رابعا : بيت المقدس ….لمحة تاريخية:
أدرك المسلمون أهمية هذه المكانة الدينية الرفيعة للمسجد الأقصى وبيت المقدس وعلاقتهما الوثيقة بالعقيدة الإسلامية .فعملوا علي ضمها مبكرا إلى الدولة الإسلامية فكانت بيت المقدس قبل الفتح الإسلامي لها تحت سلطة الرومان من 63 ق.م وحتى 634م أي حوالي 700 سنة.
في موتة كانت البداية :
وبدأ النبي ص جهاد الروم في ارض الشام وتحرير بيت المقدس في غزوة موته سنة 8 هـ واستشهد فيها القادة الثلاثة ؛ زيد بن حارثة ،وجعفر بن ابي طالب ، وعبد الله بن رواحه ،فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في غزوة تبوك سنة 9 هـ في شهر رجب ، وجبن الروم عن منازلته فعقد اللواء لأسامة بن زيد بن حارثة قبيل وفاتة ، وجعل وجهته الي ارض فلسطين والقدس .
بيت المقدس في عهد الراشدين:
وتوفي رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل ان يخرج الجيش فاقترح بعض الصحابة علي خليفته ابي بكر تأجيل بعث اسامة فكان رده عليهم: كيف أحل راية عقدها رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟! والله لأنفذ بعث اسامة الي فلسطين ولو لم يبق في المدينة غيره لأنفذته. وأتبع أبو بكر الصديق بعد أن أخمد حركة المرتدين بعث اسامة بقوافل المجاهدين بقيادة يزيد بن ابي سفيان ، وابي عبيدة ابن الجراح ،و شرحبيل بن حسنة ، وعمرو بن العاص ،وخالد بن الوليد ، ومات ابو بكر وخلفه عمر بن الخطاب في دعم المجاهدين ، وانكسرت شوكة الروم في ارض الشام بعد معركة اليرموك 15 هـ وفي النهاية ذهب عمر بن الخطاب ليتسلم مفاتيح بيت المقدس في شهر صفر سنة 16 هـ ،ـــ وقيل 15 هـ ـــ وشارك في الفتح نحو من أربعة آلاف من الصحابة الكرام وصدح صوت بلال بن رباح فيها بالأذان وكان قد امتنع عن الأذان منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد فتحت صلحا وعقد عمر بن الخطاب عهد الصلح الذي عرف باسم (العهدة العمرية) التي تمثل مرتكز الارتباط السياسي والحق الشرعي للمسلمين في القدس وفلسطين ،جاء فيها : “بسم الله الرحمن الرحيم،هذا ما أعطى عبد الله أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان ،/ اعطاهم أمانا لأنفسهم و اموالهم ولكنائسهم وصلبانهم سقيمها وبريئها وسائر ملتها ، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم ،ولا ينتقص من حيزها ولا من صليبهم ، ولا من شيء من أموالهم ، ولا يكرهون على دينهم ،ولا يضار أحد منهم ، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود ……………”
وقد عمد عمر إلى السير إلى منطقة الحرم التي كانت خرابا تاما في ذلك الوقت ، وزار موقع الصخرة المشرفة وامر بتنظيفها ، كما أمر بإقامة مسجد في الجهة الجنوبية من الحرم الشريف عرف حتى الآن بمسجد عمر بن الخطاب .
ومن بعدهم الأمويون :
وواصل الأمويون تعمير بيت المقدس بعد الراشدين ،فقاموا بتعمير منطقة المسجد الاقصي تعميرا يتلاءم مع عظمة واستقرار الدولة الفتية ؛ في مشروع حضاري إسلامي بدأ في عهد عبد الملك بن مروان ،وتمثل في بناء قبة الصخرة المشرفة ، وتواصل هذا المشروع مع ابنه الوليد ابن عبد الملك بن مروان في بناء المسجد الاقصي وترميمة وإصلاحه .
