طالع بالخبر نص مقال الأستاذ مجدى الجلاد ونص رد الدكتور حمدى حسن الذى لم تنشره المصرى اليوم حتى كتابة هذه السطور

19 / 10 / 2008

 كتب : محمد حسين
بعث د. حمدي حسن (عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين) بردٍ مكتوبٍ إلى مجدي الجلاد (رئيس تحرير جريدة "المصري اليوم") تعقيبًا على المقال الذي نشره الأخير في عدد الجريدة الصادر يوم 15 من الشهر الجاري.

حمل رد حسن الذي تعمدت الجريدة عدم نشره- حتى كتابه هذه السطور- تكذيبًا صريحًا للدعاوى التي وردت بمقال الجلاد، التي اتهم فيها الإخوان بمداهنة النظام والحكومة في فترات كثيرة، ووفقًا لحسابات غير معلنة، كما زعم الجلاد في مقاله أن نواب الجماعة يفرضون سياجًا من الحماية والتستر على رموز النظام، الذين تحيطهم اتهامات مختلفة.

وقال حسن- في رده- إنَّ اتهامنا بمداهنة الحكومة والنظام وفقًا لحسابات غير معلنة ظلم وافتراء على الإخوان المسلمين ونوابهم، وإذا ثبتت هذه الجريمة فإنه لا يكفيها مياه بحيرة السد العالي ولا مياه العالم كلها للطهارة منها.. مؤكدًا أنَّ الواقع والأحداث تكذب ما ادعاه الجلاد بوضوح شديد.

وقال حسن إنَّ الجلاد تعامل مع تصريحاته على طريقة "ويل للمصلين"، وقال: "لقد نشرت سيادتكم نصف ما نشرته جريدتكم من تصريحاتي، وكأنَّك تتلو: "ويل للمصلين".. دون أن تكمل الآية، وهذا- كما تتفق معي- لا يتماشى مع أمانة إبداء الرأي.

لقد نشرت صحيفتكم الخبر كالآتي: قال الدكتور حمدي حسن عضو مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين إن سبب الرفض يرجع لعدم تشتيت جهود محاربة الفساد والفشل الحكومي في مواجهة أزمة الدويقة, رغم أن إبراهيم سليمان أحد الأعمدة في هذه المنظومة, كما أننا لا نريد أن يخرج الموضوع عن إطاره العام إلى إطار شخصي, وأضاف: "نريد محاسبة النظام ككل وليس فرد واحد منه (المصري اليوم 14/10/2008 الصفحة الأولى).  

وهكذا ترى أنَّنا نوقن أنَّ إبراهيم سليمان أحد أعمدة منظومة الفساد الذي استشرى في ظل هذا النظام، وأنَّنا لا نريد أن نصرف القضية "مكافحة الفساد" إلى قضية فرعية، وهي إسقاط عضوية إبراهيم سليمان؛ لتصبح القضية والمعركة وسؤال الساعة: هل نجحنا في إسقاط عضوية سليمان أم لا، وتختفي قضية الفساد بالكلية وتصبح على هامش القضية.

مشيرًا إلى أنه في ظل أوضاع الانتخابات الحالية سيأتي ألف إبراهيم سليمان آخر، وكلهم منتظرون وعلى استعداد، لافتًا إلى أنَّ لإبراهيم سليمان- كوزير- جرائم لا تعد ولا تحصى، منشورة في كتبٍ، ووصلت إلى المحاكم، ومع زميلنا علاء عبد المنعم وثائق ومستندات يشيب لها الولدان، بل إني شاهد يومي على جريمة من جرائمه، وهي كوبري باب 27 بالقباري، الذي يخدم حركة النقل للميناء الأول والأكبر في مصر- ميناء الإسكندرية- وهو مغلق منهار لفساد الإنشاء وضعف الأحمال، ودون أن يتحرك مسئول واحد لمحاسبته أو معاقبته، والسبيل هو محاكمته على فساده، وليس تحويل المعركة لإسقاط عضويته.

