محمد عبد الرحمن صادق :
خاطرة يوم ( 26 ) رمضان : الوقت في حياة المسلم
- قال تعالى : " إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ {190} " ( آل عمران 190 ) .
- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه " ( رواه البزار والطبراني ) .
- قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي و لم يزدد فيه عملي " .
- وقال ابن القيم : " أعلى الفكر وأجلها وأنفعها ما كان لله والدار الآخرة ، فما كان لله فهو أنواع ، وذكر منها : الفكرة في واجب الوقت ووظيفته وجمع الهمّ كله عليه ، فالعارف ابن وقته ، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلها ، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت ، فمتى أضاع الوقت لم يستدركه أبداً .
- لقد ترك الإمام النووي من المؤلَّفات ما قسَّموه بعد موته على أيام حياته ، فكان نصيب كل يوم أربع كراريس ، فكيف تمَّ له ذلك ؟ اسمع منه يُجبْك : " وبقيت سنتَين لم أضعْ جنبي على الأرض ! " .
--------------------------------------------------------------------
خاطرة يوم ( 27 ) رمضان : ليلة القدر
- قال تعالى : " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ {3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ {4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5} " ( سورة القدر ) .
- إن بلوغ ليلة القدر ليس من ضربات الحظ ولا من مصادفات الزمان ، ولكنها منحة وجائزة وهبة من الله تعالى يهبها لمن عاش الشهر مُشمراً عن ساعديه ومستغرقاً في صنوف الطاعات ويقظاً كل اليقظة ألا يقع في المنهيات
- إن ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، لأمَّةٍ ذات قدر ولا يهب الله تعالى فضلها إلا لمن كان عند الله تعالى ذي قدر .
- عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه " ( أخرجه الشيخان ) .
- قال سفيان الثوري : بلغني عن مجاهد ليلة القدر خير من ألف شهر قال : عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر .
- وعن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر .
- قال الشافعي : استحب أن يكون اجتهاده في نهارها ، كاجتهاده في ليلها . وقال سفيان الثوري : " الدعاء في الليلة أحب إليَّ من الصلاة " .
- عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها وهي في العشر الأواخر من لياليها وهي طلقة بلجة ، لا حارة ولا باردة ، كأن فيها قمراً لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها " ( بلجة : واضحة ظاهرة ) .
- وختاماً : أسأل الله عز وجل في عليائه أن يجعلنا وإياكم من أهلها ومن شهودها وأن يتقبل فيها دعائنا وأن يبدل فيها أحوالنا وأحوال أمتنا بهلاك أعدائنا وأن يجعلهم الله تعالى عِبرة لكل مُعتبر . ونسأله تعالى أن يتولى أمرنا وأن يدبره لما فيه خيري الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
اللهم اجعلنا من أهلها وأعنا على قيامها واكتب لنا فيها عتقا من النار
خاطرة يوم ( 28 ) رمضان : فتح الأندلس
بعد فتح المسلمين لبلاد المغرب بدأت الأنظار تتجه نحو الأندلس حيث كان المسلمون منذ أيام أمير المؤمنين عثمان بن عـفان رضي الله عنه يفكرون بفتح القسطنطينية بعد فتح الأندلس ، ومن المأثور عن عثمان رضي الله عنه قوله : " إن القسطنطينية إنما تفتح من قبل البحر ، وأنتم إذا فتحتـم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر آخر الزمان " .
- اختار موسى بن نصير للفتح طارق بن زياد ، وركب طارق السفن في سبعة آلاف من المسلمين . ولما علم ( لذريق ) بنزول المسلمين في أرض أسبانيا جمع جيشاً بلغ سبعين ألفاً ، وفي رواية : مائة ألف . - أرسل طارق يطلب مدداً من موسى بن نصير ، فأرسل موسى إليه خمسة آلاف من خيرة الجنود ، فأصبح عددهم اثني عشر ألفاً .
- بدأ القتال يوم الأحد الثامن والعشرين من رمضان سنة 92هـ . ثبت جيش العدو في بداية المعركة غير أنهم قد خارت قواهم وانفضوا هاربين فهجم طارق على القائد لذريق فقتله .
- وبعد مصرعه اتجه جيش طارق لفتح المدن الرئيسية في الأندلس وقاتل من تبقى فيها من أتباع لذريق وانتهى إلى عاصمة الأندلس طليطلة وتمكن من فتحها .
