احمد المحمدي المغاوري
 
قال تعالي (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) الأنعام...من هم المجرمون ؟
 
المجرمون طائفتين لا ثالث لهما، طائفة المستكبرين وطائفة المستضعفين" ذكرهما الله في كتابة الحكيم فقال"وبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا من عذاب الله من شيء قالوا لو هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن َّمحِيصٍ(21) إبراهيم. وتشتد المواجهة والمحاجاة بينهم فيلقون باللوم لبعضهم البعض ويتبرأ كل منهم من الآخر قال تعالي "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ(32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33 )سبأ.ورحمة بنا استثنى ربنا سبحانه من المستضعفين طائفة فقال تعالى" إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا"(98) النساء وأظنها الكتلة الصامتة الخائفة أو الفارة بدينها أو من التنكيل بها،لكن يبقى للحق رجال "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا[الأحزاب23 ]
 
- وعن المجرم الأول وهو المستكبر السيد الآمر الناهي في قومه،القائد الطاغية من أكابر القوم قال تعالى" وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123 الأنعام)عاثوا في دولهم وشعوبهم ظلما وفسادا،ينظرون لمن دونهم أنهم عبيد أما هم:فهم الملوك والسادة،يحاربون الله ورسوله وأوليائه فرأيهم نافذ لا نقاش فهم أصحاب الكلمة المسموعة وكما قال الفرعون من قبل"قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" فالخَلْقُ والأرضُ مُلكه هو وحده يقول الفرعون" وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51 الزخرف) أأنتم عمي!
 
وفي مصر المحروسة!!"المسروقة" يتكرر المشهد الأليم ويأتي فرعونٌ صغير ذلك السيسي الانقلابي فيقتل ويحرق ويسجن الأبرياء ويستحي النساء في رابعة والنهضة وميادين مصر ويصدر قرارات بالإعدام على الرئيس الشرعي محمد مرسي وإخوانه ليفتري الكذب عليهم ،ويطلب التفويض متشبها بالفرعون الكبير.قال تعالى عنه "وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ"
 
إن المجرم الأول لم يُقدم على إجرامه وفساده وانقلابه إلا بتأييد وتفويض من مطيته التي ركبها وداس بها على مصر وشرفائها.وهو المجرم الثاني
- والمجرم الثاني هم كارهي الحق المرجفون أزلام المجرم وأياديه.من" قضاة السلطة والشبيح البلطجي وجنود الشرطة والعسكر ومن أصحاب المال ورجال الأعمال الفاسدين أصحاب المصالح وهؤلاء مثلهم  كمثل قارون وهامان وجنود فرعون،فهم التكأة التي عليها يصول ويجول المجرم الفرعون فهم أياديه التي يبطش ويقتل بها وهذا المجرم يدَّعي أنه مُستضعف يقول أنا"العبد المأمور" فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا "[ رواه مسلم ] لقد قال جلاد الإمام أحمد بن حنبل ذات يوم اعذرني يا شيخ فإني ضعيف فقال له الإمام:لولاك ما ظلموا" فلولا المجرمون هؤلاء ومن فوض للسيسي ومحمد إبراهيم لقتل أصحاب الحق والشرعية ما تجرأ الفرعون على فعلته فاستخف بهم الفرعون ببيانه وكلامه المعسول وإن من البيان لسحرا فأطاعوه فقد أعطاهم الوعود حين طلبوا القرب منه ووعدهم بالمال وبالمنصب،فأطاعوه لأن أنفسهم دنيئة وكارهي الحق جاحدين به وكانوا قوما فاسقين" قال الله عنهم ﴿إِنَّ الْمجْرِمِينَ في عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـلِدُونَ (74) لا َيُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَـهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ هُمُ الظَّـلِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَـمَـلِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّـكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَـكُم بِالْحَقِّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـرِهُونَ (78 ) الزخرف. لم يكن اللفظ  كافرون بالحق ولكن كارهون له فقط .وفي هذا يقول الشيخ الشعراوي يرحمه الله.إن الحق سبحانه يقرر لنا حقائق ثلاث عن المجرمين: أنهم خالدون في العذاب فهو عذاب ممتدٌّ لا نهاية له، ثم{ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} يعني:لا يُخفف عنهم { وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } يعني: متحسِّرون يائسون من النجاة، يائسون من الخير لا أملَ عندهم في الخروج منها،وهكذا جمع عليهم كلَّ جوانب الألم والحسرة واليأس وقَطْع الرجاء ا.ه.
 
ذلك لأنهم كرهوا الحق وجحدوه.واختصروا الوطن في الفرعون الذي يدمر مستقبل البلاد والعباد ففرحوا بالسيسي كما فرحوا من قبل بعبد الناصر والسادات ومبارك فأي خيبة هذه!! نسختهم واحدة تتكرر باعوا دينهم بعرض من الدنيا يقولون للفرعون تقربا وتملقا. قال تعالى"وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ".127( الأعراف)
 
ومشهد النهاية اقترب لهؤلاء ولهؤلاء والجزاء من جنس العمل ،فقد كانوا يسخرون و يتلذذون بتعذيب أهل الحق إرضاء لملوكهم.  فكُشِفَ عنهم الغطاء فجاء الوعد الحق.فلا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وسيسدل الستار على الفرعون الخائن "السيسي"عن قريب كما أسدل على كل طاغية متكبر عتل في الأرض،وكما هي نهاية الطواغيت من قبل قال تعالى"فكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون"(40 العنكبوت).سينتصر الحق وسيزول الباطل عن قريب "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" .فماذا نظن بالله؟ أتظنون أن دماء الشهداء واعتقال وتعذيب الشرفاء وتشريد ومطاردة الأتقياء وهتك أعراض النساء وسرقة أموال الأنقياء وتسفيه العلماء.ومعاداة الأولياء.أوقد غفل عن ذلك رب الأرض والسماء.أبدا."﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43ابراهيم).إنما هو الإملاء.وأملي لهم إن كيدي متين.ودعهم يفرحون"إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون} 29(المطففين) فمصر تفرح على جثث أبنائها وضياع مستقبلها ومواردها وقبل ذلك دينها على يد الثنائي المجرم من العسكر السادة وعبيد البيادة. فليفرح هؤلاء المجرمون قليلا فسيبكوا كثيرا هناك ، يوم الحساب .وقد بشرهم الله فقال"إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ. يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ"(47-48القمر) وللحديث بقية ويبقى السؤال عن المجرمين كما سأل القران " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