م / ابراهيم ابو السعود


يعد العقل من أكبر نِعم الله على الإنسان، فهو مصدر هام للعلم والمعرفة والنظر والدراسة، وطريق للحياة الناجحة والنهاية الرائدة، وفي العلاقات يعد العقل من أبرز علامات الإنسان الناجح حتى قالوا قديمًا: عدوٌ عاقلٌ خيرٌ من صديقٍ أحمقٍ، والعقل يحظى في التربية العربية الحدود الدنيا، مما أسهم في تأخر الأمة عن أقرانها.


إنَّ التفكير سمة من السمات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، وهو مفهوم تعددت أبعاده واختلفت حوله الآراء مما يعكس تعقد العقل البشري وتشعب عملياته، ويتم التفكير من خلال سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله من خلال واحدة أو أكثر من الحواس الخمس المعروفة ، ويتضمن التفكير البحث عن معنى ، ويتطلب التوصل إليه تأملاً وإمعان النظر في مكونات الموقف أو الخبرة التي يمر بها الفرد.


تعريف التفكير لغةً:
يقول ابن فارس: على تردد القلب في الشيء، يقال تفكر إذا ردد قلبه معتبرًا، ولفظ التفكر مصدر لتفكر. وجاء في لسان العرب: الفكر والتأمل وإعمال الخاطر في الشيء، ويختلف لفظ فكر المشتق من التفكير عن التفكر والتفكير، قال تعالى: “كلا إنه كان لآياتنا عنيدًا، سأرهقه صعودًا، إنه فكر وقدّر، فقتل كيف قدر، ثم قتل كيف قدر”، وهذا يعني أن التفكير هو التدبر والتمعن وإدراك العلاقات وربط السبب بالمسبب وصولًا لإيمان راسخ.


واصطلاحًا:
تصرف القلب في معنى الأشياء لدرك المطلوب. وهو التدبر والاعتبار. وهو عبادة تمارس بالقلب والعقل وتشترك فيها الحواس، وبالتالى فإن التفكير نشاط عقلي داخلي لا علاقة له بالسلوك، وترى المدرسة المعرفية أن السلوك مجرد نتيجة للتفكير.


التفكر عبادة فعلها الأنبياء وواظب عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعبادته قبل البعثة حياة تفكر وتعبد لله. قالت عائشة رضي الله عنها: (كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه، وهو التعبد الليالي أولات العدد).


فالتفكير عملية ذهنية يتفاعل فيها الإدراك الحسّي مع الخبرة والذكاء لتحقيق هدف، ويحصل بدوافع وفي غياب الموانع.


مفهوم التفكير:
هناك العديد من التعريفات المختلفة والمتباينة أحياناً حول مفهوم التفكير ، ومن أبرزها تعريف د. مجدي حبيب الذي يرى بأنه: “عملية عقلية معرفية وجدانية عليا تبنى على محصلة العمليات النفسية الأخرى كالإدراك والإحساس والتخيل، وكذلك العمليات العقلية كالتذكر والتجريد والتعميم والتمييز والمقارنة والاستدلال، وكلما اتجهنا من المحسوس إلى المجرد كان التفكير أكثر تعقيداً”.


ومن خلال التعريف يتضح أن العناصر المكونة لعملية التفكير تتمثل في أنه:
1 ـ عمليات معرفية معقدة (مثل حل المشكلات) وأقل تعقيداً(كالاستيعاب والتطبيق والاستدلال) وعمليات توجيه وتحكم فوق معرفية.
2 ـ معرفة خاصة بمحتوى الموضوع.
3 ـ استعدادات وعوامل شخصية (اتجاهات، حاجات، ميول).


المراحل الخمس للتفكير:
-الهدف: ما يريد المفكر الوصول إليه.
-المدخل: ما يدخل في التفكير وتشمل التوسع في التفكير ثم اختصار النتائج.
-الحلول: الوسائل البديلة لحل المشكلة.
-الخيار: الاختيار بين البدائل.
-العلمية: الخطوات العاملة ووضع التفكير موضع الفعل.