وجه ناشطون سوريون نداء استغاثة إلى المنظمات الإنسانية؛ لإيجاد حل سريع  لمشكلة السوريين العالقين في الصحراء المغربية الجزائرية، بعد تفاقم معاناتهم التي دخلت أسبوعها الرابع.

ويعيش عشرات اللاجئين ظروفا في غاية الصعوبة، تبدأ بغياب أبسط متطلبات الحياة، ولا تنتهي بخطر الحشرات والأفاعي السامة التي تطاردهم.

وفي اتصال خاص مع أبي محمود، زوج إحدى السيدات الموجودات في الصحراء، أفاد لصحيفة "عربي21" بتفاصيل ما حدث مع عائلته قائلا: "سافرت إلى ألمانيا قبل عامين، على أمل أن أقوم بلم شمل عائلتي في سوريا؛ لأن الظروف المادية لم تكن تسمح حينها بخروجنا جميعا".

وتابع: "لأن جميع البلدان أغلقت حدودها في وجه السوريين، طلبت من عائلتي الذهاب إلى السودان على أمل إجراء مقابلة هناك في السفارة الألمانية"، لكن "بطء الإجراءات التي امتدت إلى ما يقارب العام؛ دفعني لأطلب من عائلتي الذهاب إلى ليبيا، ومنها إلى الجزائر ثم المغرب، عسى أن تكون الإجراءات أسهل هناك، لكن للأسف لم نكن نعلم ما ينتظر أسرتي من متاعب ومشاق".

ويقول أبو محمود : "وصلت أسرتي الحدود الجزائرية الغربية في 10 نيسان/ أبريل إلى منطقة تدعى مغنية، ومكثوا فيها ما يزيد عن أسبوع، وهناك التقوا ببعض العائلات التي تريد عبور المغرب فبات عددهم 41 عائلة، ليتابعوا سيرهم باتجاه المغرب، لكنهم فشلوا عدة مرات، حتى عادوا إلى منطقة بني ونيف وهي نقطة جزائرية، ليعاودوا الانطلاق في 17 نيسان/ أبريل باتجاه الغرب، إلى منطقة مغربية تدعى فكيك".

لكن وصول العائلات إلى فكيك أحدث ضجة كبيرة فيها، فحضرت الشرطة المغربية التي احتجزت اللاجئين مع جوازاتهم، طالبة منهم العودة إلى الجزائر، التي بدورها نشرت حرسها على الحدود ورفضت إدخال هؤلاء السوريين، "حيث انقطعت أخبار عائلتي عني لما يزيد عن ستة أيام، وبعد معاودة الاتصال معهم، علمنا بنقص الطعام وانعدام الدواء، وتشدد البلدين في السماح بإدخال المنظمات الإنسانية إليهم"، وفق أبي محمود.

ثم تمكنت مجموعة أخرى من دخول المنطقة، لكن المأساة كانت بأن امرأة حاملا وضعت مولودها في الصحراء دون السماح بأي تدخل طبي لمساعدتها، وتم توليدها بوسائل بدائية جدا بمساعدة السيدات المحاصرات معها، ليفاجأ الجميع بولادة جنين مشوّه خلقيا، بحسب الطبيب المغربي زهير لهنا، الذي تضامن مع قضية اللاجئين السوريين.

ووجه الطبيب المغربي نداء عاجلا عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، مناشدا ملك المغرب بالسماح بدخولهم بعدما تردت أوضاعهم الصحية، خاصة فيما يتعلق بمصير الجنين، مضيفا أن هؤلاء هاربون من جحيم الحرب وسلكوا طرقات وعرة كثيرة، وتعرضوا للاستغلال من قبل تجار البشر.

وعن كيفية تأمين حاجيات العوائل المحاصرة يوميا، يقول أبو محمود: "تقتصر المساعدة على شخص يحضر لهم الطعام ليلا بالخفاء، كما أحضر لهم بطانيات، لكنهم أشعلوها عندما فوجئوا بالأفاعي والعقارب تقترب من مكان نومهم، ما أحدث ذعرا بين النساء والأطفال".

وأضاف أن الأطفال لم يعودوا يتحملون حالة الجوع والعطش الشديد، إذ إن كمية الماء المتاحة للشرب يوميا هي كأس واحد فقط للشخص، الأمر الذي تسبب بحالات جفاف شديد وطفح جلدي وضيق تنفس لدى العديد من العالقين، كما ساهم المناخ الجوي والعواصف الرملية في تفاقم مأساتهم، إذ تصل الحرارة في النهار إلى 41 درجة، بينما تنخفض بشكل كبير خلال الليل.

وناشد الصحفي السوري صخر إدريس، في حديث مع "عربي21" "المجتمع الدولي بهيئاته ومنظماته الإنسانية كافة، بالإسراع في التدخل لحل مشكلة العالقين السوريين".

وقال: "يجب أن يكون هناك حل سريع وفوري لإنهاء مأساة هؤلاء السوريين، وتتشارك حكومتا المغرب والجزائر مسؤولية ما يحدث، باعتبارهما تمنعان دخول أحد إلى أراضيهما، كما تمنع عنهم أية مساعدات وسط ظروف لا أخلاقية ومزرية"، على حد وصفه.

وأوضح إدريس أن "أهم ما يجب العمل عليه اليوم هو تأمين الدواء والطعام، فهناك أطفال ونساء وحوامل، وهذا يخالف القوانين الدولية التي وقعت عليها كل الدول بما فيها المغرب والجزائر"، معتبرا أن "التشجنات السياسية ما بين المغرب والجزائر قد تكون سببا في رفض أي من الدولتين استقبالهم".

وشدد على أن هؤلاء العالقين "لا ذنب لهم سوى أنهم سوريون هربوا من الموت في بلدهم في ظروف استثنائية وصعبة للغاية"، مشيرا إلى مخاطر الأفاعي والعواصف الرملية في هذه المنطقة.