رغم مرور 8 سنوات على رحيله، إلا أن ذكرى الحاج محمود شكري بين تلامذته وأبنائه من جماعة الإخوان المسلمين بقيت حية إلى اليوم.. فإلى اليوم ينشر الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من دعائه المأثور الذي دأب على ترديده وإخوانه “اللهم ارزقنا نفوسا مطمئنة ترضى بقضائك وتقنع بعطائك وتخشاك حق خشيتك ولا حول ولا قوة إلا بك”.
يحكي عنه الآستاذ جمعة أمين -رحمه الله- على قبره يوم وفاته في 8 يناير 2010، فيقول: “55 عاما عاشها الراحل الحاج محمود شكري دعوة وجهاد وثبات بعد أن حكم عليه الظالمون في عهد عبدالناصر بالإعدام”، ويشاء الله أن يكتب للرجل مثوبة من عهد الانقلاب وجلاديه، فأرسل كبيرهم في 2014، قوة أمنية ضخمة مكونة من 18 مدرعة و12 سيارة جيش إلى منزل الراحل محمود شكري بالورديان للقبض عليه!
يقول عنه د.عصام العريان في مقال بعد رحيله: “الحاج محمود على عكس الحاج عباس، قليل الكلام، لكنه باسِمَ الثغر دائمًا، كان مربيًا من الطراز الأول، يربِّي الإخوان عن طريق القدوة العملية والأسوة الحسنة، وهذا ما نحتاجه اليوم بعد أن تحوَّلت التربية إلى تثقيف، ويا ليته يُثمر فكرًا منيرًا أو علمًا نافعًا، بل نحن في أمسِّ الحاجةِ إلى مراجعته كله”.
ويضيف: “كان رحمه الله متواضعًا، يأسرك بمبادرته إلى خدمتك وأنت في سنِّ أولاده، وعاش في السجون طويلاً، فكان صابرًا محتسبًا صامدًا، ودخل السجن كذلك وسط الشباب بعد ذلك، وهو في سنِّ آبائهم أو حتى أجدادهم، فيسارع في خدمتهم، ويعمل من أجل راحتهم، ويخفِّف عنهم ألم فراق الأسرة والآباء والإخوة، فكان لهم الأب والجد والصدر الحنون.. لم يكن خطيبًا ولا متحدثًا مثل الحاج عباس السيسي، ولكنه كان حلو المعشر، أشرف على “دار الدعوة” بالإسكندرية؛ حيث نشر مئات الكتب التي عرَّفت الناس بفكر الإسلام ومنهج الإخوان.
التنوُّع الذي رأيناه في الإسكندرية بين تلك الشخصيات العظيمة هو ذلك التنوُّع الذي يزيد الإخوان قوةً، خاصةً إذا جمع تلك القلوب حبٌّ عميقٌ في الله تعالى وأخوَّة صادقةٌ لا تشوبها شائبةٌ واحترام قويٌّ لنظام الإخوان، الذي يحقِّق قوة الرابطة وينظِّم توظيف كافة الطاقات”.
من هو؟
في المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بقصر الدرب الأحمر تعرف “شكري” علي الإمام حسن البنا وهناك تعرف علي رفيق عمره عباس السيسي الذي كان يعمل بورش سلاح الصيانة وكان “شكري” يعمل ببحرية الملك.
وانتقل شكري مع يخت الملك “المحروسة” إلي مالطا في رحلة صيانة وهناك كان له موقفه المشهور بالآذان في ميناء مالطا، حيث كان الإمام حسن البنا يداعبه بين رفاقه ويقول لهم: “هذا محمود الذي أذن في مالطا”.
وشارك في العمل الدعوي مع الإخوان بالإسكندرية منذ انتقاله إليها حيث كان للإخوان شعبة رئيسية بالمنشية وكان رئيسها محمد جميعي وكان مقر المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالإسكندرية بشارع منشا ثم انتقل إلى مقر آخر بشارع الإسكندراني بمحرم بك ، وقد عاود العمل بعد خروجة من المعتقل حتي صار رئيساً للإخوان بالمحافظة.
أسس الراحل دار الدعوة وهي دار نشر أسست في الإسكندرية في سبعينيات القرن الماضي.
شارك “شكري” في حرب فلسطين مع كاسحة الألغام المصرية “غزة” تحت قيادة ضابط سوري، وقضى في الخدمة هناك شهرًا واحدًا وافق شهر رمضان.
الناجي من الإعدام
وللحاج محمود شكري تاريخ طويل مع الاعتقال وحبل المشنقة، حيث اعتقل للمرة الأولى في 1949 بمعتقل أبي قير، وهناك شارك “شكري” الإخوان في إصدار مجلة خاصة للمعتقل، حيث كان يحرر قصة العدد وتعرف في أبي قير على الدكتور أحمد العسال، وبعد خروجه من المعتقل تم نقله من بحرية الملك إلى القوات البحرية.
واعتقل في عام 1954 ضمن آلاف الإخوان المسلمين بعد حادثة المنشية الشهيرة، وحكم عليه بالإعدام لأنه كان عسكريًا فلم تتحمل زوجه النبأ فماتت لتوها، ثم خرج “شكري” في عام 1958.
وأعيد اعتقاله في عام 1961 وخرج من السجن في عام 1970، ثم اعتقل في إبريل 2003، ضمن حملة شملت أعضاء المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالإسكندرية وأفرج عنه بعدها بشهرين.
دعاء كان الحاج محمود شكري يوصي بترديده وحفظه
شهادة الأستاذ جمعة أمين عن الحاج محمود شكري