائف
في نهاية الدراسة، وجد الباحثون أن احتمالات الإصابة بأمراض القلب بين الموظفين الذين يتطلب عملهم الوقوف لمدَدٍ طويلة مماثلة لأولئك الذين يستهلكون النيكوتين يوميا أو الذين يعانون من السمنة، وهما من أبرز العوامل المسببة لأمراض القلب والأوعية الدموية.
وذكر الباحثون في الدراسة أن "الوظائف التي تنطوي على الوقوف طويلا تمثل عامل خطر كبيرًا على القلب والأوعية الدموية، وغالبا ما يتم تجاهل مدى خطورته".
ويشمل ذلك وظائف مثل الصرّافين وموظفي البنوك والنّادلين، والتي تتطلب الوقوف أكثر من 8 ساعات في اليوم، ويقول سميث: إن دراسته تُظهر أنه ينبغي إجراء تغييرات في نمط عمل هؤلاء الأشخاص.
ويتابع سميث: "إذا أدركنا أن الوقوف لمدّة طويلة يضر بالصحة، ربما أكثر من الجلوس لمدّة طويلة، فيتعين علينا إعادة النظر في إجبار بعض العاملين على الوقوف لمدَدٍ طويلة خلال أداء وظائفهم".
الجلوس طوال اليوم خطيرٌ أيضا
وفقا لجمعية القلب الأميركية، قد يؤدي الجلوس لمدَدٍ طويلة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري، ويزيد احتمالات الوفاة. في هذا السياق، يؤكد البروفيسور سميث أن المراوحة بين الجلوس والوقوف أثناء العمل هي الحل الأنسب لتجنب المخاطر الصحية.
ويقول في هذا السياق: "إذا كنت في بيئة تسمح لك بتغيير وضع الجسم على مدار اليوم، فهذا أمر جيد"، فإذا كانت وظيفتك تتطلب منك الوقوف باستمرار، اجلس عندما تشعر بالتعب، وإذا كانت تتطلب الجلوس، عليك أن تقف من وقت لآخر.
لكن الدكتور سميث يحذر من أن الوقوف بين الحين والآخر لا يكفي لتعويض نمط الحياة الصحي، والذي يقتضي الكثير من النشاط لتجنب مختلف التأثيرات السلبية.