وانتقد حسن طعن الجلاد نواب الإخوان الـ88 بعدم ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي بأمانة، بعد أن انتخبتهم الجماهير تحت شعارات إخوانية واضحة! وقال: "لا أدري علام استندتم في هذا الحكم الظالم وجريدتكم تنشر أنشطة نواب الإخوان الرقابية والتشريعية؟" مؤكدًا أنَّ نواب الإخوان استخدموا كل الوسائل الرقابية المتاحة في اللائحة، وهناك بعضها الذي لم يستخدم أبدا من قَبل، ليس فقط ضد الحكومة، ولكن أيضًا ضد رئاسة المجلس التي تريد أن تطوّع أداء المجلس ونوابه ليكون أداة طيعة مهادنة للحكومة والنظام وفقًا لمشيئتها هي وحدها، وليس لمشيئة النواب أصحاب الحق الأصيل في مسائلة الحكومة.

وأضاف حسن: "يكفي نواب الإخوان شرفًا موقفهم من التعديلات الدستورية التي سموها بحق "انقلاب على الدستور" وما صاحبها من رشاوى للنواب معروفه للكافة، ويكفيهم شرفًا موقفهم من قضية تصدير الغاز للكيان الصهيوني وتدني سعره لبقية دول العالم، ويكفيهم فخرًا موقفهم من تفويض رئيس الجمهورية المستمر بشراء السلاح دون أي مراجعة من المجلس طوال تاريخه كله، ورفضهم المد المستمر لحالة الطوارئ التي أخرت بلادنا مئات السنين، وهي أحد أسباب انتشار الفساد في البلاد، وموقفهم من استقلال القضاة ومحاولة إرهابهم بتحويلهم إلى المحاكمة، وموقفهم الرافض للتعذيب والقتل وإهدار الكرامة للمواطنين في أماكن الاحتجاز وأقسام الشرطة، وهذا ما سيذكره التاريخ للإخوان ونوابهم، وهذه قضايا وطنيه كبيرة".
 
وأضاف عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين: "أما غيرها مما يمس الحياة اليومية للمواطنين، فحدِّث ولا حرج، فمصائب الحكومة وجرائمه اليومية تتيح لنواب الإخوان من الأداء العالي والراقي ما لا يمكن وصفه، منها: حريق قطار الصعيد، وانهيار العمارات والمباني المتتالي، وغرق العبَّارة، وتدني الأداء في مرض أنفلونزا الطيور، واختفاء رغيف الخبز، والبطالة، وتدني الخدمة الصحية، وانهيار التعليم وتخلفه، والموقف غير الكريم من القضية الفلسطينية، وغلق معبر رفح المستمر لإحكام الحصار المفروض من قبل الصهاينة علي أشقائنا للأسف الشديد".

وأضاف حسن: "لقد قدَّم الإخوان- طوال تاريخهم في سبيل الله- أغلى الرجال وأشرفهم فداءً لشعب مصر، في محاولة جدية للإصلاح والتغيير ولإعادة بناء أمة تنشر وجه حضارتها المشرقة، بداية من الشهيد حسن البنا، ومرورًا بعبد القادر عودة، وأخيرًا الشاطر ورفاقه المسجونين بالمحكمة العسكرية، وحمادة عبد اللطيف المصاب بشللٍ رباعيٍّ حاليًا؛ نتيجة اعتداء الشرطة عليه، وغيرهم الكثير، بل ومستعدون لمزيد من التضحيات- رجالاً، ونساءً، وأموالاً- فداءً لوطننا ولشعبنا لنيل حريته وكرامته.

