مع وصول سعر صرف الدولار إلى أعلى مستوى له على الإطلاق أمام الجنيه المصري أبدى محللون ماليون مخاوفهم من ارتفاع الديون العامة للدولة وحدوث عجز إضافي في موازنة الدولة، إضافة إلى إفلاس آلاف التجار وخفض التصنيف الائتماني للبلاد.

وبلغ سعر صرف 12 جنيها في السوق الموازية، بفارق يزيد على السعر الرسمي نحو ثلاثة جنيهات، وسط تكهنات بارتفاع جديد خلال الفترة المقبلة.


وأعقبت القفزة الكبيرة في سعر الدولار أمام الجنيه تصريحا لمحافظ البنك المركزي طارق عامر أمام مجلس النواب أول أمس الأربعاء ألمح فيه إلى خفض العملة، قائلا إنه "لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليا، أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب" بعد أن سبق له أن أكد "خطأ الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه".

واقتصر التحرك حكومة الانقلاب لضبط سعر الصرف على إغلاق نحو 21 شركة صرافة خلال الأشهر الثلاثة الماضية بدعوى مضاربتها بالعملة، واعتقال عضو جماعة الإخوان المسلمين رجل الأعمال حسن مالك الذي زعمت وسائل الإعلام الموالية للانقلاب أنه هو محرك السوق السوداء.

شح الدولار

من جهته، لفت أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية الدكتور أشرف دوابة إلى بيان البنك المركزي الذي صدر قبل عشرة أيام وأظهر نقصا شديد في الموارد الدولارية بالفترة من يوليو 2015 حتى مارس 2016.

ووفق بيان البنك المركزي، فإن الصادرات المصرية انخفضت بنسبة 27.5% خلال تسعة أشهر، كما انخفضت عائدات السياحة بنسبة 40.5%، والتحويلات النقدية للعاملين في الخارج بنسبة 13.6%، ودخل قناة السويس بنسبة 5%.

وقال دوابة إن شح العوائد الدولارية هو السبب في نزيف الجنيه، منتقدا الإجراءات الحكومية التي وصفها بالتعسفية والبوليسية تجاه شركات الصرافة، معتبرا أن غلق شركات الصرافة لن يزيد قيمة الجنيه بل سيؤدي إلى مزيد من التخبط في سعر الصرف طالما لا توجد موارد دولارية.

وحذر من أن غياب الاستقرار الذي تعانيه مصر تحت الحكم العسكري وتحكم مجموعة من الجنرالات في اقتصاد الدولة يهددان بمزيد من سقوط الجنيه أمام الدولار.
الناتج القومي

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سرحان سليمان أن انخفاض معدل نمو الناتج القومي أدى لزيادة حجم الواردات، مما صنع بدوره تكالب الطلب على العملة الأجنبية لاستيراد السلع.

وقال سليمان إن أي إجراءات -سواء كانت نقدية أو اقتصادية- تتخذها الحكومة لكبح جماح الدولار أمام الجنيه لن تؤتي ثمارها مع استمرار الفجوة بين الواردات والإنتاج المحلي، منتقدا غلق عدد من شركات الصرافة التي توفر للسوق نحو ستين مليون دولار يوميا.

وأكد الخبير الاقتصادي أن الدولة شرعت بالفعل في اتخاذ إجراءات تصب في خانة تعويم العملة المحلية (تحرير سعر صرف العملة وفق متطلبات العرض والطلب)، ومع ذلك فإن آثار ذلك عادت بالسلب على الاقتصاد المصري ككل.

وأوضح أن الوضع السياسي غير المستقر يؤثر بشكل عام على الاقتصاد، ويؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، مما ينذر باستمرار نزيف الجنيه أمام الدولار.