حدثت في الأيام الأخيرة دعوة للإضراب العام والعصيان المدني في مصر، وكلف مجلس الشعب لجنة لتقصي الحقائق بشأن مذبحة بورسعيد، كما أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانا لشعب مصر مساء أمس، كما تفاعلت في الساحة قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، وعلى المستوى الإقليمي صعد النظام السوري جرائمه ضد شعبه وارتفع بذلك عدد الشهداء والمصابين الذين يسقطون كل يوم في ظل دعم مادي وسياسي من بعض الدول إلى حد استخدام الفيتو في مجلس الأمن لتعطيل قرارات تدين النظام وتحاول حماية الشعب السوري .

ويعبر الإخوان المسلمون عن رأيهم في هذه الأحداث كما يلي :


أولا : الشأن الداخلي :


· انتشرت دعوة للإضراب العام والعصيان المدني في مصر ابتداء من اليوم السبت 11/2/2012م في ذكرى تنحي الرئيس المخلوع تهدف إلى تعطيل السكك الحديد والنقل والمواصلات والمطارات والمواني والمصانع والجامعات والمدارس والبنوك وتدعو إلى عدم سداد المستحقات الحكومية (ضرائب – فواتير المياه والكهرباء والغاز) كل ذلك من أجل رحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة إلى المدنيين فورا، والإخوان يرون أن هذه الدعوة إنما هي دعوة لتفكيك البلاد وهدم الدولة وشل جميع مرافق الحياة، ولا يمكن قبولها خصوصا وأن البلاد تعاني من تدهور شديد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والخدمية وتدعو جميع المصريين إلى رفضها وعدم التجاوب معها، بل تدعو إلى مزيد من العمل والجهد والعرق والإنتاج، أما قضية تسليم السلطة من المجلس العسكري إلى سلطة مدنية منتخبة فنحن مع إتمامها في أسرع وقت ممكن وضغط الفترة الانتقالية الباقية على أن تتصف الإجراءات بالدستورية، وحتى لا يحدث فراغ أمني يؤدى إلى فوضى عارمة في البلاد، ونحن نرى الشرطة عاجزة عن القيام بواجباتها، لذلك لابد أن تتواجد جميع المؤسسات الدستورية المنتخبة أولا حتى يتسنى لها تسلم السلطة والاستناد إلى الشرعية الشعبية والدستورية .

· أما بالنسبة لكارثة بورسعيد فقد كلف مجلس الشعب لجنة لتقصى الحقائق قامت بواجبها خير قيام، وسوف تقدم تقريرها النهائى للمجلس غدا ليتسنى له اتخاذ الإجراءات المناسبة لضخامة الجريمة وحتى لا يفلت مجرم ولا متآمر، وهذا خلاف لما حدث فى الكوارث السابقة ( ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء) حيث لم يعلم الشعب كله أى شيء عن لجان تقصى الحقائق عنها ولم يعرف من الجانى وبالتالى لم يتخذ أى إجراء ضده، وهذا يدل على دور مجلس الشعب فى الاهتمام بحماية الشعب والبلاد.

·  أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بياناً مساءً أمس نناقش عناصره فيما يلي : تكلم البيان:

o أولاً عن دور الجيش فى حماية الثورة بعد الانحياز لها والمشاركة فى توفير الأمن بعد انسحاب الشرطة وإطلاق البلطجية والمسجونين، وحماية الانتخابات البرلمانية التى أثمرت مجلس شعب منتخباً بطريقة حرة ونزيهة، وهذا كله معروف ومقدر من الشعب الذى أقر بشراكة الجيش له فى الثورة ورفع شعار (الشعب والجيش يد واحدة) .

o ثانياً تحدث البيان عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية فى العاشر من مارس 2012 ولكنه سكت عن تحديد موعد إجراء هذه الانتخابات، وهذا ما تطالب به جموع الشعب وتريد أن يتم فى أقرب وقت ممكن، وإعلان هذا الأمر سوف يقلل من الاحتقان ويمتص كثيراً من الغضب، وهذا ما ندعو المجلس العسكرى إلى الاستجابة له وتحديد موعده .