طالع نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ/ مجدي الجلاد
رئيس تحرير جريدة المصري اليوم... السلام عليكم
قرأت عمودكم المنشور يوم الأربعاء 15/10/2008م" بالجريدة تحت عنوان "الإخوان وإبراهيم سليمان... محاولة للفهم" بداية نحن نحترم الرأي الآخر، وخاصة إذا كان ينتقد أداء الإخوان بموضوعية؛ لأننا أول المستفيدين منه، ولقناعتنا أنه لا يوجد من هو كامل الأداء أو الصفات سوى نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ولا ينتقص منا أن نقصر في أداء ما, طالما اجتهدنا وبذلنا فيه الجهد المحترم، ولكن أن تتهمنا بمداهنة الحكومة والنظام وفقًا لحسابات غير معلنة, فهذا ظلم وافتراء على الإخوان المسلمين ونوابهم، وإذا ثبتت هذه الجريمة فإنه لا يكفيها مياه بحيرة السد العالي، ولا مياه العالم كلها للطهارة منها.. ظلم وافتراء؛ لأن الواقع والأحداث تكذب ما ادعيته بوضوح شديد.

لقد نشرت سيادتكم نصف ما نشرته جريدتكم من تصريحاتي، وكأنك تتلو: "ويل للمصلين".. دون أن تكمل الآية، وهذا كما تتفق معي لا يتماشى مع أمانة إبداء الرأي.

لقد نشرت صحيفتكم الخبر كالآتي: قال الدكتور حمدي حسن عضو مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين إنَّ سبب الرفض يرجع لعدم تشتيت جهود محاربة الفساد والفشل الحكومي في مواجهة أزمة الدويقة, رغم أن إبراهيم سليمان أحد الأعمدة في هذه المنظومة, كما أننا لا نريد أن يخرج الموضوع عن إطاره العام إلى إطار شخصي, وأضاف نريد محاسبة النظام ككلٍ، وليس فرد واحد منه "المصري اليوم 14/10/2008م الصفحة الأولى".  

وهكذا ترى أنَّنا نوقن أنَّ إبراهيم سليمان أحد أعمدة منظومة الفساد الذي استشرى في ظل هذا النظام، وأنَّنا لا نريد أن نصرف القضية "مكافحة الفساد" إلى قضية فرعية، وهي إسقاط عضوية إبراهيم سليمان؛ لتصبح القضية والمعركة وسؤال الساعة: هل نجحنا في إسقاط عضوية سليمان أم لا، وتختفي قضية الفساد بالكلية، وتصبح على هامش القضية.

لعلك تتفق معي يا أستاذ مجدي أنَّه- وعلى افتراض النجاح في إسقاط عضوية إبراهيم سليمان- في ظل أوضاع الانتخابات الحالية سيأتي ألف إبراهيم سليمان آخر، وكلهم منتظرون وعلى استعداد، ثم من الذي سيوافق من حزب الأغلبية على إسقاط عضوية إبراهيم سليمان زميله في الدائرة المنكوبة صاحب فضيحة السي دي والـ100 ألف جنيه إعانات للعفاف والزواج؟!! أم بقية النواب أصحاب رشوة الـ100 ألف جنيه التي رفعتها الحكومة إلى 200 ألف جنيه وسيادتكم نشرتم في جريدتكم كيف تم توزيعها على الأقارب والمحاسيب وبعض المشروعات ذرًا للرماد في العيون؟!!.

إنَّ لإبراهيم سليمان- كوزير- جرائم لا تعد ولا تحصى، منشورة في كتب، ووصلت إلى المحاكم، ومع زميلنا علاء عبد المنعم وثائق ومستندات يشيب لها الولدان، بل إني شاهد يومي على جريمة من جرائمه، وهي كوبري باب 27 بالقباري الذي يخدم حركة النقل للميناء الأول والأكبر في مصر- ميناء الإسكندرية- وهو مغلق منهار لفساد الإنشاء، وضعف الأحمال، دون أن يتحرك مسئول واحد لمحاسبته أو معاقبته، والسبيل هو محاكمته على فساده، وليس تحويل المعركة لإسقاط عضويته.

