هناك الآن ثورة شعبية في أوكرانيا ضد الحكومة، وبغض النظر عن أسباب الغضب والثورة فقد كنا نتمنى أن تحل بالوسائل السلمية الديمقراطية التي تحترم إرادة الشعب، وهذا موقفنا الثابت من كل خلاف في أي دولة في العالم.

إلا أن الخلاف احتدم حتى اعتصم آلاف المواطنين في ميدان الاستقلال، ثم وقعت اشتباكات عنيفة مؤسفة أسفرت عن وقوع سبعة عشر قتيلا من المواطنين وتسعة قتلى من الشرطة، في محاولة لفض الاعتصام، وهو أمر مدان، فاستخدام العنف المميت والقوة المفرطة يتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان.

وهنا انتفض ساسة الغرب ومنظماته الحقوقية، بل وهيئة الأمم المتحدة أيضا، فالبيت الأبيض في واشنطن يحذر الجيش أن يكون طرفا في الصراع الذي يجب أن يحل بين المدنيين، ويهدد بفرض عقوبات على الحكومة الأوكرانية، ويتابعه الاتحاد الأوربي في التهديد بفرض عقوبات، ويصرح قائد حلف الناتو بوجوب عدم استخدام الجيش ضد الشعب، وتطالب هيئة الأمم المتحدة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق.

ومع أن هذه المواقف هي ما يمليه الضمير الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، فإنها قد فرضت علينا أن نقارن بينها وبين مواقف هؤلاء الساسة من الكوارث التي حدثت في مصر بالانقلاب العسكري على الشرعية، وإهدار الإرادة الشعبية والانتخابات الديمقراطية، وتعطيل الدستور وحل البرلمان، واختطاف الرئيس المدني المنتخب، ثم شن حرب على المعارضين للانقلاب أدت إلى مجازر بشرية راح ضحيتها آلاف المواطنين، وامتلأت الميادين والشوارع والمساجد بالدماء والجثث، وتم حرق عدد كبير من المواطنين وهم أحياء، وحرق كثير من الجثث ودفنهم في مقابر جماعية، وتم قتل 37 مواطنا في إحدى سيارات الشرطة، إضافة إلى إصابة سبعة عشر ألف مواطن، واعتقال أكثر من واحد وعشرين ألفا من صفوة المجتمع السياسية والأكاديمية والمهنية والنقابية والعمالية، وتعذيبهم تعذيبا ممنهجا في السجون، وفيهم عدد كبير من النساء والفتيات والأطفال، وإصدار أحكام ظالمة وقاسية على عدد منهم، وفصل المئات من الطلاب من الجامعات.

ورغم أن الجريمة في أوكرانيا –وهي مدانة بكل تأكيد- لا تقارن بحجم الجرائم في مصر، فلم نجد من ساسة الغرب إلا عبارات مائعة تستنكر هذه الجرائم، في الوقت الذي تؤكد فيه على الشراكة مع نظام الانقلاب وتدعمه بكل أسباب القوة والبقاء، الأمر الذي يشجعه على الاستمرار في جرائمه ضد الشعب وضد الإنسانية.

ثم يتساءل ساسة الغرب: لماذا تكرهوننا؟ إننا لا نرى في مواقفكم مجرد تشجيع للانقلاب الدموي، بل نرى مشاركة كاملة في العداء للشعب والاعتداء عليه. فهل أنتم منتهون؟.

إننا نثق بعد الله تعالى بقدرة شعبنا الأبي وثوارنا الأحرار على تحرير إرادتنا وامتلاك قرارنا، ولتعلمن نبأه بعد حين.

والله أكبر ولله الحمد.

 

الإخوان المسلمون في الخميس 20 ربيع الثاني, 1435 هـ الموافق 20 فبراير 2014 م