22/03/2009

دماء الشهداء لم تذهب سدي
فهي التي سرت في شرايين الأمة فأحيتها وأنارت لها الطريق فعرفت العدو من الصديق والمعتدي من المعتدى عليه .
وهي التي بعثت الروح في جسد الأمة وأنعشت فيها روح الجهاد فتنادت بصيحات هبي يا ريح الجنة ويا خيل الله اركبي .
وهي التي حركت الشعوب والجماهير في شتي أركان المعمورة لتعيد قضية فلسطين إلي الواجهة والصدارة بعد أن كاد يلفها النسيان.
وهي التي أعادت الثقة للشعوب بنفسها وبقدرتها علي مقاومة الظلم والطغيان .
وهي التي أعطت دروسا للأمة في أن نهج المقاومة هو الوحيد القادر علي وقف العدوان واسترداد الحقوق .
 
 
حماس حققت انتصارا فعليا
الآن وبعد أن انجلي غبار المعركة في غزة ماذا تحقق من أهداف العدو الصهيونى ؟
لقد كان يهدف من وراء تلك الحرب إلي كسر إرادة الشعب الفلسطينى، وتخضيد شوكة المقاومة، وإسقاط "حماس" وإيقاف ضرب الصواريخ علي المدن والمغتصبات ووقف وصول الأسلحة إلى المقاومة، فهل نجح في ذلك؟
لقد واجه الشعب الفلسطينى فى القطاع العدوان الشرس بصمود الأبطال وثبات الجبال، ورغم التضحيات الهائلة التى قدمها فى البشر والشجر والحجر إلا أن إرادته لم تهن وعزمه لم يلنْ، ولم تسقط حماس بل ازدادت قوة ورسوخا في ضمير الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامى بل والعالم أجمع, أما صواريخ حماس فلم تتوقف حتى أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده "أولمرت" لوقف إطلاق النار, كما فشل العدو الصهيونى فى الوصول إلى مواقع الصواريخ وعاد أدراجه يجر أذيال الخيبة والفشل ، كما فشل فى عدوانه على لبنان فى يوليو – أغسطس 2006م.
أما بالنسبة لحماس فقد وقفت بكل جلال الإيمان وعظمة الصمود والشموخ فيما يشبه الأسطورة أمام اقوي رابع جيش في العالم وبعد حصار دامٍ لسنوات دون سند أو ظهير بل إن الظهير نفسه لم يصمت أو حتى يكون محايدا بل ساهم في إحكام الحصار .
ومن هنا ووفقا لموازين عدم التكافؤ الاستراتيجي يصبح مجرد الصمود والثبات أمام هذه الآلة العدوانية المتوحشة لأكثر من ثلاثة أسابيع انتصارا فعليا .
إن حماس في معركة غزة كانت الطليعة ورأس الحربة التي أوقفت العدوان دفاعا عن الأرض والمقدسات، ومن أجل حق الشعب الفلسطينى فى حياة حرة كريمة، ليس هذا فقط ولكن أيضا دفاعا عن كرامة الأمة وشرفها، وعلى الأمة العربية والإسلامية أن تعد العدة علميا وتقنيًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وحضاريًا لمعركة قادمة مع هذا العدو والذى سيحاول فيها أن يستعيد هيبته وثقته فى المؤسسة العسكرية سواء أمام مواطنيه أو أمام العالم .
فجر ينبلج وجيل يتخلق
إنني أطالب الأنظمة والحكومات العربية أن تعيد قراءة الأحداث وان تراجع إستراتيجيتها من جديد وأن تراهن علي المقاومة والصمود حيث أنها هي وحدها القادرة علي حسم المعارك ضد الطغيان والاستكبار, فرغم ضخامة أعداد الشهداء والجرحى فإن أداءهم في أي مواجهة قادمة إذا ما امتلكوا الحد الأدنى من الأسلحة الدفاعية سيكون مفاجئا, فالجيل القادم من أبناء القطاع الذي سيتكون من أطفال شاهدوا مجازر آبائهم وأمهاتهم وأشقائهم وشقيقاتهم سيكون الأشرس والأكثر شجاعة وإقداما واستيعابا لطبيعة المرحلة، والأقدر على التعامل مع عدو لا يفهم سوى لغة القوة .