أما ما طعنتم به نواب الإخوان الـ88 من عدم ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي بأمانة بعد أن انتخبتهم الجماهير تحت شعارات إخوانية واضحة! فلا أدري علام استندتم في هذا الحكم الظالم وجريدتكم تنشر أنشطة نواب الإخوان الرقابية والتشريعية؟ واسأل مندوبي جريدتكم وعلى رأسهم الصحفي النابه/ محمود مسلم، ونحن نرضى بحكمه وحكمهم، لقد استخدم نواب الإخوان كل الوسائل الرقابية المتاحة في اللائحة، وهناك بعضها الذي لم يستخدم أبدًا من قَبل، ليس فقط ضد الحكومة، ولكن ضد رئاسة المجلس أيضًا، التي تريد أن تطوّع أداء المجلس ونوابه ليكون أداة طيعة مهادنة للحكومة والنظام وفقا لمشيئتها هي وحدها، وليس لمشيئة النواب أصحاب الحق الأصيل في مسائلة الحكومة.

يكفي نواب الإخوان شرفًا موقفهم من التعديلات الدستورية التي سموها بحق "انقلاب على الدستور"، وما صاحبها من رشاوى للنواب معروفة للكافة، ويكفيهم شرفًا موقفهم من قضية تصدير الغاز للكيان الصهيوني وتدني سعره لبقية دول العالم، ويكفيهم فخرًا موقفهم من تفويض رئيس الجمهورية المستمر بشراء السلاح دون أي مراجعة من المجلس طوال تاريخه كله، ورفضهم المد المستمر لحالة الطوارئ  التي أخرت بلادنا مئات السنين، وهي أحد أسباب انتشار الفساد في البلاد، وموقفهم من استقلال القضاة ومحاولة إرهابهم بتحويلهم إلى المحاكمة، وموقفهم الرافض للتعذيب والقتل وإهدار الكرامة للمواطنين في أماكن الاحتجاز وأقسام الشرطة، وهذا ما سيذكره التاريخ للإخوان ونوابهم، وهذه قضايا وطنية كبيرة.
 
أما غيرها مما يمس الحياة اليومية للمواطنين، فحدِّث ولا حرج، فمصائب الحكومة وجرائمها اليومية تتيح لنواب الإخوان من الأداء العالي والراقي ما لا يمكن وصفه، منها: حريق قطار الصعيد، وانهيار العمارات والمباني المتتالي، وغرق العبَّارة، وتدني الأداء في مرض أنفلونزا الطيور، واختفاء رغيف الخبز، والبطالة، وتدني الخدمة الصحية، وانهيار التعليم وتخلفه، والموقف غير الكريم من القضية الفلسطينية، وغلق معبر رفح المستمر لإحكام الحصار المفروض من قِبل الصهاينة على أشقائنا للأسف الشديد.

لا يفوتني في هذا المجال أن أُذكِّر سيادتكم بالتعاون الوثيق والمستمر بين نواب الإخوان وبين النواب الشرفاء علاء عبد المنعم وجمال زهران وسعد عبود، ولولا هذا التعاون ما كان هناك إنجاز حقيقي لنا جميعًا كمعارضة حقيقية بالمجلس، وأُذكركم بموقفنا جميعًا ضد العقوبة التي قررها المجلس على الزميل سعد عبود، وسحبنا جميعا لاستجواباتنا التي كان لها أثرها الكبير، لولا إجهاضها من قبل من ينتسبون إلى المعارضة للأسف الشديد.

وإذا كنتم لمزتم الإخوان بعدم ترشيحهم أحدًا أمام رموز النظام في الانتخابات الماضية، فإنَّ هذا ليس جبنًا ولا تخاذلاً ولا مداهنةً، ولكنه من الكياسة السياسية لعدم استعداء النظام، ليس فقط على الإخوان، ولكن على الانتخابات ككلٍ، ولإنجاح الوسيلة الجديدة، وعدم إجهاضها من بدايتها، وهذا في صالح بلادنا كلها، ورغم ذلك قام النظام بتعديل الإشراف على الانتخابات مرة أخرى، وعادت الانتخابات إلى طريقتها القديمة للأسف الشديد، ولم تهنأ مصرُ بالتغيير سوى دورتين برلمانيتين، وما حدث في انتخابات الشورى والمحليات وتكميليات الشعب خير دليل.

