أصدر الاتحاد المصري للعمال والفلاحين، تقريرًا حقوقيًا؛ اتهم فيه رجال الأعمال بتدمير الصناعة المصرية والمهن الحرفية بمحافظات مصر وتشريد أكثر من 400 ألف عامل في صناعة الأثاث وحدها.
تدمير صناعة الأثاث بدمياط
أكد محمد محمد عبدالمجيد هندي، رئيس الاتحاد المصري للعمال والفلاحين، أن من يقف وراء تدمير صناعة الأثاث الخشبي في دمياط، والتي تعد أكبر قلعة لصناعة الأثاث الخشبي في الشرق الأوسط، هم مجموعة من الرأسماليين غير الشرفاء، يسعون لتدمير الأخضر واليابس في الوطن المصري.
وأضاف أنه تم تشريد أكثر من 400 ألف عامل، ممن يعملون في صناعة الأثاث في دمياط؛ من أجل أغراض دنيئة ليتيح لهم استيراد أثاث كونتر بديل من الصين بأقل الأسعار ليتم بيعه في مصر بأسعار مربحة جدًا لعصابات مافيا الاستيراد.
وأشار إلى أن هذه العناصر كل ما يهمهم هو مليارات الدولارات التي يسعون لوضعها في حساباتهم الخاصة بهم في بنوك الخارج.
وأوضح هندي، أنه لا يكاد يخلو منزل في مصر من قطعة موبيليات صنعت في دمياط، مشيرًا إلى أنها تنتج ما يقرب من ثلثي إنتاج الأثاث بمصر ويبلغ إجمالي الإنتاج السنوي 375 ألف حجرة ما بين (نوم- وسفرة- صالون- أنتريه)، فضلاً عن إنتاج المطابخ والكراسي، منوها أنه يعمل بهذه الحرفة ما يقرب من 100 ألف فني ماهر في صناعة الأثاث و300 ألف عامل مساعد، فضلًا عن الأنشطة الصناعية والتجارية المساعدة.
واكد أن هذه الصناعة وجدت مكانًا للتصدير لجميع دول العالم منذ سنوات نظرًا لجودتها، لتنافس الإنتاج العالمي وتتفوق عليه، لافتًا إلى أن حالة من الغضب الشديد تسود المحافظة نتيجة الكساد الملحوظ خلال الأشهر الماضية، وغلق الكثير من ورش التصنيع وتشريد العمالة بها، وظهور نسبه بطالة عالية داخل المحافظة.
انقراض صناعة الشموع
وأشار تقرير الاتحاد المصري للعمال والفلاحين، إلى انقراض صناعة الشموع بسبب الاستيراد من الصين وتدمير المنتج المحلي من أجل عيون الصينيين، وأشار إلى أنها حرفة كثيفة العمالة وهي شغلة يدوية تعتمد على الخام والخيط يقبل الكثيرون على شراء الشمع اليدوي الذي يوضع داخل فوانيس رمضان التقليدية ولكن حتى هذا النوع من الفوانيس، استبدل بأنواع مستوردة تعمل بالبطاريات مما تسبب في غلق أبواب مصانع الشمع والقضاء عليها تمامًا وكثير من ورش صناعة فوانيس رمضان تم غلقها.
صناعة النحاس
وذكر التقرير، أن شارع النحاسين يمثل بذاته عالمًا متكاملًا اختص بصناعة النحاس وتجارته جيلًا بعد جيل، حتى بدأت أعداد الصانعين والعاملين به تتضاءل، وباتت تجمعهم المخاوف من اختفاء تلك الحرفة التاريخية في ظل عدم اهتمام من المسؤولين بها وبتطويرها، ربما لعدم إدراكهم للأهمية التاريخية والسياحية لها.
وأشار التقرير إلى أنه قل الإقبال على شراء المشغولات النحاسية أكثر مما كان عليه في السابق؛ نتيجة للارتفاع الكبير في الأسعار، ووصل سعر "تورناتة" النحاس 1000 كيلو جرام إلى 60 ألف جنيه بعد أن كانت بـ15 ألفًا، ومن ثم تدهور حال الصناعة وقلت حركة البيع والشراء، إضافة إلى أن الأحداث التي تمر بها مصر منذ الثورة أثرت سلبًا بشكل كبير، موضحًا أن سعر النحاس الخام القديم كان منذ سنوات الكيلو بـ7 جنيهات للكيلو، وصل الآن إلى 50 جنيهًا، أما المشغولات فهي تباع بالقطعة على حسب حجمها.
وقال هندي: إن الزبون اليوم اختلف عن السابق؛ حيث كان لديه حس مرهف وذوق عال ويختار المشغولات القيمة ويقدرها ولا يفاصل في ثمنها، ولكن زبائن هذه الأيام عدد قليل منهم هو الذي يفهم في النحاس ويقدر تعب الصنايعي ومجهوده، والغالبية تختار الرخيص وتلجأ للمنتجات الصينية، ولم نجد قانونًا يحافظ على الصناعة المحلية، وفتح سوق الاستيراد من الصين كان عاملًا قويًا لانقراض حرف كثيرة في الدولة المصرية وغلق أكثر من 4650 مصنعًا يعمل فيها أكثر من 250 ألف عامل وعدم اهتمام الحكومة المصرية بأصحاب الحرف اليدوية.
