استمعت محكمة جنايات القاهرة التى تنظر محاكمة المتهمين بارتكاب الأحداث التى اشتهرت بموقعة الجمل والمتهم فيها 24 من رجال النظام السابق ورجال أعمال اليوم الأربعاء، لشهادة الدكتور محمد البلتاجى عضو مجلس الشعب وأمين عام حزب الحرية والعدالة.

أكد البلتاجى لهيئة المحكمة، أن اللواء حسن الروينى أرسل إليه مرتين ليدعوه إلى لقائه أمام المتحف المصرى بميدان التحرير ظهر يوم الخميس 3 فبراير2011، وخلال اللقاء طلب منه الروينى، ضرورة عودة شباب المتظاهرين إلى الميدان وترك كوبرى 6 أكتوبر وإنزال شباب المتظاهرين من أعلى أسطح العقارات، فأجابه بأنه ليس باستطاعته ولا لأحد غيره السيطرة على هؤلاء الشباب، لأنهم شاهدوا القتل بأعينهم ولم يجدوا أحدا من القوات المسلحة يحميهم، وبالتالى هم مضطرون أن يؤمنوا ظهورهم من أى اعتداء جديد، وأنهم اعتلوا الأماكن العالية لمشاهدة البلطجية القادمين، فرد الروينى بأن ما حدث بالأمس لن يحدث مرة أخرى.

واعتذر البلتاجى لهيئة المحكمة وطلب أن يقول إحدى الجمل التى قالها له الروينى بالنص، مؤكدا أنه قال له: "إحنا قلنا له لّم (....) بتوعك دول"، مؤكدا أن الروينى كان يقصد مبارك والقيادات السياسية المعاونة له، وأكد البلتاجى أنه بعد لقاء استمر نحو الساعة بالروينى رفض خلالها الاستجابة لمطالب الأخير، مبررًا ذلك بأنه يستلزم المزيد من الوقت حتى عودة ثقة المتظاهرين فى القوات المسلحة، وهنا قام الروينى باستدعاء أحد مساعديه وأمره بتصويب الأسلحة نحو أحد الأشخاص أعلى سطح أحد العقارات دون إطلاق الرصاص، وتغيب عن الحضور كل من د. صفوت حجازى وتوفيق عكاشة.

عقدت الجلسة برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، وعضوية المستشارين أنور رضوان وأحمد الدهشان وحضور وائل شبل مدير النيابة.

وفى بداية شهادته قال الدكتور محمد البلتاجى عضو مجلس الشعب عن حزب الحرية والعدالة، إنه كان بميدان التحرير يومى الأربعاء والخميس 2 و3 فبراير وإنه كان موجودا بصفة دائمة منذ 29 يناير، وكان يخرج في أثناء الواقعة فى محيط الميدان ثم يعود إلى داخله مرة أخرى.

وعن أحداث الواقعة قال استنادًا لما تم بينى وبين قيادات عسكرية ومخابراتية وأمنية، تبين لى أن النظام السابق يرتب لإخلاء ميدان التحرير بالقوة عقب خطاب الرئيس السابق الذى أدلى بها مساء يوم الثلاثاء 1 فبراير، وأن النظام السابق كان يراهن على أن الخطاب سوف يؤثر فى معنويات المتظاهرين، وربما يشكل ضغطا على الرأى العام والمتظاهرين، وعقب خطاب مبارك نزلت مجموعات مختلفة إلى الميدان لإقناع المتظاهرين بإخلائه، ولم يصاحب ذلك أى أعمال عنف.

وأضاف البلتاجي قائلًا فى صباح الأربعاء 2 فبراير، تلقيت وآخرين بالميدان اتصالات على الهواتف المحمولة من أشخاص غير معلومين، تؤكد أن هناك تجمعات وحشودا فى مناطق متفرقة بالقاهرة والجيزة يدعو لها أنصار النظام السابق ورجال أعمال، للتحرك تجاه ميدان التحرير لإخراج المتظاهرين بالقوة، ووفقا للمكالمات الهاتفية التى وردت لى عن وجود تجمعات تؤيد النظام السابق داخل ميدان مصطفى محمود وخلف وأسفل كوبري 6 أكتوبر اتجاه ميدان عبد المنعم رياض، وكذلك بشارع طلعت حرب وقصر النيل.

