صادق أمين
ما أروع أن نحيا بقلب حي يلهج بذكر الله صباح مساء شكرا وحمدا و أنَّى لنا هذا إذا لم يكن لنا حظ من التأمل و التفكر في نعم الله علينا ؟ ؛ لنتخلص من الألفة القاتلة لنعم الله علينا وها هو رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ خير من حمد و شكر ؛ فتعالوا نتدبر أحد أدعيته نستضيء بها طريق الحمد لله .
فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ إذا خرج من الخلاء قال : ( الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته و دفع عني أذاه ) .
فيا ترى ماذا يقصد رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
إنه يقول ( الحمد لله الذي أذاقني لذته )
يقصد الطعام الذي تأكله ؛ فلست معنيا بمتابعة رحلة اللحم أو التفاح ـ مثلا ـ ما بين الفم و المعدة و الأمعاء إلى أن يدفع خارج الجسم ، و لك أن تتخيل لو أن الله كلفك إدارة أجهزة الفم ؛ بمعني أن تأمر القواطع لتقطع و الأضراس لتطحن و اللسان ليقلب وينبغي لك أن تحدد كمية اللعاب والتأكد من تمام المضغ و عدد مرات التقليب ، ثم تقيس بعد كل دورة أو دورتين مدى الصلاحية لقذفه إلى البلعوم وتتضاعف المشقة إذ عليك إجراء الاتصال بالمخ ليأخذ القرار وتحمل رسائل منه إلى كلٍ من لسان المزمار و البلعوم و الاثنا عشر ليُفتح الطريق إلى المعدة .
يا الله ؛ أنّى لك أن تلتذ بطعم اللحم أو التفاح وأنت غارق في إدارة كل هذه العمليات ؟ ؛ فصدق رسول الله ( الحمد لله الذي أذاقني لذته ) .
( وأبقى فيّ قوته )
فأنت تتناول الطعام لما يحتويه من عناصر غذائية للجسد ، فهل من سبيل لاستخراجها بيديك ؟ و إن كان لك هذا ، فكيف سيتم توزيعها على كافة أعضاء الجسم ؟ و كيف تتعرف متطلبات كل عضو من العناصر الغذائية ؟ و ما آلية الاتصال بالدم ؟ وكيف ستشرح له خطة العمل وخط السير لتوزيع العناصر الغذائية ؟ مع التنبيه على إعطاء كل عضو النوع والكمية المناسبة له ؟ بل ما الوصفة السرية التي يصير بها الطعام لحما أو عظاما أو عضلات أو طاقة ؟
ياالله أنّي لك هذا ؟ ؛ فهو أمر يفوق التصور و القدرة ؛ فصدق رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: ( و أبقى فيّ قوته ) .
( و دفع عني أذاه )
بولا أو برازا مما يبقي بعد استخلاص العناصر الغذائية من الطعام ؛ فهي أذى بل سموم قاتلة تهدد الجسم بالهلاك إذا لم تُدفع خارجه ، وأذكر أن أخا حكي لي تجربته مع احتباس البول داخله إذ انتفخ جسمه عدة أيام ، وقال لي طبيب أن رجلا مات بسبب إمساك بعد عدة محاولات للتخلص منه ، فقل لي ما الحل إن لم يأذن الله بهذا ؟
أخي الكريم هذه نعمة واحدة والله يقول : ( وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ؛ ننعم بها ليل نهار وقد تكفل الله بإيجادها و عملها حتى نفرغ له سبحانه فنشكره و نحمده كثيرا كثيرا وليعلم من لا يعلم أن درجة إيمان الفرد يعكسها شعوره و حساسيته تجاه فضل الله عليه ولذا وصى الله ـ عز و جل ـ آل داود ـ عليه السلام ـ فقال : ( اعملوا آل داود شكرا و قليل من عبادي الشكور ) ، فكن أخي صاحب قلب حي يقدر نعم الله ويحمده عليها و يشكره كما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد قال الله تعالى : (و إذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم إن عذابي لشديد ) الرعد / 7.