لقد قدم الإخوان- طوال تاريخهم في سبيل الله- أغلى الرجال وأشرفهم فداءً لشعب مصر في محاولة جدية للإصلاح والتغيير، ولإعادة بناء أمة تنشر وجه حضارتها المشرقة بداية من الشهيد حسن البنا ومرورًا بعبد القادر عودة، وأخيرًا الشاطر ورفاقه المسجونين بالمحكمة العسكرية، وحمادة عبد اللطيف المصاب بشلل رباعي حاليًا؛ نتيجة اعتداء الشرطة عليه، وغيرهم الكثير، بل ومستعدون لمزيد من التضحيات- رجالاً، ونساءً، وأموالاً- فداءً لوطننا ولشعبنا لنيل حريته وكرامته.

فمن الظلم يا أستاذ مجدي أن تنعتنا بعد ذلك بالمداهنة؟ ومع من؟ النظام الحالي؟! هذا ظلم أشد.

سامحك الله يا أستاذ مجدي، وأرجو أن تتقبل رأيي وتنشره لقراء جريدتكم، وهذا بالتأكيد لا يقلل تقديري لمجهوداتك لمحاربة الفساد- عندي ولا عند الإخوان-  فالخلاف لا يفسد الود كما تعرف.

وأكرر ترحيبي وترحيب الإخوان بأي رأي في أي قضية شرط أن يكون موضوعيًّا.
مع خالص احترامي وتقديري.

د حمدي حسن
نائب الشعب
15/10/2008م.

طالع نص مقال مجدي الجلاد

«الإخوان» وإبراهيم سليمان.. محاولة للفهم!

بقلم- مجدي الجلاد 15/ 10/ 2008
حاولت كثيرًا أن أفهم تنظيم الإخوان المسلمين.. تمنيت كثيرًا أن أضع سياقًا واحدًا لتصريحات قياداته، وتحركات قواعده، لاسيما أنني لا أقف في مساحة دعم أو عداء لهذا التنظيم. أختلف معهم أحيانًا، وأتفق أحيانًا أخرى، ولكن الدهشة تصيبني مرات ومرات، حين يكشف الإخوان عن الوجه الموالي للنظام الحاكم، أو الوجه «الخفي» للعبة السياسة، دون النظر إلى مصلحة الوطن الكبير.

تحوَّلت الدهشة إلى صدمة، أمس الأول، وأنا أطالع الخبر الذي نشرته «المصري اليوم» للزميل محمود محمد تحت عنوان «كتلة الإخوان في مجلس الشعب ترفض التوقيع على مذكرة إسقاط عضوية د. محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق».

والقصة أن عددًا من النواب المستقلين أعدوا المذكرة لأسباب منطقية، وتتوافق مع لائحة المجلس، وقالوا فيها- وفقًا لتصريحات النائب النشيط علاء عبد المنعم- إنَّ «سليمان» نائب الجمالية أخلّ بواجباته البرلمانية بتغيبه عن جلسات المجلس، ووصل الأمر به إلى التغيب عن اجتماعات اللجان التي ناقشت كارثة «الدويقة»، رغم أنه نائب الدائرة نفسها «الجمالية ومنشأة ناصر».

فكيف لنائب انتخبه أهالي الدائرة أن «يغيب» عن جلسات تم تخصيصها لكارثة ألمت بنفس المواطنين الذين ذهبوا- أو يُفترض- إلى صناديق الاقتراع ومنحوه أصواتهم؟!

واستندت المذكرة، التي أعدها النواب: علاء عبد المنعم، وسعد عبود، ود. جمال زهران، إلى المادة 96 من الدستور، التي تنص على إسقاط عضوية النائب إذا أخلَّ بواجبات العضوية، ودللوا على ذلك بغياب إبراهيم سليمان عن حضور جلسات المجلس لمدد طويلة، وتواجده بصفة شبه دائمة خارج البلاد، وطالبوا بمراجعة جواز سفره، للتأكد من ذلك.

