14/06/2010
نافذة مصر / جولة الصحافة - كتب / محمد حمدي:
دخلت الأزمة بين المحامين والقضاة في طريق مسدود بعد أن أصدر مجلس القضاء الأعلى بيانا اليوم يتجه فيه نحو التصعيد، إذ أعلن أنه باعتباره المختص بسائر شئون رجال القضاء والنيابة العامة، وقوفه بقوة إلى جوار أبنائه من القضاة وأعضاء النيابة العامة، ضد ما يتعرضون له من أعمال إرهاب وترويع وتخويف تضع مرتكبيها تحت طائلة العقاب، والتي من شأنها منع سدنة العدالة من مزاولة مهنتهم في تحقيق العدل والإنصاف وإعطاء الحقوق إلى مستحقيها.
واستنكر المجلس الأعلى في بيانه ، عقب اجتماع طارئ له، برئاسة المستشار عادل عبد الحميد رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض، الأحداث المؤسفة التي تجاوزت حدود المشروعية وضوابط حق الإضراب، وعدم القيام بواجب الدفاع عن المتقاضين واستخدام القوة والعنف والتهديد والاحتجاز وإتلاف الأموال والأملاك العامة والحيلولة دون نهوض السلطة القضائية برسالتها فى إقامة العدل والنيل من هيبتها والإخلال بثقة الرأي العام فيها في أساليب غير مسبوقة.
كما نفى المستشار عبد الله فتحى، وكيل أول مجلس إدارة نادى القضاة، صحة ما ردده البعض فى وسائل الإعلام المختلفة بأن هناك محاولات للصلح أو التهدئة ما بين نقابة المحامين وأى جهة قضائية أخرى، قائلا فى لقائه اليوم، الاثنين، مع عدد من الصحفيين: "إن نادى القضاة ليس طرفا فى محاولات المحامين للتهدئة أو التفاوض وحل أزمتهم"، مضيفا: "أن موقف النادى يتمثل فى حماية أعضائه وكرامتهم".
أما بالنسبة للقاء الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، مع المستشار أحمد الزند أمس الأول، السبت، أكد عبد الله فتحى أن سرور لم يتدخل فى أعمال السلطة القضائية، ولكن ما قام به هو محاولة منه للحفاظ على العلاقة المستقبلية بنادى القضاة ونقابة المحامين فيما بعد انتهاء الأزمة القائمة حاليا، مشيرا إلى أن سرور طلب أن تتاح الفرصة للمحكوم عليهم فى الدفاع عن أنفسهم فى الاستئناف.
وعلى الجانب الأخر نظَّم العشرات من المحامين وقفةً احتجاجيةً اليوم بالنقابة العامة لتأكيد مواصلة إصرارهم على الصمود في وجه التعسف الذي يُمارَس ضدهم على حدِّ تعبيرهم، فيما قابل حمدي خليفة نقيب المحامين، ومحمد طوسون المقرر العام للجنة الشريعة، النائب العام لنظر تطورات التسوية.
فيما تواصل اضراب المحامين لليوم الخامس على التوالي في جميع أنحاء الجمهورية حيث وصلت نسبة الإضراب في بعض المحاكم إلى 100% وبالأخص محكمة طنطا ووصلت في محاكم أخرى إلى 95% وكانت أقل نسبة هي 70% .
