محمد عبدالرحمن صادق
- قال تعالى : " ....... وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ {5} " ( إبراهيم 5 ) .
* قال بن كثير رحمه الله : (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ) أي : بأياديه ونِعمه عليهم ، في إخراجه إياهم من أسر فرعون وقهره وظلمه وغشمه ، وإنجائه إياهم من عدوهم ، وفلقه لهم البحر ، وتظليله إياهم بالغمام ، وإنزاله عليهم المن والسلوى ، إلى غير ذلك من النعم . قال ذلك مجاهد ، وقتادة ، وغير واحد .
* قال ابن عباس ومُقاتل رضي الله عنهما : " بوقائع الله في الأمم السالفة يقال: فلان عالم بأيام العرب أي بوقائعها "، قال ابن زيد : " يعني الأيام التي انتقم فيها من الأمم الخالية "، وكذلك روى ابن وهب عن مالك قال: "بلاؤه".
* وقال الطبري رحمه الله : " وعظهم بما سلف في الأيام الماضية لهم أي بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة ".
* ويقول الدكتور زغلول النجار حفظه الله : والمقصود بتعبير (أيام الله) هي أيام ظهور طلاقة قدرته للعيان, حين يهلك الكفار والمشركين, وينصر جنده من عباده المؤمنين , حتى لو لم تكن معهم الغلبة في العدد والعدة, وقد تكرر ذلك مرات عديدة عبر تاريخ البشرية على الأرض, وإلا فالأيام كلها لله , لأنه هو- تعالى- خالق كل شئ , ومن مخلوقاته : الزمان والمكان .
ومن هنا نفهم أن التذكير بما حدث من أحداث بقصد العبرة والعظة والاستعانة بها على تقلبات الدهر مطلوب شرعاً ما لم يخالطه من بدع أو أي أمور تغضب الله عز وجل والعاقل من اعتبر بغيره ولم يكن هو عِبرة لغيره .
1- تسمية شهر رجب
- كلمة رجب جاءت من الرجوب بمعنى التعظيم .
- وأيضا كان يطلق عليه رجب "مُضر" لأن قبيلة مُضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يُغيّرون ويُبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو (النسيء) المذكور في قوله تعالى : " إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِه الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّه " ( التوبة 37 ) .
- وقيل أن سبب نسبته إلى مُضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك .
- وقيل أنه سُمي بذلك لأن العرب كانت ترجبه فتترك فيه القتال أي تتركه تعظيماً ومَهابة له .
- وهذا الشهر من الأشهر الحُرُم وهو يُدعى بالشهر الأصَب وذلك لأن الرحمة الإلهية تُصب على عباده صبَّاً .
2- أما عن فضل شهر رجب :-
* قال ابن حجر رحمه الله : " لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه ، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه.. حديث صحيح يصلح للحجة،وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ، رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره " .
* وقال أيضاً : " وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب ، أو في فضل صيامه ، أو صيام شيء منه صريحة: فهي على قسمين: ضعيفة ، وموضوعة ، ........... " إلى آخر كلامه رحمه الله كما ورد في كتاب " تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب " .
* وقال العلاّمةُ الشوكانيُّ رحمه الله في " السيل الجرار " : " لم يردْ في رجبٍ على الخصوصٍ سنّةٌ صحيحةٌ، ولا حسنةٌ، ولا ضعيفةٌ ضعفاً خفيفاً؛ بل جميعُ ما رُوي فيه على الخصوصِ؛ إمّا موضوعٌ مكذوبٌ، أو ضعيفٌ شديدُ الضَّعفِ " .
3- أهم الأحداث في شهر رجب
1- الهجرة الأولى إلى الحبشة فى السنة الخامسة من البعثة .
2- سرية عبد الله بن جحش الأسدى رضى الله عنه إلى نخلة على رأس شهراً من الهجرة وفى أحداث هذه السرية نزل قوله تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ....... " ( البقرة من الآية 217 ) .
3- غزوة تبوك فى غرة الشهر ( سنة 9 هـ ) وتسمى غزوة العُسرة وجهز عثمان بن عفان رضي الله عنه ثلث الجيش وجاء فيها أبو بكر رضي الله عنه بماله كله وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله وتخلف المنافقون كما تخلف نفر من المسلمين منهم كعب بن مالك وهلال بن أمية وأبو خيثمة ومرارة بن الربيع .
