جاءت عملية اغتيال ثلاثة من كبار قادة كتائب القسام -الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- برفح جنوب قطاع غزة، في مرحلة حرجة من المواجهة العسكرية بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، التي هددت قبل ساعات من عملية الاغتيال بتصعيد إطلاق الصواريخ صوب المدن الإسرائيلية.


وتعد عملية الاغتيال الأولى التي ينجح فيها الاحتلال باستهداف قادة من المقاومة على المستوى العسكري، بعد أكثر من 45 يوما من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويجمع مسؤولون ومحللون في الشأنين الأمني والإسرائيلي  على حدوث اختراق استخباري قاد الاحتلال إلى تنفيذ عملية الاغتيال، لكنهم يتفقون على تجاوز المقاومة هذه العملية دون تأثير على إدارة المعركة العسكرية مع الاحتلال.

ويقر الناطق باسم وزارة الداخلية بغزة إياد البزم بوجود ما أسماه هفوة أو خللا أمنيا استغله الاحتلال في عملية اغتيال قادة القسام برفح، ويقول "إن أي عملية اغتيال لا بد لها من نافذة يستطيع الاحتلال استغلالها والدخول من خلالها للهدف".

وبينما يؤكد الناطق أن فشل الاحتلال في تنفيذ عمليات مشابهة منذ شهر ونصف الشهر، يشير إلى مواجهته صعوبات استخبارية كبيرة في القطاع، ولكنه لم ينف حدوث اختراق هنا أو هناك، خصوصا أن استخبارات العدو تمتلك وسائل كثيرة لتنفيذ عمليات اغتيال مماثلة.

ويقول الناطق الفلسطيني "إن المقاومة مستمرة والاحتلال موجود وهذا صراع مفتوح، ومهما اتخذ من إجراءات أمنية فلا بد من وقوع بعض الأخطاء والهفوات، مضيفا أن الأجهزة الأمنية تمسك بزمام الوضع الأمني بشكل طبيعي رغم الحرب، وقد نجحت في القبض على عدد من العملاء.

واستبعد البزم تأثير حادثة الاغتيال على عمل المقاومة، التي تتحرك وتدير عملياتها بشكل قوي، ولم يستطع الاحتلال الوصول إلى قادتها وعتادها، إلا في حالات محدودة، وفق تقديره.

ورغم إقراره بتأثير غياب قيادات بارزة كالتي اغتالتها إسرائيل على العمل المقاوم بشكل "تكتيكي"، فإن أستاذ الأمن القومي بأكاديمية الإدارة والسياسة إبراهيم حبيب، يعتقد أن ما حدث برفح، لا يمكن أن يضعف المقاومة أو يهزمها، وفق التجارب السابقة، التي كان آخرها اغتيال القيادي الكبير بكتائب القسام أحمد الجعبري.

ويشير إلى أن إدارة كتائب القسام المعركة العسكرية مع الاحتلال ليست فردية، وإنما إدارة عمليات بأساليب حديثة من غرفة عمليات مشتركة، توزع المهام على كافة الكتائب، من خلال تراتبية عسكرية تنقل الإدارة من القادة إلى نوابهم.

وقد نجحت المقاومة الفلسطينية في استيعاب ضربات مماثلة خلال سنوات سابقة، كما أنها تدير المعركة -بحسب أستاذ الأمن القومي- وفق إدارة متوازنة ومنظومة تحكم وسيطرة تعتمد العمل التنظيمي المدروس وليس الشخصي أو المبني على ردات الفعل.

وأمام فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية طوال فترة العدوان على القطاع، فإن عملية اغتيال قادة القسام برفح يمكن وصفها إسرائيليا بالإنجاز الاستخباري، الذي لن ينعكس على سير المعركة مع الاحتلال، وفقا لمحلل الشؤون الإسرائيلية إسماعيل مهرة.

ويقول مهرة إن عمليات الاغتيال -وفق النظرية الإسرائيلية- تستهدف الضغط السياسي على الفلسطينيين للقبول بما كانوا لا يقبلونه في وقت سابق للحفاظ على أرواح قياداتهم السياسية والعسكرية، مضيفا أن هذا الأسلوب فشل سابقا ولن يفضي إلى أي نتائج خلال المعركة الحالية.

الجزيرة