صناعة الألباستر بالأقصر
وتابع هندي: تعد صناعة الألباستر بمدينة الأقصر من أهم الصناعات التي تشتهر بها المدينة السياحية، كما تنفرد بتلك الصناعة منذ أكثر من 50 عامًا، وهي عبارة عن نحت التماثيل الفرعونية وتقليد النسخ الأصلية على أيدي صناع مهرة من أبناء مدينة (القرنة) وتحديدًا في البر الغربي؛ حيث يمارس الأطفال والسيدات والكبار تلك الصناعة التي يجلبون أحجارها من جبال (القرنة) في رحلة تستغرق 3 أيام محملة على ظهور الدواب ليقوموا بعدها بتهذيب تلك الأحجار ونحتها بطريقة بدائية تشبه صناعتها أيام الفراعنة كما هو مدون ومرسوم على بعض جدران المقابر ليبيعوها للسياح.
وأردف: تنفرد الأقصر دون غيرها من المحافظات بتلك الصنعة، وعدد مصانع الألباستر 250 مليئة بالتحف والتماثيل التي ينحتها الصبية والعجائز، وهم فنانون بالفطرة لم يدخلوا مدارس أو أكاديميات علمية، بالإضافة إلى 400 ورشة لتلك الصناعة، بخلاف السيدات والأطفال الذين يعملون بشكل غير منتظم فى منازلهم، فأهالي البلدة فنانون بالفطرة نظرًا لوجود المعابد والمقابر الأثرية بجوار منازلهم، ولكن المهنة مهددة بالانقراض حقًا لفتح الاستيراد من دول تقوم بصنع التماثيل الفرعونية على الماكينات دون فن أو مهارة، مثل الصين وإيران وتركيا والهند وغيرها، وهذه الدول تبيع التحف بأسعار أرخص من التحف التي يقوم أبناء المدينة بنحتها وذلك لعدم جودة التحف المستوردة.
صناعة الفخار
تشتهر مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، بصناعة الفخار، وهي من الحرف التقليدية التي اهتم بها أبناء مصر منذ القدم، وما زالت هذه الصناعة موجودة في مناطق كثيرة وأهمها مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ؛ حيث كان حتى وقت قريب توجد ورش صناعة الفخار والقلل والأزيار والأواني الفخارية بكل أشكالها.
انقراض صناعة المراكب ومستلزمات الصيد
ويواصل هندي: من الصناعات المهددة بالانقراض في محافظة الإسكندرية، أقدم الصناعات وأبرزها وأكثرها رقيًا وارتباطًا بالثقافة "السكندرية" القديمة والأصيلة، صناعة المراكب ومستلزمات الصيد، ورغم الصعوبات التي تواجه هذه النوعية من العمل، فإن معظم العاملين فيها محرومون من جميع الخدمات الأخرى، فلا يوجد تأمين ولا رعاية صحية ولا اهتمام من القائمين على إدارة شئون الدولة المصرية؛ فصناعة المراكب تكاد تكون انقرضت للأسف في الفترة الأخيرة؛ بسبب القرارات الحكومية، وعدم توفر الدعم اللازم لها من جهات عدة، فضلًا عن انعدام الطلب على صناعة المراكب واليخوت مقارنة بالسابق، للدرجة التي جعلت بعض الصناع يصنع مركبًا واحدًا في العام بأكمله، لذلك اكتفو بأعمال الصيانة والترميم للسفن القديمة فقط.
صناعة السجاد اليدوي
ويلقي التقرير، الضوء على السجاد اليدوي، إحدى الصناعات التي خرجت من قرية ساقية أبو شعرة التابعة لمركز أشمون، والتي تعد أكبر القلاع لصناعته؛ حيث تعتبر أشهر المناطق التي تصنع السجاد اليدوي والحرير الذي يصدر إلي الخارج، وظلت محتفظة بصناعة السجاد حتى هذا اليوم، وقد وصل الأمر في انتشار تلك الصناعة بالمحافظة إلى وجود نول نسيج يدوي في كل منزل.
تلك الصناعة بدأت ترى النور والشهرة في القرية من أربيعينيات القرن الماضي؛ حيث كان بها مصنعان، يملك كل الصناع الموجودين بالقرية ويقوم بتدريب الصبية من سن سبع سنوات على تلك الحرفة تبدأ الحرفة مع النشء في القرية فى سن سبع سنوات وفيها يبدأ الطفل في تلقي مهارات صناعة السجاد والتعامل مع الخيوط الحريرية لينسج بها تحفة فنية تباع في الأسواق بآلاف الجنيهات وتحظى منتجاتها بشهرة عالمية وعلى الرغم من تميز هذه القرية بصناعة السجاد إلا أن الحرفة تواجه شبح الانقراض منذ سنوات وتحديدًا منذ عهد الوزيرة آمال عثمان، والتي يعتبرها الحرفيون السبب الأول في تدهور صناعة السجاد بالقرية والتي دمرت العلاقة بين الصناع والتجار وبعد ثورة 25 يناير أصبح الأمر أكثر تعقيدًا لأسباب كثيرة؛ منها عدم توفير خامات الحرير اللازمة لصناعة السجاد وعدم تعامل وزارة التضامن الاجتماعي معها بالشكل الصحيح على عكس ما تقوم به إيران للنهوض بتلك الصناعة.
وفقد الحرفيون الأمل في عودة الحرفة لمجدها؛ بسبب ما يحدث في مصر من تدمير وإرهاب وانشغال الدولة بأمور أخرى.
تصنيع كل ما نستورده
طالب التقرير، بضرورة الاتجاه لتصنيع كل ما نستورده من الخارج من أجل خفض سعر الدولار ورفع سعر الجنيه المصري، والحفاظ على الطبقة العاملة في كل المجالات المهنية.