قالت صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية إن تطبيق المراسلة المشفر "أنوم" (ANOM) الخاص بالشرطة سيسجل ضمن أهم النجاحات التكنولوجية للشرطة؛ إذ مكن مكتبَ التحقيقات الفدرالي الأميركي وقوات الشرطة -في عدة بلدان- من تحقيق "صيد" تاريخي، حيث جمعوا خلاله وخزنوا كمًّا هائلا من المراسلات بعد إقناع المجرمين في جميع أنحاء العالم باستخدامه.

ورأت الصحيفة أن البراعة في هذا العمل لا تكمن في التكنولوجيا المستخدمة فقط؛ بقدر ما تكمن في الهندسة الاجتماعية المستخدمة لزرع "حصان طروادة" هذا لدى المستهدفين، رغم أن الدوائر الإجرامية تعتمد -منذ عدة سنوات- طرقا في الهواتف المشفرة تمكنها من التواصل بعيدا عن متناول السلطات.

مطور تائب
وأشارت الصحيفة إلى أن تفكيك شركة "فانتوم سكيور" -المتخصصة في تصميم أجهزة "بلاكبيري" الفائقة الأمان للمجرمين في عام 2018 وحظر أداة اتصال المافيا الشهيرة "سكاي إي سي سي" بعدها بفترة وجيزة- خلق فراغا في السوق؛ فانتهز خبراء مكتب التحقيقات الفدرالي الفرصة، وقدموا فكرة ملئه بحل بديل مصمم خصيصا كي يسمح لهم بالتسلل إلى هذه الشبكات.

ولجأ المكتب -حسب الصحيفة- إلى مطور في هذا المجال؛ ليبني له بنفس الطريقة نظاما من الأجهزة المشفرة، وذلك مقابل وعد بتخفيض عقوبة السجن وشيء من المال، فقام هذا المطور باستعادة هاتف ذكي وإزالة الميزات التقليدية واستبدالها بتطبيق المراسلة المشفر "أنوم"، وأضاف إلى الهاتف برمجية تتيح -في الوقت الفعلي- للسلطات فك تشفير جميع الرسائل والصور التي سيرسلها المستخدمون في المستقبل.

ولخلق الثقة في مرحلة الاختبار الأولى؛ ذهب المطور لنفس "شبكة الموزعين" الخاصة "بفانتوم سكيور"، ليعرض في البداية 50 نموذجا للبيع في السوق الإجرامي الأسترالي، اعتبارا من أكتوبر/تشرين الأول 2018، واشترط للحصول على جهاز -كآلية متقنة للتسويق- أن يكون ذلك "تحت رعاية" مجرم آخر لتعزيز الثقة.

سباق تكنولوجي
وفي الوقت نفسه -كما تقول الصحيفة- تم تنسيق شائعات لإلقاء الشك على نظام "صفر" (Ciphr) المنافس، لتتوسع قاعدة مستخدمي أنوم بسرعة متزايدة وتعبر القارات بعد بداية بطيئة، حيث تم استخدام هذا الهاتف من قبل مئات المجرمين في صيف 2019، مما مكن الشرطة من جمع وتخزين 27 مليون رسالة من 11 ألفا و800 جهاز في 100 دولة.

غير أن هذه الجولة التي فازت بها الشرطة كانت -حسب الصحيفة- مجرد خطوة واحدة في السباق التكنولوجي بينها وبين والمجرمين، إذ يقول ديفيد وينبرغر -مدير مرصد الجريمة الدولي في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي- إن التواصل بطريقة آمنة هو القضية الرئيسية.

ولذلك يتوقع وينبرغر أن يكون المجرمون قد حاولوا بالفعل إيجاد حلول أخرى، مثل شبكات جديدة تعتمد قمرا صناعيا أو غير ذلك، مشيرا إلى أن "هناك شبكات محلية الصنع في المكسيك تسمح بتجنب استخدام الشبكات التقليدية"، خاصة أن الموارد المالية متوفرة وبعض المجموعات تستثمر ملايين الدولارات في البحث والتطوير التكنولوجي.