وكان منطقيًَّا أن يلجأ النواب الثلاثة لكتلة «الإخوان» المعارضة داخل مجلس الشعب، للتوقيع على المذكرة؛ لأن لائحة المجلس تشترط موافقة خُمس الأعضاء، أي نحو 92 نائبًا..

رفض نواب الإخوان، وساقوا مبررًا واهيًا ومكشوفًا «قال د. حمدي حسن عضو المجلس عن الإخوان المسلمين: إن سبب رفضنا يرجع إلى عدم تشتيت جهود محاربة الفساد، وفشل الحكومة في مواجهة أزمة الدويقة».. وكانت المحصلة «إجهاض واحدة من أهم المواجهات داخل البرلمان، أو حماية أحد أعمدة النظام الحاكم والحكومة والحزب الوطني من المساءلة والحساب»!

أمعنوا التفكير معي في محاولة تحليل هذا الموقف العجيب.. لن تصلوا إلى نتيجة إلا إذا وضعناه في سياقه التاريخي الطبيعي، وفي قلب وعقل السياسة «الإخوانية» في التعامل مع النظام الحاكم من جهة، والشارع من جهة أخرى.

دأب الإخوان- رغم القاعدة الجماهيرية التي يمتلكونها، وقدرتهم التنظيمية الكبيرة- على مداهنة النظام والحكومة في فترات كثيرة، ومع رموز محددة، ووفقًا لحسابات غير معلنة.. فإذا كان المواطن المصري قد انتخب 88 عضوًا إخوانيًّا في مجلس الشعب تحت شعارات «إخوانية» واضحة، فإن هذا الاختيار يفرض عليهم أن يمارسوا الدور التشريعي والرقابي الكامل تحت قبة البرلمان.. هذا الدور وتلك الأمانة متي ستتم ممارستهما، ونواب الجماعة يفرضون سياجًا من الحماية والتستر علي أحد رموز النظام، الذين تحيطهم اتهامات مختلفة؟ وقطعًا لن تسنح فرصة أفضل من تغيب إبراهيم سليمان عن جلسات المجلس عمومًا، واجتماعات «الدويقة» خصوصًا.

ولمن يريدون أن يفهموا أكثر.. دعونا نرجع إلى أرشيف الانتخابات البرلمانية والمواقف «الإخوانية» في أحداث وملفات كثيرة.. مبدئيًّا سنجد أن سياسة «الجماعة»، في مواجهة النظام الحاكم والحكومة والحزب الوطني، تستند إلى «فهم عميق» وبراجماتي لطبيعة الحكم في مصر.

فقيادات «الإخوان» يركزون هجومهم دائمًا على النظام والحكومة والحزب، ككيانات عامة، دون انتقاد أو كشف أو ملاحقة الأشخاص أو الرموز بأعينهم، أما المعارك الانتخابية فهي أكثر وأعمق كشفًا لذلك.. إذ لم يسبق لجماعة الإخوان ترشيح أحد أعضاء الجماعة في دوائر بعينها، هذه الدوائر هي التي يترشح فيها وزراء أو مسؤولون بارزون.

ففي الانتخابات الأخيرة عام 2005 حرصوا على عدم منافسة: فتحي سرور، كمال الشاذلي، زكريا عزمي، أحمد عز، محمد إبراهيم سليمان، يوسف بطرس غالي، بل تركوا الساحة خالية لرجال الأعمال من الحزب الوطني، أمثال هاني سرور، ومحمد أبو العينين، ومن قبل رامي لكح.. بينما وضعوا منافسًا قويًا في الانتخابات الماضية للزعيم الكبير خالد محيي الدين، زعيم حزب التجمع، وأحد رجال ثورة يوليو!!

راجعوا هذه الوقائع، لنصل إلى تحليل واقعي لرفض «الإخوان» شطب عضوية محمد إبراهيم سليمان في مجلس الشعب.. راجعوها بإمعان، لنعرف كيف تدار لعبة السياسة في مصر!!.

18/10/2008