27/03/2009

نافذة مصر - حازم سعيد :

تقدَّم النائب الأستاذ علي لبن (عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين) بطلب إحاطةٍ عاجل إلى د.أحمد نظيف (رئيس الوزراء ووزير شئون الأزهر) حول مسئوليته عن فتوى شيخ الأزهر بإباحة نقل أعضاء من حكم عليهم بالإعدام.

وأكد لبن على أن شيخ الأزهر ليس إلا عضوًا بمجمع البحوث الاسلامية من بين خمسين عضوًا، يمثلون جميع المذاهب والأقطار الإسلامية، مشددًا على أن انفراده بالفتوى يخالف القانون 103 لسنة 1961م الذي ينظم أعمال مجمع البحوث الإسلامية، والذي هو حلَّ محل هيئة كبار العلماء، حيث يعتبر هذا المجمع هو الهيئة العليا لبيان الرأي فيما يستجد من مشكلات مذهبية واجتماعية ذات صلة بالعقيدة، وذلك حسب نص المادة 15 من هذا القانون.

وحمَّل لبن رئيسَ الوزراء المسئوليةَ عن تزييف قرارات مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية (الثالث عشر)، والذي لم يكتمل النصاب القانوني لاجتماعه يوم 11/3/2009م، والتي بني عليها بالباطل قرار إباحة نقل أعضاء من مات (جذع مخه) دون باقي أعضاء جسمه، وهو القرار الذي أخذت به المجموعة الوزارية برئاسة الأستاذ الدكتور مفيد شهاب في إعداد قانون لنقل الأعضاء، وقد نشرته صحيفة الأهرام في يوم 18/3/2009م، مؤكدًا أن ما بني على باطل فهو باطل. 

وتساءل لبن كيف يسمح رئيس الوزراء "لمجلس المجمع" بإصدار الفتاوى من خلف ظهر "مؤتمر المجمع" وذلك طوال السنوات السبع الماضية التي عُطل فيها عمدًا اجتماعات مؤتمر المجمع بالمخالفة للمادة (22) من القانون 103 لسنة 1961م المشار إليه، مشيرًا إلى أن "مجلس المجمع" ليس مختصًا بإصدار القرارات، ولكنه يختص فقط بتجهيز الدراسات الخاصة بالمشكلات المختلفة التي تعرض بعد ذلك على مؤتمر المجمع ليقول فيها رأيه.

وطالب لبن بعقد اجتماعٍ عاجل للجنة الشئون الدينية بمجلس الشعب لمناقشة هذه الفتوى الخاصة بنقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام أو من مات جذع مخه دون باقي أعضاء جسمه وغيرها من الفتاوى المتعارضة مع القانون 103 لسنة 1961م المشار إليه.

انتقادات شرعية وحقوقية وإجازة طبية

وكان شيخ الأزهر طنطاوى قد أجاز  نقل أعضاء بشرية من المحكوم عليه بالإعدام في جرائم القتل العمد وهتك العرض بعد تنفيذ الحكم فيهم، دون الحصول على موافقتهم المسبقة، أو موافقة ذويهم.

وقال طنطاوي في فتواه، إن من نفذ فيه حكم الإعدام "ليس له حق في أن يكون له ولاية على جسده شرعاً بعد إعدامه في تلك القضايا، على أن يكون ذلك النقل لإنقاذ حياة مريض وبدون مقابل أو موافقة من أهله."

كما أوصى بالتبرع بكل أعضاء جسده بعد وفاته لما ينفع الناس ويذهب المرض والالم عن أى مسلم، وذلك وفق ما يراه الأطباء صالحا لغيره من المسلمين.

وقد قوبلت فتوى طنطاوى باعتراضات، من عدد من العلماء، من أبرزهم الدكتور عبدالرحمن العدوي، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجلس الشعب المصري السابق.

وقال العدوي إن "المحكوم عليه بالإعدام أخذنا الحق منه بالقصاص، فلا يجوز معاقبته مرتين،" وفقا لصحيفة "الأخبار" اليومية.

وسبق وأن رفض نواب البرلمان المصري في عام 2001 بشدة فكرة تدخل الأولاد بعد وفاة الأب للتبرع بأعضائه، محذرين من حدوث "حرب أهلية داخل الأسر المصرية" بسبب ذلك.

وقال حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان فى منتصف هذا الشهر لجريدة «الشرق الأوسط» السعودية عقب صدور الفتوى : «معنى هذه الفتوى أن المحكوم عليهم بالإعدام أصبحوا مباحين يُفعل بأجسادهم أي شيء بعد وفاتهم، ويتحول الأمر إلى المتاجرة بهم». وأضاف: «هذه الفتوى تنزع الخصوصية عن الإنسان على المستوى الديني والحقوقي، فجسد الإنسان هو حقه، وله حرية التصرف فيه بعد وفاته»، مشيرا إلى أن أي شخص يريد التبرع بأعضائه بعد وفاته عليه أن يكتب وصية وإقرارا بذلك، وفي حالة عدم كتابة مثل هذه الوصية يكون الأمر متروكا لأسرته وورثته يقررون ما يشاءون».

ورفض أبو سعدة اعتبار هذا الأمر جزءا من العقاب، قائلا «العقاب على الجريمة يكون مرة واحدة ويكون في حياة الشخص، أما العقاب بعد الوفاة فهو ليس من اختصاص البشر فهو بيد الله فقط». أما محمد فائق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان فاعتبر أن التوسع في نقل الأعضاء شيء إيجابي لأنه قد ينقذ حياة مريض، إلا أنه رفض أيضا فكرة نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام دون موافقتهم.

وقال فائق لـ«الشرق الأوسط»: «كل شخص له حرية التصرف في جسده بعد الوفاة ولا يمكن إرغام شخص على التبرع بأعضائه بعد الوفاة حتى المحكوم عليهم بالإعدام».

أما نقيب أطباء مصر، الدكتور حمدي السيد، فأوضح لـ " سى إن إن " أن "المحكوم عليه بالإعدام شنقا يبقى لدقائق معدودة بعد تنفيذ الحكم على قيد الحياة، ويمكن بالتنفس الصناعي وضربات القلب الصناعية إعادة النبض إليه، ونقل أعضائه لإنسان آخر بعد موافقة أهل الدين."

رأى العلامة الشيخ يوسف القرضاوى

وقد اعترض فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوى على فتوى طنطاوي، مشددا على انه «لا يجوز أخذ أية أعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام إلا أن يكون متبرعا بإرادته، والتبرع بالأعضاء أمر أجازه الفقهاء المعاصرون ولم نختلف عليه، أو موافقة ذويهم أو صدور حكم من القاضي بالاستفادة من أعضائهم».

وأضاف: «لا يجوز شرعا أن نعاقب المحكوم عليه بالإعدام بعقوبتين».