د. أحمد نصار
حاولت أن أجد شيئا واحد يجمع جبهة الإنقاذ غير كراهية الإخوان والرغبة في الوصول للرئاسة فلم أجد!
الليبرالي مع اليساري مع الفلول يقفون يدا واحدة ضد رئيس مدني منتخب لأول مرة في التاريخ! متحدين United بحسب تعبير البرادعي في الفاينانشال تايمز!
ولأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة وجدناهم لا يتركون ثابتا إلا وداسوا عليه بدم بارد! استعانوا بالفلول، وأدخلوهم التحرير مرفوعين على الأكتاف، وغازلوا العسكر مطالبين إياهم بالانقلاب على الشرعية بحجة حماية البلد من الفوضى التي افتعلوها! وقابلوا المستثمرين مطالبين إياهم بعدم ضخ أموالهم في مصر، أو بناء مصانع أو إقامة مشاريع تخدم المصريين جميعا على أرضها! وصرحوا علنا أن على القوى الأجنبية أن تقف بجانبهم وتساعدهم في الضغط على الرئيس المنتخب! بدون خجل أو حياء أو مراعاة لشعور المصريين، من مؤيدي الرئيس أم حتى ممن وثقوا بهم من الشباب الثائر!
ولاشك أن هذه المواقف تناقض مواقف سبق وأن تشدقوا بها طويلا! حتى عرف الناس بحق من يهتف يسقط حكم العسكر بحلقه، ومن يسقطه بأفعاله وقراراته!
لم أجد لجبهة الإنقاذ خطا مستقيما يمشون فيه! بل فعل الشيء ونقيضه دون أي احترام لمن يشاهد أفعالهم! مثل الزئبق الذي تجده أحيانا سائلا، وأحيانا مجمدا! يتفقون على المواد المثارة حول الدستور ويوقعون عليها ثم ينسحبون إثر لقاء مريب بين قطب من أقطابهم "عمرو موسى" وتسيبي ليفني رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة أكدتها وزارة الخارجية الصهيونية رسميا! يعلنون مقاطعتهم للاستفتاء ثم يقررون المشاركة في آخر لحظة! وعندما جاءت النتيجة متقاربة في المرحلة الأولى هللوا فرحا بأن احتكار "الإسلاميين للسلطة" تبدد وأن الشعب عرف حقيقة الإخوان وأهدافهم! وعندما ارتفعت النسبة في المرحلة الثانية لما يقرب الثلثين اتهموا نفس لشعب بالجهل والأمية والرشوة!
ثم جاءت أحداث العنف أمام القصر الرئاسي فأعلنوا أنهم سيسيرون المظاهرات السلمية "وقد رأىنا جميعا محاولة نزع باب القصر الرئاسي بونش!" ثم ما لبثوا أن تبرأوا من هذه الأعمال وقاول لا يوجد أحد هناك يمثلنا!
ثم أعلنوا أخيرا أنهم سيقاطعون الانتخابات البرلمانية المقبلة، رغم أنها فرصتهم الوحيدة لإسقاط تجربة الإخوان بالطرق الديمقراطية! وعندما أدركوا أن ذلك لا يصب في مصلحتهم أعلنوا أغرب شيء عرفته في عالم السياسة حتى الآن! وهو أنهم سيقاطعون الانتخابات؛ لكن أعضاءهم سيخوضونها كمستقلين! وكم كنت أود أن يحترموا عقولنا جميعا مؤيدين ومعارضين وهم يدلون بهكذا تصريح!
ثم بدأ يتضح مع الوقت سبيل جبهة الإنقاذ لعدم استكمال مؤسسات الدولة وعلى رأسها البرلمان.. إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة تشارك فيها جبهة الإنقاذ بعشر وزراء وربما يشارك فيها أحزاب أخرى بعدد آخر من الوزراء .. ثم يقوم هؤلاء الوزراء بالانسحاب بعد الجولة الأولى من الانتخابات بدعوى وجود تزوير.. ويطالبون بانتخابات برلمانبة ورئاسية جديدة وطبعا سيعجب هذا الأمر كثيرين.. فهل نتركهم يعيقون بناء الوطن؟؟
وسواء قاطعوا الانتخابات أم لم يقاطعوها فستكون هناك انتخابات ساخنة الصيف المقبل في رأيي! فالكتلة الإسلامية تشارك بخمسة أحزاب كبرى عي الحرية والعدالة والنور والجماعة الإسلامية والوطن والراية! والكتلة العلمانية تشارك بأحزاب الوفد وغد الثورة وعدد آخر من الأحزاب.. ولدينا يمين الوسط ويسار الوسط ممثلا بتحالف حزب الوسط مع بعض الأحزاب الإسلامية الأخرى وحزب مصر القوية وحزب مصر..
مصر تتجه لأن يكون فيها لأول مرة منذ الثورة سلطة تشريعية بجانب سلطة تنفيذية كلاهما منتخبتين! وقد حرص المجلس العسكري على عدم السمح بوجود السلطتين معا بالانتخاب في المرحلة الانتقالية! سمح بانتخابات برلمانية فمنع الحزب الأكبر من تشكيل الحكومة! وعندما قرر الإخوان الدفع بمرشح للرئاسة حلوا البرلمان حتى لا يجتمع للطائرة جناحيها أبدا وهذا ما نحن في سبيلنا لفعله إن شاء الله!
إن مصر بحاجة إلى برلمان.. بحاجة إلى المؤسسة بغض النظر عن تشكيلته أو خريطة الأحزاب فيه! وما هذا إلا لاستكمال مؤسسات الدولة! وهذا هام إذا أردنا لهذا الوطن أن يقوم من كبوته! وكالعادة فإن الجبهة لا ترى في ذلك إلا مزيدا من إبعادها عن صدارة المشهد، حتى وإن كان هذا في مصلحة الوطن!

