من علاج الإيدز بالكفتة، لحفر قناة السويس بشعاع الليزر، لتوليد عشرة أضعاف كهرباء السد العالي بمغناطيس، لصاروخ الماء، وأخيرًا استخراج الألماس من غاز الميثان! 

"جميعها خزعبلات وهرتلة علمية لا يصدقها عقل سليم يملك الحد الأدنى من التفكير السليم"..  هكذا قال الباحث المصري بمعهد كيوتو الياباني؛ محمد علي حسن، مستنكرًا الترويج للاختراعات الوهمية، التي باتت تطل علينا كل يوم، منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013.
 
ورغم أن الباحث رصد بعضها، إلا أن هناك الكثير منها، إذ لا يكاد يمر يومًا وإلا وتطلع علينا صحيفة مصرية بخبر عن اختراع وهمي آخر. ففي 1 مارس الحالي، خرجت صحيفة الدستور، بخبر مفاده أن طالب في مطروح، حولت غاز الميثان إلى ألماس، ثم في 2 مارس الجاري، خرجت جريدة اليوم السابع، بخبر قالت فيه، إن طالبة بآداب الفيوم، اخترعت جهازًا للتحكم الذاتي في الصواريخ ومركبات الفضاء!
 
وكانت اليوم السابع، خرجت على جمهورها أيضًا، في 3 مارس الماضي (2014)، بخبر عن اختراع طالب ثانوي لعلاج للرئة، حتى خرجت علينا أبرز الاختراعات الوهمية على الإطلاق، إلا أنها لم تكن من خيال محرر صحافي بإحدى الجرائد، ولكنها كانت بإعلان رسمي من القوات المسلحة المصرية؛ إنه جهاز علاج الالتهاب الكبدي الوبائي فيروس سي. 
 
الجهاز الذي أعلنت عنه رسميًا القوات المسلحة، في يونيو 2014، وعقدت لذلك مؤتمرًا صحافيًا، نال سخرية واسعة على المستويين المحلي والعالمي، حتى عرف باسم "جهاز الكفتة". وأخيرًا، وللآن، لم يظهر الجهاز الذي كان الجيش قد وعد ببدء العمل به أول السنة الجارية (2015).
 
ثم في سبتمبر 2014، تحجز بوابة فيتو مكانًا لها في صحافة الاختراعات الوهمية، بإعلانها عن طالب يخترع جهازًا قادرًا على تصدير الكهرباء لاسلكيًا، لتلحق بها جريدة الوطن، التي نشرت خبرًا عن اختراع صف ضابط لكلب إلكتروني يكتشف المتفجرات!
 
الباحث المصري في اليابان، محمد علي حسن، أطلق على هذه الظاهرة، اسم "الاختراعات الخزعبلية العبيطة"، وذلك في تدوينة له نشرها على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
 
وأوضح "حسن" أن الهدف الحقيقي وراء انتشار هذه الظاهرة، هو "خلق آمال وأحلام زائفة، بالثراء السريع للفقراء والشفاء للمرضة، والتقدم والرقية بدون جهد من الجهلة والأغبياء، وهم كثر، للغطية على فشل العسكر الذريع والمتواصل في إدارة شؤون البلاد منذ اعتلائهم السلطة في 1952"، على حد تعبيره.
 
وتابع "حسن"، قائلًا، إنها "تهدف أيضًا لخلق مساحة وهمية للغاضبين، للتنفيس بعيدًا عن الأمور السياسية الهامة"، مضيفًا أنها "تهدف لتشتيت الرأي العام عن مشاكل الحياة اليومية الأكثر أهمية، والقرارات الخاطئة للعسكر، والأحداث السيئة الجارية".
 
ولفت الباحث المصري لأمر وصفه بالهام بالهام؛ وهو أن نظام الانقلاب العسكري "يهدف لإيصال رسالة للخارج مفادهها أن الشعوب التي تصدق مثل هذه الخزعبلات لا تستطيع حكم نفسها بنفسها، وليس عندها القدرة حتى الآن على ممارسة الديموقراطية"، مؤكدًا على أن "هذا كله لا يمنع تدني المستوى العلمي والثقافي لدى العسكر بشكل عام".
 
ولم يتوقف الباحث المصري، عند توضيح أسباب وأهداف انتشار هذه الظاهرة، لكنه أيضًا لفت إلى كيفية التعامل معها، وكشف زيفها، قائلًا، إن ذلك "بطريقة علمية بسيطة من خلال التذكير دائمًا بالأهداف الحقيقية والخبيثة من بثها"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "التجاهل التام لمثل هذه الظواهر قد يحقق أهداف العسكر من وراء انتشارها"، موضحًا أن الرد على مثل تلك الأخبار، "لا يجب أن يكون علميًا فقط، بل يجب ربط الرد العلمي بالأمور الجارية والأحوال السيئة التي يعيشها الناس".