بقلم: ناصر البنهاوى

 
صحيفة نيويورك تايمز ذكرت أن حرس الحدود المصرى قتل 15 سودانيًّا في أثناء عبورهم الحدود المصرية إلى إسرائيل، وهذه أكبر مقتلة للمهاجريين الشرعيين شهدتها الحدود المصرية والمنطقة العربية عموما وربما العالم.
 
هذه مقتلة كبيرة بكل المقاييس ومبالغة في حماية إسرائيل. فالجيش الإسرائيلى نفسه لم يرتكب مقتلة بهذا الحجم في حق الهجرة غير الشرعية، كما أنه لا يوجد أخبار عن أن الجيش المصرى استخدم نفس قوة النيران لمنع السودانيين من دخول مصر بطريقة غير شرعية.
 
الضرب في المليان طال الكل وخاصة من يهدد أمن إسرائيل. كان يمكن محاولة القبض عليهم، أو تطويقهم أو مطاردتهم، أو حتى ضربهم في الساق، لكن العسكر تعود على الضرب في المليان ومعه تصريح بذلك وحماية من المحاكمة أيضاً، لا يوجد قواعد للاشتباك بل فقط الضرب في المليان سواء لمعتصمى رابعة، أو السياح المكسيكيين، أو المهاجريين غير الشرعيين.
 
وإذا أضفت إلى ذلك التقصير الأمني في حماية مطار شرم الشيخ، وأخذ الرشاوى من المسافرين مقابل عدم التفتيش، واللعب بالكومبيوتر أثناء الخدمة، والتصفيات الجسدية بدم بارد للنشطاء السياسيين، نخلص أن العسكر أصبح مخيفا جداً وخطرا ليس فقط على المصريين بل على العالم أجمع.
 
أقول للفرنسيين والأوروبيين والأمريكان والروس إن الحكم المدنى وضمان الحريات العامة والديمقراطية والرقابة الشعبية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هي أهم وسائل منع التطرف، وأؤكد لهم أن حكم العسكر ينقض كل ذلك ويخلق شعبا مقهورا ومحبطا ومريضا وجائعا وطبقيا، الموت والحياة بالنسبة له سواء، وعندما يصل الفرد إلى هذا المستوى فلا تتوقع منه أن يحكّم عقله في قراراته وخياراته بل ربما يكون الموت أفضل الخيارات أمامه.
 
العسكر استولى على كل شيء في مصر، فقد استولى على الحكم ونسبة كبيرة من الوظائف العليا ومقاعد الكليات العسكرية، ونحو 50 من اقتصاد مصر، كما وضع يده على مدارس الإخوان وشركاتهم والجمعيات الخيرية ولجان الزكاة، لذلك لا تستغربوا من تقصيره وعدم مهنيته وتدني كفاءته وانتشار الفساد في عروقه.
 
وأقول لعبيد العسكر إن كبيرهم الذي علمهم السحر أبرم صفقات سلاح بنحو 60 مليار جنيه حتى يكسب رضا الدول الكبرى، خاصة روسيا، لكن تقصير أحد عناصر العسكر في حماية مطار شرم الشيخ هدم كل هذه الجهود.
 
ورسالتي للعسكر أن من يلعب بالنار يحرق بها، فقد حاولوا جاهدين أن يقنعوا العالم أن مصر كلها إرهاب وأنهم يشنون أكبر حرب على الإرهاب عرفتها البشرية، حاولوا أن يقنعوا العالم أن سيناء مليئة بالإرهابيين والإرهاب في مصر ملأ المدارس والجامعات والجمعيات الخيرية، ولجان الزكاة، وكل شبر في مصر، وعندما حدثت عملية إرهابية أسقطت طائرة أجنبية، ينكرون أن السبب هو الإرهاب وسخروا إعلامهم ليقنع العالم أن مصر آمنة وأن الطائرة وقعت بسبب عطل فنى.
 
أقول لهم لقد لعبتم بالنار وخلطتم بين المعارضيين السلميين وتمنيتم الإرهاب فآتاكم الإرهاب من حيث لا تعلمون.
 
العالم صمت على مذابح رابعة واعتقال 42 ألف ناشط سياسى، والحكم على المئات منهم بالإعدام، وعمليات تصفية جسدية كل يوم.
 
العالم رحب أو على الأقل صمت على إزاحة القوى السياسية المدنية وخيّر المصريين بين داعش والعسكر وكانت هذه هي النتيجة.
 
عمرو أديب يقول إننا أوقعنا بين روسيا وأمريكا.. لكن الواضح أن الشعب المصرى وقع ضحية التجاذبات بين العسكر وداعش وصمت الغرب.
 
العسكر "عمل زي اللى رقصت على السلم.. فلا اللى فوق شافوه ولا اللى تحت شافوه".. بمعنى آخر لم ينجح في حكم مصر ولا في صناعة الكفتة الصحية، ولا في إدارة أحياء الإسكندرية ولا حتى حماية الأمن.
 
كل هذه الحوادث تعطى دليلا أن عساكر مصر لا يلتزمون مهنية ولا كفاءة ولا قيم ولا معايير ولا ضوابط عندما يفتحون النيران.