08/05/2011

مما لا شك فيه أن هناك قوى خارجية وفئات داخلية أطاحت ثورة الشعب المصرى المباركة بمصالحها أو لا تزال تهدد هذه المصالح، وهي تبذل كل جهودها لإجهاض الثورة أو تعويق مسيرتها إلى أهدافها.

 لذلك نرى يوميًّا أحداثًا مؤسفةً تسعى إلى زعزعة الاستقرار، وفقدان الإحساس بالأمان، وإيقاف عجلة الإنتاج، ومحاولة شق المجتمع.

 وتأتي أحداث الفتنة الطائفية المتكررة في ذروة تلك المؤامرات المؤسفة، وآخرها ما حدث بالأمس في إمبابة من صدام بين مجموعة من المتشددين المسلمين والمسيحيين أوقعت قتلى وجرحى، والإخوان المسلمون إذْ يدينون التعصب الأعمى، ويدينون محاولات البعض حل مشكلاتهم بعيدًا عن القانون، وافتئاتًا على السلطة؛ الأمر الذي ينذر بانتشار الفوضى، وهي أخطر ما يهدد الثورة وأهدافها، فإنهم- الإخوان المسلمين- يذكرون الجميع بما نشره المجلس الأعلى للقوات المسلحة من وجود مواقع إلكترونية تُحرِّض على الفتنة الطائفية وتؤجج نيرانها، ويدعون العقلاء من الجانبين إلى تحكيم عقولهم والتمسك بالحكمة والالتزام بالقانون، وتأكيد وحدة النسيج الوطني المستمرة منذ خمسة عشر قرنًا من الزمان والباقية إلى يوم القيامة- بإذن الله- والتي تهون معها كل الخلافات الصغيرة، والتي تجرح السلام الاجتماعي، ولا سيما في هذا الوقت العصيب.

 كما نُرحِّب بقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحويل المتهمين إلى محاكمة عاجلة.

 ولا ريب أن استكمال مؤسسات الدولة ووضع الدستور الدائم ونقل السلطة بطريقة شرعية ديمقراطية إلى الشعب هو خير سبيل لتحقيق الاستقرار، وتشجيع الاستثمار، وبداية التقدم والنهوض، ولقد حدد الإعلان الدستوري إجراءات تحقيق ذلك مرتبطة بجدول زمني محدد، إلا أننا لا نزال نسمع حتى الآن أصواتًا تطالب بإطالة أمد المرحلة الانتقالية، وتأجيل انتخابات مجلسي الشعب والشورى وانتخابات الرئاسة ووضع الدستور، وهذه الأصوات تنظر لمصلحتها الشخصية ضاربةً عرض الحائط بمصلحة الوطن والأمة، ومصلحة الثورة وأهدافها.

 لذلك فإن الإخوان المسلمين يعلنون تمسكهم بتنفيذ إجراءات استكمال المؤسسات وإصدار مواد الدستور في موعدها.

 كما نرى الآن دعوات هنا وهناك لحوارات بين نخب مختارة لوضع قواعد الدستور، وهي محاولة للقفز على ما جاء في المادة (60) من الإعلان الدستوري، والتي تحدد كيفية انتخاب مجلسي الشعب والشورى المنتخبين لجنة المائة (الجمعية التأسيسية) التي تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد.

 والإخوان المسلمون يؤيدون أن تكون الجمعية التأسيسية منتخبة من نواب الشعب وليست معينة بقرارٍ فوقي، كما يؤكدون ضرورة أن تستمع هذه الجمعية لفئات الشعب ومطالبه فيما ينبغي أن يتضمنه الدستور، إذْ أنَّ الشعبَ هو الذي يمنح نفسه الدستور، كما أنهم يرفضون محاولة تكبيل الجمعية التأسيسية بنتائج حوارات بين نخب معينة، ويؤكدون هوية الشعب الإسلامية بحكم أغلبيته المسلمة، وبحكم ثقافته وحضارته وأعرافه المستمدة من الإسلام منذ خمسة عشر قرنًا من الزمان، الأمور التي تجلت في الدساتير المصرية السابقة، والتي عاش في ظلها الإخوة المسيحيون ينعمون بحريتها وعدلها.

 لذلك فإن مصلحة البلاد ومصلحة الثورة المجيدة التي قام بها شعب مصر العظيم تقتضي التوافق على احترام هوية الشعب وإرادته، من الجميع، ونحن على ثقةٍ من قدرة الشعب على حماية دولته والحفاظ على خصائصها التي يختارها بإرادته الحرة.

 كما تقتضي اليقظة الدائمة للمؤامرات التي تحيكها القوى الخارجية وفلول النظام السابق وأصحاب المصالح الخاصة، وكذلك تقديم المصالح العامة والارتفاع على الأهواء الشخصية واحترام المبادئ والأخلاق.

 وقى الله مصر وشعبها من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وحقق لها آمالها.

 (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)) (الأنفال).

الإخوان المسلمون

القاهرة في: 5 من جمادى الآخرة 1432هـ الموافق 8 مايو 2011م