88 عاما من الاحتلال الصليبي :
وبقي المسجد الأقصى وبيت المقدس تحت يد المسلمين خمسة قرون كاملة حتي جاءت الحملات الصليبية وبدأت عام 1096م ، واستمرت حتى 1293م(7 شعبان 492هـ )، واغتصب الصليبيون بيت المقدس، وعقدوا مؤتمرا سنة 1099م قرروا فيه قتل سكان المدينة بالكامل ، فقتلوا اكثر من 70 الفا من سكانها ، لم يرحموا شيخا ولا طفلا . ونقل المؤرخ المسيحي غوستاف لوبون عن الكاهن لوبوي ريموند داجيل ـــ بعد أن ذكر خبر ذبج عشرة آلاف مسلم في مسجد عمر بن الخطاب ــ الوصف الآتي: “لقد أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان ، وكانت جثث القتلي تعوم في الساحة هنا وهناك ، وكانت الأيدي والأذرع المبتورة تسبح كأنها تريد ان تتصل بحثث غريبة عنها …وقال ” لم يكتف الفرسان الصليبيون الأتقياء بذلك ، فعقدوا مؤتمرا أجمعوا فيه علي إبادة سكان القدس من السلمين واليهود وخوارج النصاري الذين كان عددهم نحو ستين الفا، فافنوهم عن بكرة أبيهم في ثمانية أيام ،ولم يستثنوا امرأة ولا ولد ولا شيخا “0
وحرره صلاح الدين:
وبعد88 عاما من الاحتلال الصليبي وفي 27رجب 583هـ تحرر المسجد الاقصي علي يد الناصر صلاح الدين، وظلت القدس إسلامية طيلة عهد الأيوبيين والمماليك والعثمانيين ،حتى مهد الإنجليز بين عامي 1918- 1948 م لتمكين اليهود من أرض فلسطين ، بعدما أبادوا قطاعا ضخما من سكان فلسطين ، وفتحوا باب الهجرة علي مصراعيه أمام الجماعات اليهودية .
بيت المقدس في التاريخ الحديث:
وفي عام 1947 م صدر قرار مجلس الأمن لتقسيم فلسطين بين العرب واليهود ،
وفي 17 مايو 1948 اعلن اليهود إقامة كيان صهيوني علي ارض فلسطين وسارعت امريكا وروسيا بالاعتراف بها ، واستولي اليهود علي 78% من ارض فلسطين .
وفي عام 1967 دارت حرب يونيو التي رفعت فيها شعارات كثيرة إلا الشعار الإسلامي انهزمت الدول العربية ، وامتد سلطان اليهود فاحتلوا الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وصحراء سيناء والجولان، وسقط ذلك كله خلال ساعات بعدما خلا الميدان من رجال الإيمان وحملة القرآن ، ثم صدرقرار مجلس الأمن 242 داعيا إلي العودة إلي ما قبل 5يونيو 1967.
وفي عام 1973 حدثت حرب رمضان وتخطي الجنود المسلمون قيادتهم وصاحوا : الله اكبر واقتحموا ببنادقهم القليلة خط بارليف وولي اليهود امامهم هاربين كالجرذان وتآمروا علي هذا النصر واصدر مجلس الامن القرار رقم 338 لوقف الحرب دائما ، ودعا مرة ثانية إلي تنفيذ القرار رقم 242
وفي عام 1978 كانت النهاية المأساوية لحرب رمضان فأضاعوا فيها دم الجندي المصري باتفاقية السلام بين السادات وبيجن
وفي عام 1980 تم اعلان القدس عاصمة موحدة وأبدية للكيان الصهيوني ،وبدأت الكثير من الدول تفكر في نقل سفاراتها إلى القدس .
لمن نشكو مآسينا
ومن يصغي لشكوانا ويجدينا
قطيع نحن والجزار راعينا
ومنفيون نمشي في أرضينا
ونحمل نعشنا قسرا بأيدينا
ونعرب عن تعازينا لنا فينا