قال رئيس الشؤون الدينية التركية ، "محمد غورمز"، اليوم الخميس، تعليقًا على موافقة المجلس الوطني النمساوي، على مشروع قانون الإسلام الجديد: "إن هذا القانون لا يليق بالنمسا ولا بتاريخها، وإن القانون فيه الكثير من المواد، التي تحمل في طياتها مشاكل كبيرة، وذلك من حيث النظر في المكتسبات الأوروبية، وأعتقد أن محكمة حقوق الإنسان ستعيد هذا القانون".


جاء ذلك في تصريح صحفي عقب مشاركة "غورمز" في مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين رئاسة الشؤون الدينية، ووزارة الشباب والرياضة التركي.

وأشار "غورمز" إلى أن "جهود الدول الأوروبية بإنشاء إسلام خاص بها، كجزء من سياستها التكاملية والأمنية، بدل التخلص من موجة الإسلاموفوبيا، التي بدأت ضد المسلمين، وتعزيز ثقافة العيش المشترك، جهود لا طائل منها".

"غورمز" دعا مسلمي النمسا إلى "التعاطي مع هذا القانون بنضج عالٍ، وبالصبر وأن يكون رد فعلهم وفق الإطار الديمقراطي، والإيضاح العلمي". 

ويحتوي القانون الذي وافق عليه المجلس الوطني النمساوي (الغرفة الأولى للبرلمان)، أمس الأربعاء، على مواد تؤثر بشكل سلبي على الحياة الدينية للمسلمين المقيمين في النمسا، منها:

تضمن نص القانون عبارات تنطوي على النظر بعين الشك للمسلمين من قبيل: "على المسلمين أن يتخذوا موقفًا إيجابيًّا من الدولة والمجتمع"، و"عدم القيام بأعمال غير قانونية"، و"الالتزام بالقوانين"، وهي عبارات مخالفة لمبادئ المساواة وحظر التمييز.
المادة التي تمنع التمويل من الخارج، تؤثر بشكل مباشر على 65 إمامًا تركيًا في المساجد بالنمسا، وبعد دخول القانون حيز التنفيذ بعام واحد، فإنه يتوجب على الأئمة القادمين من خارج النمسا مغادرتها، وتعتزم الحكومة استبدال الأئمة القادمين من الخارج؛ بأولئك الذين يتم تأهيلهم في النمسا.
 
مادة أخرى يطالب المسلمون بإلغائها، وهي المادة التي تخول مجلس الوزراء، صلاحية الاعتراف وإلغاء الجماعات الدينية، وتتيح لحكومة يمينية متطرفة (في حال وصولها للحكم) إلغاء الجماعات، والجمعيات الخاصة بالمسلمين.
 
حسب أحكام القانون، فإن خريجي قسم الشريعة الإسلامية (الذي سيفتتح في الجامعات) فقط يمكنهم أن يصبحوا أئمة، ورغم أن اختيار أعضاء الهيئة التدريسية، التي ستؤهل الأئمة، يخضع لموافقة الجماعة، إلا أن المناهج والكادر الذي سيؤهل الأئمة، يتم تعيينه من جانب الدولة، وهو ما يثير التساؤل حول مدى أهلية أولئك الأئمة.
يتيح القانون إمكانية إلغاء أنشطة الجماعات الدينية بدعوى "الأمن"، حيث ينص على "إمكانية إلغاء الأنشطة التي يُعتقد أنها قد تؤدي إلى تقييد أمن المجتمع، والنظام، والصحة، أو الأمن القومي، أو أمن، أو حقوق، أو حرية الأفراد الآخرين".
جدير بالذكر أن عدة منظمات تركية إسلامية كبيرة في النمسا في مقدمتها منظمة "أتيب" أعلنت عزمها اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا للطعن على مشروع القانون لعدم مساواته بين المسلمين، وأتباع الديانات الأخرى في بعض بنوده، التي تتعلق بحظر التمويل الخارجي للمؤسسات، والجمعيات الإسلامية، فضلًا عن تأكيده على الأولويات الأمنية في حالة تعارضها مع حرية العقيدة، ما يثير الشكوك ضد المسلمين، وإعطاء صفة الحق العام لهيئات إسلامية أخرى، تندرج تحت مظلة الهيئة الإسلامية الرسمية، ما اعتبره المسلمون انتقاصًا من الشخصية القانونية للهيئة التي تمثل المسلمين في النمسا.

وكان مجلس شورى الهيئة الإسلامية (الممثل الرسمي للمسلمين في النمسا) وافق قبل نحو أسبوعين على مشروع القانون الجديد، رغم التحفظ على النقاط الخلافية فيه.  

وأعلنت الحكومة النمساوية في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشروع قانون "الإسلام الجديد"، وذلك كثمرة للمباحثات الجارية بين الدولة، والهيئة الإسلامية في النمسا، منذ عام 2011.

ويؤكد مشروع القانون الجديد على بعض حقوق المسلمين، مثل الأعياد، وإن لم ينص عليها صراحة كإجازات، كما نص على حق ذبح الأضاحي، والخدمة الرعوية في المستشفيات، والسجون، بينما يتضمن من جانب آخر مواد مثيرة للجدل تحد من حرية الدين الإسلامي في ممارسة بعض الحقوق، بينها مواد متعلقة بمنع الهيئات الإسلامية من الحصول على تمويل من الخارج، والتأكيد على الأولويات الأمنية إذا تعارضت مع حرية العقيدة، وإعطاء الحق العام (الشخصية القانونية) لهيئات إسلامية أخرى.

يشار إلى أن عدد المسلمين في النمسا يزيد عن 560 ألف مسلم، من أصل 8.58 مليون تعداد سكان البلاد حسب آخر الاحصاءات في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.