 ومن وسط النار والدم والعنف والركام والضحايا فان فجرًا جديدا ينبلج وجيلا جديدًا يتخلق في مواجهة الهيمنة الصهيونية ومع كل طفل فلسطيني قتل قي غزة سيُولد بالمقابل عشرات المقاومين والاستشهاديين وليزرع الصهاينة ما شاءوا فلن يحصدوا سوي الموت والدمار .
المؤامرة علي سلاح غزة
إن المؤامرة تجري الآن علي قدم وساق لمنع السلاح عن أبطال المقاومة في غزة وحرمانهم من وسائل الدفاع عن أنفسهم ومحاولة تحويل انتصار غزة إلي هزيمة حيث اجتمعت وزيرة خارجية الصهاينة مع نظيرتها الأمريكية وأصدرتا وثيقة تفاهم لمنع السلاح عن غزة, ثم أعقبتها قمة "شرم الشيخ" المصرية الأوربية حيث عرضت بعض الدول المشاركة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا إرسال سفن حربية للشرق الأوسط للمساعدة في منع حماس من تلقي شحنات الأسلحة .
وإنني لأعجب كيف تجتمع الدول لمنع السلاح عن الضحية المعتََدَي عليها ولا تجتمع لمنعه عن المعتدِي الذي يمتلك أسلحة الدمار الشامل فضلا عن جميع الأسلحة المحرمة دوليا, ذلك لأننا، نحن نعيش في عالم الغاب الذي انعدمت فيه القيم والأخلاق ونعيش عصر الانحطاط والسقوط الذي تمثله مدنية الغرب التي تُشنِف آذاننا ليل نهار بميثاق حقوق الإنسان وهي أول من تَخرقه وتمزقه .
على الشعوب أن تظل مستيقظة
إنني أتوجه إلي شعوبنا العربية والإسلامية وأقول لها أن المعركة بدأت ولم تنتهِ وأناشدها أن تظل مستيقظة وساهرة فحجم المؤامرات كبير ومحاولة إجهاض هذا النصر العظيم الذي تحقق تجري علي قدم وساق ومحاولة النيل من حماس وقدرتها وتشويه صورتها لا زالت تجري عبر الأبواق الإعلامية لما يسمي بمحور الاعتدال العربي والذي خرج بخسارة كبيرة أنهت مصداقيته بسبب انحيازه المبطن للعدوان الصهيوني علي غزة .
إن القضية لم تنتهِ وسيظل أهل الحق مرابطين ومستعدين لدحر الباطل ودمغه حتي يزهق مصداقاً لقول الله تعالي " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " الأنبياء: 18
مازال الحصار قائما ولم تفتح المعابر بعد ، وبخاصة معبر رفح ، حيث يعتبر الأخير هو الرئة والنافذة التى يطل منها أهل القطاع على الحياة وعلى العالم ، وبالتالى لابد أن تتوالى الضغوط السياسية والإعلامية والجماهيرية فى كل مكان حتى يفك الحصار وتفتح المعابر وترفع المعاناة عن غزة بإذن الله ، ولابد أن تكون هناك ملاحقة شعبية لمجرمى الحرب الصهاينة وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية .
نحن مقبلون على معركة إعمار ربما لا تقل شراسة – من الناحية السياسية – عن معركة العدوان، وغنى عن البيان أن توفر الدعم المادى والعينى للإعمار لا يعنى أن المشكلة أصبحت سهلة، ولكن لابد من العمل على توفر أفق سياسى يرتقى إلى مستوى المسئولية الأخلاقية والإنسانية والشرعية والوطنية والتى تصطف مع المقاومة فى خندق واحد، ولا تنتقص من رصيدها الذى تحقق على الأرض، وساعتها يمكن القول إننا بدأنا نمتلك مفتاح إدارة الصراع مع العدو على النحو الصحيح، والله المستعان وعليه التكلان .. وإن غدا لناظره قريب .
 
الخميس 25 من المحرم 1430هـ الموافق 22من يناير 2009م