4- الرسول صلى الله عليه وسلم ينعى النجاشى للمسلمين ويصلى عليه بمن معه فى اليوم الذى مات فيه (سنة 9 هـ ) .
5- في بعض الروايات أن الاسراء والمعراج حدث في السابع والعشرين من شهر رجب ، وهو امر مختلف عليه .
6- فتح دمشق (14هـ - 635م) صُلحاً : كان أبو عبيدة وخالد، - رضي الله عنهما -، قد حاصرا المدينة منذ ربيع الآخر (14هـ).. وصالح أهلها على أنصاف كنائسهم، ومنازلهم، وعلى رؤوسهم، وأن لا يُمنعوا من أعيادهم .
7- فتح خالد بن الوليد رضي الله عنه دمشق 15 رجب 14 هـ - 3 سبتمبر 635 م .
8- معركة اليرموك : قال ابن الكلبي : كانت وقعة اليرموك يوم الاثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة .
9- استرداد بيت المقدس: 27 من رجب 583هـ = 2 من أكتوبر 1187م: استرداد المسلمين لبيت المقدس بقيادة الناصر صلاح الدين الأيوبي حيث دخل القدس الشريف، وأدى صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك بعد حوالي 88 عامًا من الاحتلال الصليبي لها. وكان دخول صلاح الدين للقدس بعد انتصاره الباهر في حطين . ولم يفعل القائد المظفر بالصليبيين عند دخوله القدس ما فعل الصليبيون بالمسلمين من قتل ودموية بشعة أثارت اشمئزاز العالم حتى الآن، بل عفا عنهم، وأعطاهم الأمان، ثم الحرية .
10- ومن أشهر أعلام الإسلام الذين وافتهم المنية خلال شهر رجب هم:
- وفاة الصحابي الجليل معاوية بن أبى سفيان رجب 60 هـ - إبريل 680 م .
- وفاة السيدة زينب بنت على بن أبى طالب رضي الله عنهما 15 رجب 62 هـ .
- وفاة خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز وبدء خلافة يزيد بن عبد الملك رجب 101 هـ - يناير 720 م
- وفاة الإمام أبو حنيفة الذي وافته المنية في الخامس عشر من رجب سنة 150 هجرية .
- والإمام الشافعي الذي وافته المنية في الرابع عشر من رجب سنة 204 هجرية .
- وفاة الخليفة المأمون بأرض الروم وبدء خلافة المعتصم رجب 218 هـ - أغسطس 833 م .
- وفاة الإمام ابن القيم رحمه الله : توفي في ليلة الخميس ثالث عشر رجب وقت أذان العشاء .
- وفاة الإمام مسلم الذي وافته المنية في الرابع والعشرين من رجب سنة 261 هجرية .
- وفاة الإمام النووي الذي وافته المنية في الرابع عشر من رجب سنة 677 هجرية .
- وفاة السلطان عبد الحميد الأول وتولى السلطان سليم الثالث 11 رجب 1203 هـ - 1789 م
- وفاة العالم الجليل د عبد العظيم المطعنى ليلة الأربعاء 27 رجب 1429 هـ 30 يوليه 2008 م .
11- بدء ولاية عبد العزيز بن مروان بن الحكم على مصر رجب 65 هـ - فبراير 685 م .
12- عبور يوسف بن تاشفين إلى الأندلس وعزله ملوك الطوائف رجب 483 هـ - سبتمبر 1090 م .
13- مولد الزعيم مصطفى كامل أول رجب 1291 هـ - 14 أغسطس 1874 م .
14- إلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية 26 رجب 1343 هـ - 3 مارس 1924 م .
15- إعلان الوحدة بين مصر وسوريا 12 رجب 1377 هـ - 1 فبراير 1958 م .
16- عقد مؤتمر القمة الإسلامى الأول فى الرباط 9 :12 رجب 1389 هـ - 22 : 25 سبتمبر 1969 م وكانت أهم قرارته رفض أى حل يُخضع القدس لسيطرة اليهود وإدانة حرق المسجد الأقصى .
- هذه بعض الأحداث التي حدثت في هذا الشهر المبارك وليس المراد الاستقصاء وإنما التذكير والإشارة وإلا فالأحداث كثيرة .
اللّهمّ بارك لنا في رجبٍ وشعبانَ، وبلّغنا رمضانَ، ونحن في أمنٍ وأمانٍ، وسلامةٍ وإسلامٍ .