o ثالثاً: تكلم البيان عن المخططات والمؤامرات التى تستهدف ضرب الثورة وتقويض مؤسسات الدولة بهدف إسقاطها لتسود الفوضى ويعم الخراب، وإذا جاز للمواطن العادى المراقب للأحداث أن يقول هذا الكلام ، فإنه لا يجوز مطلقاً أن يصدر من المجلس العسكرى الذى يمتلك السلطة التنفيذية وكان لعهد قريب يمتلك السلطة التشريعية، وكم بُحت أصوات المخلصين الوطنيين فى مطالبته بالشفافية والوضوح في الكوارث التي وقعت في الأشهر الأخيرة في ماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء وأن يتم القبض على المجرمين الفاعلين مباشرة وعلى الداعمين والمحرضين من وراء ستار وتقديمهم إلى المحاكمة لإيقاع أشد العقاب القانوني بهم ، ولو فعلوا ذلك من أول مرة لوئدت هذه الفتنة ولما تكررت هذه المآسي التي راح ضحيتها مئات الشهداء والمصابين .

o رابعا : تكلم عن محاولات لبث الفتنة والوقيعة بين الشعب وقواته المسلحة ونود أن نطمئن الجميع أن هذا لن يحدث – بإذن الله – لأن الشعب المصري يحب جيشه ويقدره وهو على استعداد للتضحية من أجل توفير كل احتياجات الجيش ولا يمكن أن يختلف معه لأن الجيش إنما هو جيش الشعب وأفراده هم أبناء الشعب وإخوته ، وليس معني أن يقع خلاف سياسي بين القوى الوطنية – كلها أو بعضها – وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يمكن أن يتحول إلى خلاف بين الشعب والجيش .

· تفاعلت قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في الساحة وارتفعت نبرة التهديدات الأمريكية بقطع المعونة وربما بتوتر العلاقة بين البلدين ، ونحن نرى أن هذه القضية طالما أصبحت في ذمة القضاء فلا يصح لأحد مصري أو أجنبي أن يتدخل فيها ، خصوصا وأن قضاءنا قضاء شامخ نزيه يحظى منا بكل الثقة .

كما أننا في نفس الوقت ندعم منظمات المجتمع المدني التي تستهدف مصالح البلد ، وتتبنى أجندة وطنية ، ولا تخضع لإبتزاز أو أهداف خارجية ، وتحترم القانون وتلتزم بالشفافية .

ثانيا : الشأن الإقليمي والدولي :


·  لا يزال النظام الوحشي الإرهابي في سوريا يمارس جرائمه في قتل شعبه مستخدما كل الأسلحة الثقيلة في هدم المنازل على رؤوس أصحابها دون تفريق بين الأطفال والنساء والشيوخ وكذلك استخدام أبشع وسائل التعذيب ضد المعتقلين ، والمؤسف أن يقف العالم كله متفرجا على هذه الجرائم ضد الإنسانية ، والأدهى من هذا قيام بعض الدول الإقليمية بدعم هذا النظام المجرم ، وقيام روسيا والصين باستخدام الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن لدعم الشعب وإدانة النظام واتخاذ عقوبات ضده .

والإخوان المسلمون يطالبون الحكومة المصرية بطرد السفير السوري من القاهرة وسحب سفيرنا من دمشق وتقديم الدعم الممكن للسوريين اللاجئين في البلدان المجاورة وهذا أضعف الإيمان .

كما يدعون الجيش السوري أن يرفض أوامر القيادة بالعدوان على الشعب ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، كما يناشدون الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عقد مؤتمر عالمي لعلماء المسلمين لمساندة الشعب السوري ماديا ومعنويا حتى تحقيق النصر – بإذن الله تعالى -.

القاهرة في :  19 من ربيع الأول 1433هـ الموافق 11 من فبراير 2012م