وأكد أن الذين هاجموا الميدان هم مجموعات نظامية، بينهم بلطجية تابعون للنظام السابق وحاولوا دخول ميدان التحرير.

وأضاف البلتاجي بأن بعد هذه المعلومات التي وردت له، وقعت اشتباكات وأسفر عنها سقوط ضحايا، وقام المتظاهرون بتكسير الكتل الخرسانية لاستخدامها فى الدفاع عن أنفسهم، لمنع دخول البلطجية للميدان، وبعدها حضرت مجموعة أخرى من ناحية ميدان عبد المنعم رياض يستقلون الخيول والجمال وكان معهم قطع حديدية واقتحموا الميدان وحدثت حالة من الهرج والمرج وتجمع شباب المتظاهرين وقاموا بمطاردتهم وأمسكوا بالبعض وبعدها حضرت مجموعة أخرى من أعلى كوبرى 6 أكتوبر، وحضرت معهم سيارات تابعة لمؤسسات حكومية محملة بقطع سيراميك ورخام وقام البلطجية باستخدامها للاعتداء على المتظاهرين وطوال الوقت يسقط مصابين من المتظاهرين، وطلبنا من سيارات الإسعاف الدخول لنقل المصابين، لكن لم تكن هناك استجابة وتم نقلهم إلى المستشفيات.

وأكمل أنه وردت معلومات عن إصابة بعض المتظاهرين بطلقات نارية، وفى الساعة الثانية ظهرًا قام أحد الأشخاص بالنداء عليه، وطلب منه مقابلة أحد القيادات الأمنية داخل مكتب للسياحة، ودخل المكتب وقابل تلك الشخصية وعرف نفسه بأنه اللواء عبدالفتاح من جهاز المخابرات العامة، وكان مع البلتاجي مجموعة من المتظاهرين، وطلب إخلاء ميدان التحرير حقنًا للدماء، وأكد أن لديه معلومات مؤكدة بوجود مجموعات من أنصار مبارك سوف تدخل إلى ميدان التحرير وهى مجهزة للاشتباك مع المتظاهرين وأن ذلك سيؤدى إلى حدوث دماء كثيرة ولابد من إخلاء الميدان وفض التظاهر وقال البلتاجي له: "يا سيادة اللواء كيف تسمحون إلى هؤلاء البلطجية بالدخول إلى ميدان التحرير"، فرد عليه قائلاً إنهم مواطنون مصريون يريدون التعبير عن رأيهم للرئيس مبارك، فقال البلتاجي: "هل ضاق بهم ميدان مصطفى محمود؟! فلديهم كل ميادين مصر للتظاهر فيه ومن الممكن أن يتم فتح إستاد القاهرة لهم، فهو يستوعب الآلاف"، فرد اللواء قائلاً: "هم يريدون التعبير عن رأيهم بميدان التحرير مثلكم ولا أستطيع منعهم".

وأضاف البلتاجى: "أن الحوار استمر إلى مايقرب ساعة، لكنه جلس داخل مكتب السياحة لمدة ساعات، يقوم بمتابعة الأحداث أول بأول، وقبل أن يتنهى اللقاء مع اللواء عبد الفتاح قلت له ما هو الضمان فى حالة عودة المتظاهرين إلى بيوتهم أن يصلوا سالمين إليها بعد أن أحاط مؤيدو النظام السابق بالميدان من جميع الجهات؟!، فرد على نحن مسئولون عن خروجكم من الميدان سالمين دون أن يتعرض لكم أحد، فأنهيت الحوار قائلاً شكرًا ياسيادة اللواء، إذا كنتم تستطيعون أن تضمنوا خروجنا من الميدان سالمين فأنتم تستطيعون حمايتنا داخل الميدان وأنتم المسئولون عن حدوث أى اعتداءات على المتظاهرين.

