كتب - الشيخ/ خالد رزق تقي الدين (رئيس مجلس مشايخ البرازيل):

مدينة "كويابا" هي عاصمة ولاية "ماتو غروسو" وأكبر مدنها تأسست في 1719، ويبلغ عدد سكانها 561 329 نسمة، ما يجعلها عاصمة صغيرة في وسط أمريكا الجنوبية، وهي واحدة من 12 مدينة ستقام فيها مباريات كأس العالم لكرة القدم عام  2014.

يسكن في المدينة مائة وخمسون عائلة  لبنانية من مسلمي أهل السنة أسسوا جمعيتهم الإسلامية في 8 أبريل من عام 1972م وبدأوا يصلون الجمعة في بهو محل تجاري يملكه أحد المسلمين.

ولبناء المسجد في تلك المدينة قصة فيها من العبر الكثير، سأترك سردها لفضيلة الشيخ أحمد صالح محايري عميد الدعاة وهو علم من أعلام الدعوة الإسلامية في البرازيل وقد عاصر هذه الأحداث بنفسه وكان جزءا منها.

يقول الشيخ أحمد صالح المحايري حفظه الله ورعاه " وحصل أن شابا ملتزما بالإسلام جاء من لبنان ليزور أحد أقربائه في مدينة " كويابا " فوجدهم يصلون الجمعة في بهو، فكتب رسالة للملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله يطلب فيها مساعدة لجمعية " كويابا " لبناء الجامع وأرسلها دون علم من أعضاء الجمعية فتبرع الملك بثلاثين ألف دولار لبناء الجامع في تلك المدينة، ولما وصل المبلغ للسفارة السعودية اتصل بي سعادة السفير مأمون القباني  يسألني إن كان يوجد جمعية إسلامية في " كويابا " ثم استدعاني إلى برازيليا عام  1977 م وسلمني الشيك وقال اذهب بنفسك إلى مدينة " كويابا " فإن لم تجد فيها جمعية إسلامية أو وجدت المسلمين مختلفين فيما بينهم فأعد الشيك إلينا وأنت مسؤول عنــه.

وصلت " كويابا " وقت المغرب ولا أعرف عنوان الجمعية لعدم وجود مقر لها بل لا أعرف بمن سأتصل فذهبت إلى محطة التلفزيون المحلي وأخبرت المسؤول أنني شيخ أريد الاتصال بأبناء العرب ولا أعرف عنوان أحد منهم فأريد أن أخاطبهم عبر قناتكم التلفزيونية هذه، فقال لي مسؤول البرامج : نعطيك خمس دقائق وأدخلني إلى الأستوديو وأنا باللباس العربي فعرَفت بنفسي على الهواء وقلت أود أن أجتمع مع وجوه الجالية، وفي اليوم التالي حضر للفندق المسلمون وكان يوم خميس فقلت لهم سأصلي معكم الجمعة غدا لنتحدث بموضوع جمعيتكم الإسلامية وكانوا أكثر من ستين شخصا وكلهم من الشباب من قرية " القرعون " اللبنانية وكان كبيرهم سعيد الخرفان قد تنافس معه على الرئاسة آل العقدة وخلافهم كان شديدا وفهمت منهم، أنهم اشتروا قطعة أرض لمشروع جامعهم وعقب صلاة الجمعة استدعيت رئيس الجمعية وأمين صندوقها وسلمتهم الشيك بثلاثين ألف دولار أمام المصلين، ووقعوا على وصل الاستلام ثم قالوا لي لن تغادر المدينة حتى نشكل إدارة جديدة لهذه الجمعية الإسلامية وفعلا تم تشكيلها بحضوري خلال أيام قضيتها بينهم وشارك فيها جميع فئات الجالية.

