إن الإدارة بحد ذاتها هي: عملية دمج وتنسيق الموارد المادية (كالمعدات والأدوات)، والبشرية (الأفراد) في منشأة من خلال التخطيط لها وتنظيمها وتوجيهها ومراقبة إنتاجها؛ لتحقق بالتالي أهداف المنشأة.
كل عمل على اختلاف مستوياته لابد له من الاستفادة من علم التخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة، أو مايسمى بالوظائف، وبالتالي شرح هذه الوظائف وكيفية الاستفادة منه، خاصة إذا استحضر الإداري المسلم في قلبه وكيانه أنه في إدارته مدفوع بذاتية ربانية ونبوية المنهج، تقوده للتفكير السليم القويم كسمة يتميز بها عن غيره.


أولاً: التخطيط:
هو (ضرورة لكل المنشآت؛ لأنها تعمل في ظروف متغيرة، ومن ثم فإن محاولة التخفيف من مفاجآت هذه الظروف هو الدافع وراء عملية التخطيط، كما أنه عملية مستمرة تدعو لاختيار بديل من عدة بدائل لتطبيقه في المستقبل)، ونحدد من خلاله ما نريد أن نعمله، وما الذي يجب عمله، وأين؟ وكيف؟ ومتى؟ وعن طريق مَنْ؟
(ثم على الخطة أن تتسم بالواقعية والمرونة والشمولية، وكذلك تناسق الخطط فيما بينها لضمان استمراريتها).


ثانياً: التنظيم:
يأتي دور التنظيم لضمان تنفيذ الخطط بالشكل المطلوب، أو بمعنى آخر تنظيم التنفيذ دون الارتباك في توزيع العمل، والتنظيم مهم لتحديد مهام وواجبات كل الأفراد ـ أعضاء المنشأة ـ، وكذلك تحديد وبيان علاقة كل فرد وأين موقعه من الجماعة، وتوزيع السلطات والصلاحيات لمستويات الأفراد المختلفة؛ كل ذلك من أجل إيجاد تنسيق بشري يساهم فيه كل فرد لإنجاح مسيرة العمل
ومن السابق يمكن تعريف التنظيم بأنه: “عملية بناء العلاقات بين أجزاء العمل، ومواقع العمل، والأفراد من خلال سلطة فعالة بهدف تحقيق الالتحام والترابط وأداء العمل بطريقة جماعية منظمة وفعالة”.


ثالثاً: التوجيه والقيادة:
إن للتوجيه الإداري ارتباطاً وثيقاً بمهارات القياديين؛ لذا هو: (فن وقدرة المدير على السير الصحيح بمن تحت إمرته وهدايتهم وتوجيهم، مع إشاعة روح الود والحب والرضا والتفاني والانتماء في العمل؛ حتى يتحقق الهدف المطلوب).
ولنجاح عملية التوجـيــه ينبغي مراعاة الاتصال الفعال الذي يربط قنوات النظام الداخلي والخارجي، مع وضوح أهداف النظام الكلية، والأهداف المطلوب تحقيقها من كل فرد يعمل لهـذا النظام على اختلاف مستواه.
أضف إلى ذلك رفـــع الروح المعنوية للأفراد من تقديم التشجيع والثناء والمزيد من الحرية والتصرف، ناهيك عن الدافع الديني الذاتي لدى كل منهم، ولايفوتنا الإشارة للتوجيه الرباني لكل من القائد وأتباعه {مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
 

رابعاً: الرقابة:
والرقابة بمفهومها العام تعني: التأكــد من أن المبادئ الآنفــة الذكر ـ التخطيـط ، التنظيم، التوجيـه ـ تسير في الاتجاه الصحيح نحو الأهداف المرسومة، ويكون ذلك بقياس الأداء، ومقارنـة النتائـج بالأهداف، ضمن معاييـر موضوعـة سلفاً لتصحيح وتعديل أي انحراف في الأداء، ضماناً لفاعليـة وكفاءة التنفيــذ.


ولعل أبرز ما يتسم به الإداري المسلم الرقابة الذاتية على نفسه، فهي تشمل كافة شئون الحياة الفردية والجماعية، حيث يعلم أنه خلق لعبادة الله وحده ، وبالتالي فإن جميع أفعاله ــ مقياس لمدى طاعته لأوامر الله، ثم محاسبة نفسه قبل أن يحاسبه خالقه، يقول تعالى: {إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1].


والمسلم كذلك مطالب برقابة أخيه المسلم بالتناصح والتوجيه يقول تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ} [التوبة: 71].
وإن كان ترتيـب الرقابة فـي الـنظرية الإدارية فـي النهاية، إلا أني أعتقد أن عنصر الرقابة هو العنصر الأول والملازم للعملية من بدايـة التخطيط وأثناء التنظيـم والتوجيه، وانتهاء بالتأكد من تحقيق الهدف المطلوب.. وبذلك يعي الإداري المسلم مدى نجاح عمله بتوفيق الله كسمة يجب أن يتميز فيها عن غيره.