نافذة مصر
وسائل الإعلام تنوء بحملها الثقيل فقد اخترعت عالما افتراضيا كاملا متكاملا، يتضمن آلاف الكذبات والاختراعات، ويحتوي تفاصيل وسيناريوهات وأشخاصا وتوجهات، ليس لها أساس في الواقع،
هو عالم أشبه بقصص الخيال والسحر المنبتة تماما عن الواقع.. هذا "العالم الافتراضي" كان معدا للاستخدام حتى حدوث الانقلاب فقط، ولم يكن صالحا أبدا للاستمرار بعد ذلك، لهذا بالغوا في فبركته وتزييفه لأقصى مدى، فقد كان اعتقادهم أن هذا "العالم" بكل تفصيلاته سيُرمى في غياهب النسيان مع رسوخ حكم العسكر
.
المأزق هنا أن الانقلاب لم ينجح بالصورة التي توقعوها، بل اضطرهم قادة الانقلاب إلى إبقاء "العالم الافتراضي" قيد الاستخدام، ليس هذا فقط، بل طلبوا منهم تطويره وتضخيمه وتمديده بما يفوق قدرة العقل البشري على التصديق
من يتابع الإعلام الأسبوع الماضي فقط يشعر بوضوح بهذا المأزق، فمع اقتراب موعد الاستفتاء، وسخونة الشارع الثوري، لم يجدوا حلا غير مواصلة تضخيم عالمهم الافتراضي، الذي بلغ مستوى الكتلة الحرجة
لا ينبغي أن يصيبنا اليأس من يقظة الجماهير أو انتباهها من غفوتها، فالشعوب بطبيعتها تتفاوت في مستوى الوعي وسرعة الانتباه، وقد شارك ملايين المصريين في ثورة يناير رغم وجود ملايين المغيبين الآخرين، بل رغم وجود ملايين من المصريين لا يزالون واقعين تحت خداع الحقبة الناصرية بعد مرور ستين عاما عليها
لا تيأسوا، في النهاية سوف يكتشف المصريون أن "المقشات" لا تطير..