 قبل مغادرتي مدينة " كويابا " زرت حاكم الولاية في قصره وقلت له إن المساجد بيوت لله تقام فيها الصلوات ويتعلم فيها الناس الإيمان ومحاسن الأخلاق، وبدأت إدارة الجمعية الإسلامية بالإعداد للحفل الرسمي لوضع حجر الأساس لهذا الجامع على الأرض التي اشترتها وسط المدينة على مرتفع يطل على " الكاتدرال " بمعنى أن الجامع على صف الكاتدرال ولكنه أعلى منها بنحو ثلاثين متر ولما بني الجامع بقبته ومئذنته غطى شكله على الكاتدرال بنسبة 60% تتابعت زياراتي المكوكية من لوندرينا الى غويابا بالنقل الجماعي للاعداد للحفل الرسمي لوضع حجر الاساس الذي كان في يوم 12/8/1975م فاتصلت بحاكم الولاية عدة مرات وبمكتبه من أجل الترتيب للحفل ولما علم الحاكم أن بعض السفراء العرب في برازيليا قد استدعوا لحضور الحفل قرر إرسال طائرته الرسمية لحملهم إلى " كويابا " وإعادتهم وهكذا وصل كل السفراء العرب للحفل يتقدمهم السفير السعودي محمد خيري القباني، وحضر الحفل من سان باولو وجهاء الجالبة الإسلامية يتقدمهم الحاج حسين الزغبي رحمه الله رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية الأم والذي كان مديرا للشكرة " للبستان " الذي كانت منتجعا للجالية في " سانتو أمارو "،  والذي أضحى بفضل الله اليوم مسجدا كبيرا ومدرسة وفي الحفل أعلن الحاج حسين الزغبي رحمه الله وقتها عن مساعدة لمشروع جامع غوبابا منه ومن مسلمي سان باولو كآل الهواش وضرغام وغيرهم من الرعيل الأول، علما أن بعد  الحفل  بسنتين تأسس اتحاد الجمعيات الإسلامية برئاسته.

حضر حفل وضع حجر الأساس مسلمو كامبو غراندي بل أغلب مسلمي ولاية ماتو غروسو واثنا عشر سفيرا وقائما بالأعمال، وقد شاركتُ في الحفل بإلقاء كلمة الدعاة التي تضمنت أهمية بيوت الله في حياة المسلم ثم طلبنا من حاكم الولاية " كارسيا نيتو " إرساء الحجر الأول لهذا الجامع وفي حفل العشاء الرسمي أعلن كثير من السفراء عن مساعدات خصصتها حكوماتهم  لهذا المشروع الذي انتهى بناؤه خلال عام واحد إذ تدفقت عليه المساعدات الرسمية ليصبح أحد المعالم الهامة وسط العاصمة " كويابا " والذي أخذ منذ خمس وثلاثين سنة في جمع المسلمين مع أبنائهم على طاعة الله وإحياء الشعائر الإسلامية.

وتولى الشيخ محمد الشبراوي رحمه الله إمامة الجامع لأربع سنوات مبعوثا لرابطة العالم الاسلامي ثم أخذت جامعة الأزهر المصرية ترسل الأئمة المتعاقبين على هذا الجامع حتى اليوم.

ولقد زار الشيخ محمد بن ناصر العبودي مسجد " كويابا " ووصفه قائلا " وقد بني المسجد على طراز المساجد التركية المتأخرة التي تخلو من الأعمدة الظاهرة وإنما هي القبة تحملها أعمدة داخلية مثبة في سقف المسجدن وقد جعلوا القبة الصغيرة قد أحاطت بها نوافذ ملونة مثل أبواب المسجد كلها قد أعطته منظرا أنيقا متميزا وقد زينوه بآيات قرآنية بخطوط عربية جميلة ... وقد أخبرنا الأخوة أن البلدية تمنع البناء فيما حول المسجد لكونه من المناطق السياحية الجميلة بل إنني رأيت البلدية تعمل على تبليط الأرض الواقعة حول المسجد وتغرسها بالزهور وتضع فيها المقاعد للمتنزهين .. وزادت البلدية بأن جعلت المسجد معلما سياحيا من معالم المدينة فطبعت صورته على بطاقات بريدية ووضعت زيارته ضمن زيارة المناطق السياحية المهمة في المدينة"(1).

وقلما يعلم الدعاة أن جامع "كويابا" هو ثالث جامع بني في أمريكا اللاتينية، بعد مسجد البرازيل بسان باولو عام 1949م، ثم جامع الملك فيصل بلوندرينا عام 1973م وقد تم نشر الخبر بمجلة الجامعة الإسلامية(2).

