قال الكاتب الصحفي وائل قنديل إن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يحرص طوال الوقت، على استخدام عبارة "أنا بتكلم جد، أنا لا أبيع لكم الوهم"، حتى صارت واحدة من "الكليشيهات" الشهيرة التي تخفي وراءها جبلاً من الأكاذيب والأوهام.

وأضاف قنديل خلال مقاله على صحيفة "العربي الجديد" اليوم السبت، أن سلة أوهام السيسي، أصبحت ممتلئة بالأكاذيب وعلى رأسها "شبكة طرق جديدة، وعلاج جديد للإيدز، وعاصمة جديدة، وقناة سويس جديدة، ومصر قد الدنيا جديدة، وأخيرًا محطة نووية جديدة".

وأوضح أنه بعد مرور عامين ونصف العام من بيع الوهم للمصريين وللعالم، تتساقط فيهما الوعود وتنفضح الأكاذيب الخاصة بالرخاء الاقتصادي، والاستقرار السياسي، والهدوء الأمني، فمن غرق الإسكندرية، مرتين في أسبوع، إلى فضيحة تفجير الطائرة الروسية، مرورًا بإخفاء عشرات المليارات من دولارات أرز الخليج، ليتضح تمامًا أن الجنرال لا يجيد تجارة، إلا تجارة الوهم، ولا يحسن صناعة، إلا صناعة الكذب.

ونوه قنديل إلى الوهم النووي الجديد الذي احتفل السيسي، وآلته الإعلامية به، باعتباره نصراً مؤزراً، ليكون السيسي، كالعادة، نبي النهضة ومفتتح الرخاء، موضحًا أن السيسي لا يختلف عن ذلك المواطن المضحك في مدينة بورسعيد الذي علق لافتة أمام متجره تقول "عندنا قنال جديد وطائرات رافال وإف سكستين وأيام قطر وتركيا معانا طين".

وقال إن  وهم القوة هو ما يعشش في دماغ التاجر والجنرال، لإخفاء الإحساس الدفين بمنتهى العجز وقلة الحيلة في محاولة يائسة لاستمرار السيطرة على الوعي المحبوس في علب الأوهام والوعود البرّاقة، من خلال جهاز إعلام يحتقر المواطن المصري، إلى الحد الذي يجعله يبيعه الوهم الواحد مرتين وثلاثًا.

وأشار قنديل إلى أنه تم بيع الوهم النووي للمصريين مرتين، الأولى في العام 1961، فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، حين صدرت أهرام هيكل، وعلى صفحتها الأولى تلك العناوين التي تدغدغ أحلام المواطن الغلبان:  "المفاعل الذري العربي بدأ في العمل". ثم عنوان شارح كبير يقول "نجحت تجربة المفاعل الذري العربي في أنشاص وأثبت كفاءته. المفاعل بدأ في إنتاج النظائر المشعة بصفة مستمرة ودون توقف"، و كان الروس حاضرين في المرة الأولى مع عبد الناصر، كما هم حاضرون، هذه المرة، مع السيسي.

وتابع: "ثم كان أن بيع الوهم نفسه، وفي المكان نفسه، الضبعة، غرب مصر، في زمن حسني مبارك، حين صدرت الأهرام، نفسها، وإنْ بلا هيكل، لتقول الآتي في يونيو/  2009 "توقيع عقد إنشاء أول محطة نووية في مصر"، وتشرح على لسان رئيس الحكومة "نظيف: المحطة تتويج لرؤية مبارك دخول مصر عصر التكنولوجيا النووية".

واختتم مقاله: "ومن عجبٍأن النظام الذي يهذي بالنووي، ويزعم أن الله بعثه لكي ينشر العلم في ربوع البلاد، ويستخدمه من أجل نهضتها، هو نفسه النظام الذي اختطف وسجن وأهان أستاذاً للفيزياء النووية، بدرجة رئيس جمهورية منتخب لأول مرة في تاريخ المصريين، وسجنه وعذبه وحكم عليه بالإعدام، لكي يجلس مكانه شخص دموي قاتل، لا يستطيع تكوين جملة سليمة واحدة، يكره العلم ويحتقر العلماء، ويحكم بالدجل والخرافة، ويجمع حوله فيالق من المشعوذين والمخرفين.

واستدرك: "بقي أن تعرف أن الوهم النووي الذي يبيعه السيسي لك الآن يبلغ ثمنه خمسة مليارات دولارات، ستذهب للروس، في مقابل السكوت على فضيحة الطائرة، وستكون أنت دافعها من مالك ومال أولادك، وعلى حساب مستقبلهم، وستصحو يوماً على "الأهرام"، بعد عقد، تنشر في صفحتها الأولى "الرئيس فلان يدخل بمصر العصر النووي". كل وهم وأنتم طيبون.