ففي الغربية ارتفع عدد المحامين المضربين عن الطعام إلي ستة محامين بعد أن بدأ أربعة منهم أمس الأول إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا علي الحكم بحبس زميليهم، ورغم إخطار المحامين للجهات الرسمية، فإنهم لم يلاقوا الرد الطبيعي والاهتمام المنطقي في تلك الحالات، من توفير رعاية صحية عاجلة، أو السماع إلي شكاواهم وأسباب الإضراب، وهو ما أدي إلي إصابة أحد المضربين عن الطعام وهو المحامي مجدي عبد المحسن راغب بحالة إغماء نتجت عن هبوط ضغط الدم بعد امتناعه عن الطعام والشراب، مما دفع عشرات المحامين إلي نقله لمستشفي المنشاوي العام بطنطا لإسعافه وتلقي الرعاية الصحية العاجلة. وقد رفضت إدارة المستشفي تحرير تقرير طبي يثبت إضراب المحامي عن الطعام والتسبب في إصابته بحالة الإغماء، بزعم عدم توافر قرار من النيابة، وهو الإجراء الطبيعي الذي يطلب من أي مواطن اتباعه في حالة إضرابه عن الطعام، وهو الأمر الذي علق عليه المحامون بالقول: في هذه الحالة فالخصم هي النيابة ذاتها !! إذ تبدو كأنها الخصم والحكم في ذات الوقت،
كذلك ظهرت قاعات المحاكم الجنائية مغلقة تماماً بعد أن قاطعها المحامون، كما اكتفي المحامون بالاجتماع بالغرف الخاصة بهم، في الوقت الذي استمر فيه الحصار الامني للمحاكم بعشرات من سيارات الأمن المركزي والمطافئ، وانتشار عناصر الشرطة وأمن الدولة.
كما أصدرت النقابة الفرعية بالغربية بياناً رقم «2» حصلت «الدستور» علي نسخة منه، وجاء البيان تحت عنوان «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا»، وقال البيان: «كلنا نعيش الأحداث التي نعلمها جميعا بداية من واقعات التعدي المتبادلة بين مدير نيابة ثان طنطا وإيهاب ساعي الدين المحامي، مروراً بالمحاكمة وما تم فيها من إجراءات والحكم الذي صدر فيها، ووقفة المحامين في كل محافظات مصر والحضور القوي للنقابات الفرعية وأعضاء النقابة العامة في مشهد لم يسبق له مثيل في تاريخ المحاماة ونقابة المحامين.
وفي دمياط واصل محامو دمياط إضرابهم عن العمل بمحاكم شطا ودمياط وفارسكور والزرقا وكفر سعد وذلك تضامنا مع زميليهم المحبوسين، وامتنع المحامون عن إقامة دعاوي قضائية جديدة مهددين بالإضراب عن الطعام ، وقد أعلن المحامون عن البدء في «اعتصام ليلي» لمدة أسبوع يبدأ من الحادية عشرة إلي الواحدة صباحاً داخل المحاكم.
وفي المنوفية واصل أكثر من 6 آلاف محامٍ الإضراب عن العمل في 12 محكمة جزئية بالمنوفية ضمن الإجراءات التصعيدية التي قرَّرها مجلس النقابة العامة؛ حيث شمل الإضراب المقاطعة التامة للنيابة العامة، والامتناع عن سداد الرسوم القضائية والمقاطعة التامة لمحكمة الجنايات؛ التي لا يُجيز العقل الفصلَ في قضاياها إلا بحضور المحامين.
وفي الإسماعيلية واصل محامي الإسماعيلية إضرابهم لليوم التالي؛ حيث بدأ الإضراب الفعلي يوم أمس، وخلت محكمة الجنايات من لجان الدفاع وامتنع المحامون عن رفع أي دعاوى جديدة.
وفي بني سويف استمر المحامون في الإضراب بعد حضور جلسات المحاكم عدا الجنايات، وقال محسن أبو عقل نقيب محامي بني سويف: إن نسبة الإضراب بلغت 100% في جميع المحاكم، وإن موقف النقابة موحَّد بوجه عام بالاتفاق مع النقابة العامة.
وفي قنا تظاهر أكثر من ألف محامٍ دعماً لمحاميي طنطا واحتجاجاً علي الحكم بحبسهما.
وفي السويس استمر إضراب المحامين أمام محاكم المحافظة، فيما أكد علي أحمد علي- أمين لجنة الحريات- أن المجلس سيتخذ قراراً خلال الفترة القادمة مع محامي السويس في استمرار الإضراب أم إنهائه أو قصره علي بعض الدوائر، مشيراً إلي احتمالية اقتصاره علي الجنايات والجنح المستأنفة، قائلاً: «المحامون مصرون علي إكمال الدفاع عن حقهم حتي نهاية القضية».