وقال: "إنه فى الساعة الثامنة مساء يوم الأربعاء 2 فبراير علمت أن وزير الصحة متواجد داخل مستشفى قصر العينى ووجود أكثر من 15 سيارة إسعاف جديدة تحركت إلى شارع قصر العينى، وفى المساء شعرت أن هناك اعتداء أكبر سوف يقع على المتظاهرين بعد تجمع سيارات الإسعاف وكأنها تنتظر حدثا، بالإضافة إلى إجبار كاميرات التصوير والإعلاميين على الخروج من الميدان بالقوة لعدم تصوير ما سوف يحدث داخل الميدان، واستمر إطلاق الرصاص من الساعة الثامنة مساء يوم 2 فبراير على فترات متقطعة، وعلمت أن مصدرها من أعلى كوبرى 6 أكتوبر أعلى ميدان عبد المنعم رياض وترددت أقاويل إن هناك مجموعات مسلحة متواجدة أعلى مبنى فندق هيلتون رمسيس، وأنها مصدر الإصابات بالمتظاهرين داخل الميدان وفى صباح يوم 3 فبراير اتصلت بقناة الجزيرة بالدوحة، وقلت الظواهر الموجودة أمامنا الآن وسيارات الإسعاف الموجودة بشارع قصر العينى وإخلاء الميدان من الإعلاميين، يؤكد أن هناك مجزرة أعد لها من قبل النظام السابق، وأناشد المجتمع الدولى وكل طوائف الشعب المصرى للتدخل لوقف هذه المجزرة وفى الساعة السادسة فجرا سمعت أصوات إطلاق نار كثيف وتوجهت إلى مصدر الصوت، فوجدت المتظاهرين حاملين المصابين وشاهدت أحدهم توفى بطلق نارى، وأكد المتظاهرون لى أن المتوفى قتل بواسطة قناصة مدربين من خلال أسلحة بها أشعة ليزر وعقب شعور المتظاهرين أن النظام المجرم يقتل شعبه لن يستطيع خطاب الرئيس السابق الذى حاول فيه استعطاف الشعب والتأثير على البسطاء وأصبح المتظاهرون بالميدان على قلب رجل واحد ولم يستطيع أحد التأثير على مشاعرنا سواء من خطاب مبارك أو اللواء عمر سليمان، واحتشد الميدان بالمتظاهرين وصعدوا أعلى كوبرى 6 أكتوبر لتأمين المتواجدين داخل الميدان من هجمات البلطجية، وتم نقل السواتر الحديدية من ميدان عبدالمنعم رياض إلى المتحف المصرى".

وأضاف البلتاجي: "فى ظهر يوم الخميس 3 فبراير حضر إلي رجل مسن وملتح وأخبرني أن اللواء حسن الروينى، قائد المنطقة العسكرية المركزية، يريد مقابلتى أمام بوابة المتحف المصرى، فأديت صلاة الظهر وبعدها حضر ذات الرجل وطلب منى مقابلة اللواء الروينى، وكان معى الدكتور عبد الجليل مصطفى والدكتور محمد أبو الغار ومحمد درار وأبو العز الحريرى، وتوجهنا للقاء اللواء الروينى، وفوجئت به يقول "ما الذى جاء بكم" فقلت له "حضرتك طلبت مقابلتنا" فرد قائلاً "أنا طلبت مقابلة محمد البلتاجى فقط"، فقلت له "إذا أردت مقابلة أحد ممثلى الإخوان المسلمين فأنا لا أمثلهم، وإذا كنت تريد الحديث فى شأن ميدان التحرير فنحن جميعا نشارك فى أى قرار يتعلق بموقفنا"، وأصر اللواء الروينى على الحديث معى منفردا، ورفضت اللقاء منفردا معه وانصرفت مع المجموعة التى كانت تصاحبنى، لكنهم استشعروا الحرج وهم رموز سياسية كبيرة وطلبوا منى أن ألتقي به وأخبرهم بعدها بما تم فى ذلك اللقاء، وبعدها اصطحبنى اللواء حسن الروينى إلى داخل المتحف المصرى وجلسنا داخل حديقة المتحف واستعرض اللواء الروينى الأحداث التى وقعت بميدان التحرير منذ 25 يناير ساعة بساعة، قال لى ضرورة عودة شباب المتظاهرين إلى الميدان وترك كوبرى 6 أكتوبر وإنزال شباب المتظاهرين من أعلى أسطح العقارات الموجودة أمام المتحف المصرى، فقلت له "أنا لا أستطيع أوغيرى السيطرة على هؤلاء الشباب لأنهم شاهدوا القتل بأعينهم ولم يجدوا أحدا من القوات المسلحة يحميهم، وبالتالى هم مضطرون أن يؤمنوا ظهورهم من أى اعتداء جديد وأنهم اعتلوا الأماكن العالية لمشاهدة البلطجية القادمين، فرد اللواء الروينى قائلاً: "إن اللي حصل إمبارح مش هيحصل تانى" فقلت له يا سيادة اللواء إننا نفهم أن الذين هجموا على المتظاهرين هم بلطجية حضروا بقرار سياسى، وأن ما تم ترتيبه أمس أمر منظم ومعد من قبل القيادة السياسية، واستخدمت عناصرها الذين نفذوا تلك الاعتداءات مع مجموعات أخرى"، فرد اللواء الروينى قائلاً "قولتلك اللى حصل إمبارح مش هيتكرر تانى وإحنا فاهمين اللى حصل كويس، وقال للقيادة السياسية لم ........ بتوعك دول".

