في ظلال القرآن - آيه و معنى - إعداد " نافذة مصر " - من كتاب " في ظلال القرآن " لـ المفكر الإسلامي " سيد قطب "


من وردك القرآني اليوم .. الجزء الثانى


سورة البقرة
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214)


التفسير .. الظلال ..
214 الإبتلاء والمحن سنة الدعوات
وتنتهي هذه التوجيهات التي تستهدف إنشاء تصور إيماني كامل ناصع في قلوب الجماعة المسلمة . . تنتهي بالتوجه إلى المؤمنين الذين كانوا يعانون في واقعهم مشقة الاختلاف بينهم وبين أعدائهم من المشركين وأهل الكتاب , وما كان يجره هذا الخلاف من حروب ومتاعب وويلات . . يتوجه إليهم بأن هذه هي سنة الله القديمة , في تمحيص المؤمنين وإعدادهم ليدخلوا الجنة , وليكونوا لها أهلا:أن يدافع أصحاب العقيدة عن عقيدتهم ; وأن يلقوا في سبيلها العنت والألم والشدة والضر ; وأن يتراوحوا بين النصر والهزيمة ; حتى إذا ثبتوا على عقيدتهم , لم تزعزعهم شدة , ولم ترهبهم قوة , ولم يهنوا تحت مطارق المحنة والفتنة . . استحقوا نصر الله , لأنهم يومئذ أمناء على دين الله , مأمونون على ما ائتمنوا عليه , صالحون لصيانته والذود عنه . واستحقوا الجنة لأن أرواحهم قد تحررت من الخوف وتحررت من الذل , وتحررت من الحرص على الحياة أو على الدعة والرخاء . فهي عندئذ أقرب ما تكون إلى عالم الجنة , وارفع ما تكون عن عالم الطين:
(أم حسبتم أن تدخلوا الجنة , ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم , مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه:متى نصر الله * ألا إن نصر الله قريب). .
هكذا خاطب الله الجماعة المسلمة الأولى , وهكذا وجهها إلى تجارب الجماعات المؤمنة قبلها , وإلى سنته - سبحانه - في تربية عباده المختارين , الذين يكل إليهم رايته , وينوط بهم أمانته في الأرض ومنهجه وشريعته . وهو خطاب مطرد لكل من يختار لهذا الدور العظيم . .
وإنها لتجربة عميقة جليلة مرهوبة . . إن هذا السؤال من الرسول والذين آمنوا معه . من الرسول الموصول