تمر مصر والمنطقة العربية بأحداث في غاية الخطورة سوف تؤثر تاثيراً بالغاً على مستقبل المنطقة نستعرضها فيما يلي:
أولاً: الشأن الداخلي :
· حدثت صدامات دامية بدءاً من يوم الجمعة الماضي بين مجموعة من المعتصمين والشرطة العسكرية على إثر محاولة فض هذا الاعتصام وذلك أمام مجلس الوزراء، ترتبت على هذه الصدامات نتائج خطيرة: قتل أربعة عشر مواطناً وإصابة ما يقرب من ألف آخرين، وسحل بعض الشباب والنساء وكشف عوراتهن والاعتداء عليهم بقسوة ووحشية، الأمور التي أثارت الشعب المصري وفجرت كوامن غضبه، ودفعت كثيرين للنزول للتظاهر والاعتصام، والمطالبة برحيل المجلس العسكري، كذلك تم إحراق المجمع العلمي المصري بما يحتويه من مراجع وكنوز علمية وتراث تاريخي نادر، والغريب أن يجرى ذلك كله في الوقت الذي تجرى فيه انتخابات المرحلة الثانية لمجلس الشعب الجديد، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول من يقف وراء هذه الأحداث.ونحن نعتقد أن دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة أن يعلنا بمنتهى الشفافية الحقائق في هذه الأحداث، كما يجب عليهما أن يعترفا بخطئهما في علاج الأحداث وأن يقدما اعتذاراً صريحاً للشعب ولأهالي الضحايا والمصابين، ثم تقديم من اعتدوا على الشعب وعلى النساء خصوصاً إلى المحاكمة الفورية الجادة والإقرار بحق الشعب في التظاهر والاعتصام، فذلك كفيل بتهدئة الخواطر إلى حد كبير، أما بالنسبة لمظاهرات يوم الجمعة القادم التي تدعوا إليها بعض الفصائل والائتلافات فنحن مع التهدئة والإسراع في المسيرة الديمقراطية فذلك هو الطريق الوحيد السليم والمأمون لنقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة وتحقيق الاستقرار في البلد.
· أما موقفنا من تقديم موعد انتخابات الرئاسة التي دعا لها بعض السياسيين فيتمثل في أننا مع تقصير الفترة الانتقالية إلى أقل مدة ممكنة ونقل السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة بعدما رأيناه من أداء المجلس العسكري، على أن تتم عملية النقل هذه بعد تكوين مؤسسات دستورية تستطيع تسلم السلطة، وأن تتم الإجراءات بتوافق مع الأحكام الدستورية التي استُفتى عليها الشعب، احترامًا لإرادة الشعب، فإذا توافرت هذه الشروط فنحن مع أي اقتراح يحقق سرعة نقل السلطة.
· درج المهندس نجيب ساويرس على نشر الافتراءات عن جماعة الإخوان المسلمين، ولا يخفى توجهه الطائفي إذ دعا بعد الثورة مباشرة إلى حذف المادة الثانية من الدستور والتي تنص على أن دين الدولة الرسمي الإسلام واللغة العربية هي لغتها ومبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وعندما واجه معارضة شديدة من المسلمين رجع في كلامه، وهاجم ارتداء النساء في مصر الزى الإسلامي حيث قال: إنني كلما مشيت في القاهرة تصورت أنني أسير في طهران، ثم هاجم بعض المظاهر الإسلامية بشكل ساخر، وعندما قاطع بعض المسلمين شركاته، عاد ووصف نفسه بالغباء، ثم أسس حزب المصريين الأحرار وتحالف مع أحزاب أخرى وهذا لا اعتراض عليه إلا أنه قال إنه أسس هذه الكتلة لمواجهة الإخوان المسلمين، ولجأ إلى الكنيسة لتأييد هذه الكتلة في تصرف طائفي سافر، وأخيراً لا آخراً افترى على الإخوان في حديث له مع صحيفة كندية أنهم يتلقون تمويلاً من قطر، الأمر الذي دفع أحد الإخوان إلى تقديم بلاغ ضده إلى النائب العام، ودعا الغرب إلى تمويل كتلته السياسية في السر، ودعاهم أيضًا للتدخل لحماية الأقباط بعد أن صورهم – كذبًا – أنهم مضطهدون، ثم عاد ليكرر افتراءاته مرة أخرى في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية.والسؤال هو: هل يمكن لوطني مصري أن يثير النزعات الطائفية أو أن يستعدي الغرب على وطنه؟!
ثانيًا: الشأن الإقليمي:
· تم الإفراج عن 550 أسيرًا فلسطينيًا ضمن صفقة (الوفاء للأسرى) وهي بفضل الله تعالى صفقة رابحة، وأهم ما يميزها أن هذه المجموعة المفرج عنها أخيرًا ليس فيها أسير واحد من حركة حماس التي قامت بأسر الجندي الصهيوني (شاليط)، والتي احتفظت به لمدة خمسة أعوام، والتي تفاوضت مع الحكومة الصهيونية على مدى هذه المدة، الأمر الذي يُثبت أن هذه الحركة بخلفيتها الإسلامية إنما تتوخى المصلحة العامة للوطن والفلسطينيين، وتؤثر على نفسها إذ تحرص على خروج أي فلسطيني من الأسر بغض النظر عن انتمائه الفصائلي.
·ما إن تم الانسحاب الأمريكي من العراق حتى أطلت الفتنة الطائفية أو المذهبية برأسها بإصدار مذكرة للقبض على نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي، ومنع نائب رئيس الوزراء من عمله، وطلب سحب الحصانة البرلمانية عنه لمجرد أنه أبدى رأيًا في رئيس الوزراء، وهذا ينبئ أن مستقبل العراق محفوف بالمخاطر، والإخوان يطالبون العراقيين بتقديم رابطة الإسلام والوطنية على غيرها من الروابط، ومراعاة وحدة الوطن والصالح العام حتى يستعيد العراق مكانته وسط أمته العربية.
· لم يكد النظام السوري يوقع على بروتوكول جامعة الدول العربية بالسماح للمراقبين العرب بتقصي الحقائق في سوريا؛ حتى استعر القتل في المواطنين الثائرين، فتم قتل أكثر من مائتي شخص من المواطنين والجنود المنشقين في يومين، وهذا إنما يُثبت أن هذا النظام سادر في وحشيته وعدوانه، ويقطع كل سبيل لحل المشكلة إلا سبيل رحيله، وكان عليه أن يعتبر بالأنظمة الطاغية التي سبقته في تونس ومصر وليبيا واليمن، فدعاءنا للشعب السوري أن ينصره الله، وعليه أن يَثْبُت حتى ينتزع حريته من أنياب غاصبيها.