وأضاف البلتاجى أمام المحكمة إن ما تم بميدان التحرير كان بعلم مبارك وقياداته السياسة والأمنية وطلب اللواء الروينى أن أقنع شباب المتظاهرين بالنزول من أعلى كوبرى أكتوبر، فقلت له إن هذا يستدعى مزيدا من الوقت حتى تكون هناك ثقة بين المتظاهرين والقوات المسلحة حتى يشعروا بالأمان.

كما قال البلتاجى فى شهادته أمام المحكمة إن اللواء الروينى طلب منه إنزال أحد الأشخاص المتظاهرين من أعلى أسطح العقارات وطلب من أحد الجنود تصويب البندقية تجاهه بدون إطلاق الرصاص عليه، وأضاف إن اللقاء انتهى مع اللواء الروينى واستغرق ساعة كاملة ولم ألتقيه بعدها.

وتقدم محامى الدكتور صفوت حجازى باعتذار يفيد إصابته بوعكة صحية كبيرة وطلبت المحكمة من الدفاع تقديم شهادة تفيد بذلك وتبين عدم حضور الإعلامى توفيق عكاشة إلى المحكمة.

ونفى البلتاجى، مشاهدة أيٍ من رموز النظام السابق داخل ميدان التحرير، أثناء أحداث موقعة الجمل يومى 2و3 فبراير، وذلك في رده على سؤال محمد عودة المتهم السابع بالقضية.

وعقبت النيابة على إجابة البلتاجي حول عدم رؤيته للمتهمين داخل ميدان التحرير، موجهة له سؤلاً مفاداه: هل يعد ذلك إجابة قاطعة على عدم رؤية المتهمين الماثلين فى قفص الاتهام بـ "التحرير"؟، فأجاب بأن عدم تواجد المتهمين بالميدان لا ينفى عنهم التهم، قائلاً: لم أرهم بعينى ومن الممكن أن يكون غيرى قد شاهدهم.

وقدم البلتاجى "سى دي" يحتوى على مشاهد وصور متنوعة للشهداء والمصابين بميدان التحرير يوميّ 2 و3 فبراير احتوت على مقطع من المؤتمر الصحفى للجنة تقصى الحقائق المشكلة من رئيس الوزراء ، ومقطع آخر من مؤتمر صحفى مع المستشار عمر رئيس لجنة تقصى الحقائق، وحوار للفريق أحمد شفيق يتحدث فيه عن كل التعليمات ومسئوليته عن أحداث الميدان أيام 2و3و4 فبراير، بجانب مقطع فيديو خاص بقناة الجزيرة عن الأحداث التى وقعت فوق كوبرى 6 أكتوبر، وآخر فوق أسطح عمارات التحرير وعليه أنصار مبارك يحملون صورته.

 

الأهرام