علما بأن الله تعالى تولى بيوته المتزايدة في البرازيل والتي بلغت أكثر من تسعين جامعا في 45 مدينة برازيلية رعاها الله تعالى بواسطة أجلاء من وجهاء المسلمين والدعاة، فالوضع الدعوي فيها مطمئن والرعيل الأول هيأهم الله لهذا العمل ولا يمكن تغييب واحدا منهم من لدن الشيخ الدكتور عبد الله عبد الشكور كامل الذي قضى سبعة عشر عاما من شبابه مع مسلمي الجالية، وكذلك الشيخ أحمد صالح المحايري الذي قضى أربعين سنة من شبابه مع مسلمي لوندرينا والبرازيل.

الجمعية الخيرية الإسلامية في "كويابا" هي عضو باتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل، ويتولى إمامة المسجد حاليا الشيخ أبو مروه من موزمبيق وتجتهد الجمعية في جمع شمل أبناء الجالية المسلمة وإقامة الصلوات والمناسبات المختلفة، وتوجد فرصة طيبة لزوار المدينة خلال العام القادم لمشاهدة مباريات كأس العالم للتعرف على إخوانهم المسلمين عن قرب ومساعدتهم في حل مشاكلهم.

عنوان الجمعية الخيرية الإسلامية
Sociedade Beneficiente Muçulmana de Cuiabá
Rua Baltazar Navarros, N9 - Bairro Bandeirantes – Cuiabá - Mato Grosso - CEP 78010-020 - BRAZIL
Tel. : (065) 9247-5160  -  (065) 8140-0484
E-mail: [email protected]
www.islamcuiaba.com

(1) الرحلات البرازيلية " في غرب البرازيل " محمد بن ناصر العبودي الطبعة الأولى 1991م .
(2) مسجد الملك فيصل في البرازيل
للشيخ أحمد واكد
جاءنا من السيد أحمد واكد نائب رئيس الجمعية الخيرية الإسلامية في لوندرينا البرازيل ما يأتي:
تلقت الجمعية الخيرية الإسلامية في مدينة كويابا بالبرازيل مساعدة سخية من المملكة السعودية لإنشاء جامع في كويابا عاصمة ماتوكروسو. وقد حمل المساعدة إلى الجمعية الشيخ أحمد صالح المحايري مبعوث رئاسة البحوث العلمية السعودية بتكليف من سعادة السفير السعودي الدكتور مأمون القباني.
وفي شهر شعبان الماضي (أغسطس) أقامتْ الجمعية احتفالا رسميا بمناسبة وضع الحجر الأساسي لهذا الجامع حضره سفراء الدول الإسلامية والعربية الذين وصلوا إلى كويابا في العاصمة البرازيلية بطائرة تابعة لسلاح الجو البرازيلي وهم السادة: السفير السعودي والتركي والإيراني، والعراقي والباكستاني والسوري واللبناني والجزائري والمصري، مع الملحق الثقافي السعودي والوزير المفوض الإيراني، وهؤلاء يمثلون المركز الإسلامي الذي تم إنشاؤه مؤخرا في برازيليا وتديره الدول الإسلامية الأعضاء بواسطة سفرائها.
وكان في استقبالهم حاكم الولاية كارسيا نيتون وكبار الرسميين المدنيين والعسكريين وجموع غفيرة من أبناء الطائفة الإسلامية والعربية. وبعد أن أُلقيتْ عدة كلمات في الحفل ألقى سعادة السفير السعودي الدكتور مأمون القباني كلمة المركز فقال: "إنه ليشرفنا أن نضع باسم المركز الإسلامي الأحجار الأولى لجامع كويابا". وقد نقل في كلمته استعداد المملكة السعودية لتقديم كافة المساعدات الثقافية الإسلامية لمستحقيها في كل مكان..
وقد نظم الحفل وأعد له وأجري من أجله كافة الاتصالات الرسمية الشيخ أحمد المحايري مبعوث رئاسة إدارات البحوث العلمية السعودية في البرازيل.