نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تحليلا للخبير الإعلامي في الشؤون العسكرية الإسرائيلية عاموس هرئيل، حول استخدام نتنياهو لورقة تنظيم الدولة في العراق والشام المعروف بـ(داعش)؛ لتعزيز وضعه السياسي محليا وتعزيز مكانة إسرائيل مع حلفائها في الغرب في آن واحد.

ويقول هرئيل في تحليله إن نتنياهو وفي 10 أيلول / سبتمبر دعا إلى اجتماع أمني عاجل، قبل أخبار المساء الرئيسية على ثلاث شبكات تلفزيونية إسرائيلية، وكان الهدف من الاجتماع، بحسب مكتب رئيس الوزراء، هو بحث المخاطر المحتملة إن اقتربت "داعش" من الحدود الإسرائيلية.

ويعلق قائلا: "في الواقع، وكما أشار معظم العاملين في حقل المخابرات الإسرائيلية، فإنه لا يوجد إي إشارات لمثل هذا الخطر، وإن مقاتلي التنظيم لم يشاهدوا في أي مكان بالقرب من الحدود الإسرائيلية مع سورية، والدعم لـ"داعش" بين الفلسطينيين لا يذكر.

ولكن الإعلان، والذي كان الخبر الرئيسي على الشبكات الثلاث، كان يخدم هدفا آخر، وهو الإشارة إلى أن "إسرائيل جزء من تحالف أوسع تقوده أميركا ضد الإرهاب الإسلامي" على حد قوله، و"صرف الأنظار عن الأوضاع الاقتصادية نحو المخاطر الأمنية".

ويشير هرئيل إلى أن هذه هي أقدم خدعة في كتاب لعبة السياسة الإسرائيلية وأن نتنياهو استخدمها بفعالية في الماضي.

ويتابع: "التلفزيون الإسرائيلي ولمدة خمسين يوما غطى الحرب مع حماس في غزة تغطية كاملة، كل صاروخ أطلق وكل صاروخ تم اعتراضه من قبل نظام القبة الحديدية، وكل جندي قتل في غزة، ومع انتهاء الحرب في غزة يبدو أنه تم تقديم (داعش) لملء الفراغ المفاجئ في الأخبار؛ فبث التلفزيون الإسرائيلي شريط إعدام الصحافي الأميركي جيمس فولي قبل التوصل إلى وقف إطلاق نار نهائي في غزة بيومين، ومنذ ذلك الحين لا يمر يوم دون أخبار عن (داعش)، ورفعت سلسلة من التقارير الخاصة التي تبث على القناة العاشرة من نسبة مشاهدة القناة بـ 50%".

ويعلق هرئيل على الاهتمام غير العادي للإعلام الإسرائيلي بهذا الموضوع قائلا: إنه " يعكس هوسا لدى هذا الإعلام بالرعب، وتحليل كل ذلك بناء على تجربة إسرائيل مع التطرف الإسلامي".

ويشير إلى برنامج أسبوعي على القناة العاشرة، تتم فيه مقابلات مع أطفال في السابعة من العمر، حيث تسألهم  المذيعة عن رأيهم في أحداث الساعة، ويقول إن أحد الأسئلة الموجهة للأطفال يوم الجمعة الماضي: أيهما أسوأ "داعش" أم "حماس"؟، وقام الأطفال بنقاش قصير ولكنه شامل للفرق بين الموت بقطع الرأس والموت بالرصاص والصواريخ.

ويضيف المحلل: "لا سبب في التقليل من شأن التهديدات المحتملة لتنظيم الدولة على المنطقة بأسرها، إلا أن الخطر على إسرائيل لا يبدو مهما. فوجود التنظيم في سورية مركز في شمال شرقي البلاد، أي في أبعد المناطق عن الحدود، وتشكل المجموعات الجهادية الأخرى خطرا مباشرا أكثر على إسرائيل، فمحاولة تمدد تنظيم الدولة دفع بتلك المجموعات مثل جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة نحو الحدود، كما أن المجموعات الجهادية الموجودة في سيناء قد اخترقت الحدود الإسرائيلية أكثر من مرة، ولكن تلك أخبار قديمة، وتنظيم الدولة هي البعبع الرائج هذه الأيام".

ويشير إلى أن المخابرات الإسرائيلية قد تكون قلقة من سفر بعض مواطنيها إلى سورية للمشاركة في القتال، ولا يحتمل أن يكون انضم لـ "داعش" سوى عدد ضئيل.

وعلى الرغم من القلق المتنامي بشأن "داعش" فلم تقم حكومة تننياهو بأي خطوات مباشرة ضدها، ولكن الحكومة أعلنت فقط أنها ستركز عمليات جمع المعلومات حول التنظيم في كل من سورية ولبنان.

ويشير هرئيل إلى أنه مع أن "تنظيم الدولة" لا يشكل خطرا مباشرا لإسرائيل، إلا أن نتنياهو "كان حريصا على مساعدة العالم العربي ضدها، وقد أقر الأسبوع الماضي بصحة التقارير الصحافية القائلة بأن إسرائيل تقدم التقارير الاستخباراتية للتحالف الدولي ضد (داعش)، وخاصة أن إسرائيل حرصت ولسنوات طويلة على جمع المعلومات من الدرجة الأولى عن سورية والتي تعتبرها العدو اللدود".

ويرى هرئيل أن الرئيس أوباما قد يواجه مشكلة مشابهة لما واجهه الرئيس جورج بوش الأب عام 1991 في حرب الخليج؛ حيث "تتسبب مشاركة إسرائيل في الحلف بتنفير مشاركين أساسيين فيه، مثل السعودية وحتى إيران إلى حد ما، ولذلك فإن أميركا ستحرص على إبقاء المشاركة الإسرائيلية سرية بقدر الإمكان".

ويؤكد أن المزايا التي يحصل عليها نتنياهو من الانضمام لحلف أوباما مهمة أيضا، وهي" تجعل إسرائيل في طليعة حرب الغرب ضد الإرهاب بدلا من أن تكون مجرد مخلفات قديمة للاستعمار كما ينظر إليها في بعض الدوائر الأوروبية".

ويحاول نتنياهو دائما أن يقارن بين "داعش" و"حماس"، ويصف المنظمتين بأنهما تنتميان لنفس التطرف الإسلامي، كما تورد المجلة.