- عبر موسى بن نصير إلى الأندلس بناء على استغاثة وجهها إليه طارق ، ففتح المدن التي لم يفتحها طارق . واستمر الإسلام في الأندلس لمدة ثمانية قرون إلى أن دبت الفرقة في صفوف المسلمين فدارت عليهم الدائرة وخرج المسلمون من الأندلس .
خاطرة يوم ( 29 ) رمضان : فضل الصدقة
- قال تعالى : " مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {261} " ( البقرة 261 ) .
- عن أبي هُرَيرَة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلَّا مَلَكان ينزلان ، فيقول أحدهما : اللهمَّ أعطِ مُنفقًا خَلَفًا ، ويقول الآخَرُ : اللهمَّ أعطِ مُمسكًا تَلفًا " ( رواه البخاري ومسلم ) .
- قال إبراهيم النخعي : " ... وكانوا يرون أن الصدقة تدفع عن الرجل المظلوم ، وتطفئ الخطيئة ، وتحفظ المال ، وتجلب الرزق ، وتفرح القلب ، وتوجب الثقة بالله ، وحسن الظن به ، كما أن البخل سوء الظن بالله . وترغم الشيطان ، يعني الصدقة . وتزكي النفس وتنميها ، وتحبب العبد إلى الله ، وإلى خلقه ، وتستر عليه كل عيب ، كما أن البخل يغطي عليه كل حسنة . وتزيد في العمر، وتستجلب أدعية الناس ، ومحبتهم ، وتدفع عن صاحبها عذاب القبر، وتكون عليه ظلا يوم القيامة ، وتشفع له عند الله ، وتُهوِّن عليه شدائد الدنيا ، والآخرة ، وتدعوه إلى سائر أعمال البر، فلا تستعصي عليه وفوائدها ، ومنافعها أضعاف ذلك " .
خاطرة يوم ( 30 ) رمضان : فأووا إلى الكهف
قال تعالى : " وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً {16} " ( الكهف 16 ) .
- قال ابن عباس رضي الله عنه عن سبب ترك أصحاب الكهف لقريتهم : " إنهم قوم هرَبوا من ملكهم حين دعاهم إلى عبادة الأصنام ، فَمرُّوا براعٍ له كلب يتبعهم على دينهم ، فآووا إلى كهف يتعبدون ، وكان منهم رجل يبتاع لهم أرزاقهم من المدينة إلى أن جاءهم يومًا فأخبرهم أنهم قد ذكرهم الملك ، فتعوَّذوا بالله من الفتنة ، فضَرب الله على آذانهم ، وأمر الملك فسُدَّ عليهم الكهف ، وهو يظنُّهم أيقاظًا ، وقد توفى الله أرواحهم ، وفاة النوم ، وكلبُهم قد غشيَه ما غشيهم ، ثم إن رجلين مؤمنَين يكتمان إيمانهما كتبا أسماءهم وأنسابهم وخبَرَهم في لوح من رصاص وجعلاه في تابوت من نحاس ، وجعلاه في البنيان ، وقالا : لعلَّ الله - عز وجل - يُطلِع عليهم قومًا مؤمنين فيعلمون خبرهم .
- لقد كانت قصة أصحاب الكهف تسلية وتسرية وتثبيتاً لقلب النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام .
- كان نزولها في العهد المكي حيث لقي الرسول صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه كثيراً من المحن والابتلاءات على طريق الدعوة الذي حُفًّ بالعقبات والمكاره .
- نزلت هذه القصة على القلوب المستضعفة برداً وسلاماً تروي شغافها وتقوي دعائمها .
- نزلت لتكون حجة ساطعة تشهد بصدق النبي الأمين صلى الله عليه وسلم .
- جاءت برسالة إلى أهل الكتاب أن هذا القرآن فيه فصل الخطاب وخير الجواب لكل تساؤلاتهم .
- وأخيراً : ها نحن قد انسلخنا من الدنيا وأوينا إلى كهف رمضان لينشر الله تعالى لنا من رحمته وليهيء لنا من أمرنا مرفقاً ، ها نحن قد تزودنا بالإيمان والتقوى ، والعاقل هو من لا يضع كل هذه الخيرات في كيس مثقوب حتى إذا انقضى رمضان خرج منه خالي الوفاض ، صفر اليدين أو خرج منه بخفي حنين .
نسأل الله تعالى العفو والعافية والسلامة والسلام والإسلام .