بداية ، أعتذر لك يا سيدى يا رسول الله عن هذا الجرم الفادح الذى ارتكبه الجناة الآثمون فى حق مقامك الكريم يا أشرف المرسلين ويا سيد البشر يا أيها الرحمة المهداة ، يا نبراساً وسراجاً وقدوة وهادياً ومبشراً ونذيراً ، يا طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها .
لو علموا رحمتك ما شتموك ، ولو رأوا هديك ما تجرؤوا عليك ، ولكنهم قوم جاهلون مزورون أعماهم التعصب ودفعهم الحقد أن يتعرضوا لجنابك ..
يكفيك ربك جل جلاله وقد حكم لك بالخلق العظيم " وإنك لعلى خلق عظيم " وقد سماك " سراجاً منيراً " ، وكفاك وأواك " إنا كفيناك المستهزئين " .
ثم إنا من بعد ذلك يا حبيبى وقدوتي وسيدى فداك بأرواحنا وآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا وبناتنا ، وإن غاية ما نطمح إليه يا سيدنا ألا نرد عن حوضك يوم القيامة وأن نكون إلى جوارك فى الجنة ، ففداك أنفسنا ومهجنا وكل أرواحنا يا حبيبنا يا سيدنا يا رسول الله .
أما هؤلاء .. فلا ينصرون رسول الله .. صلى الله عليه وسلم
جل المتظاهرين حول السفارة الأمريكية الذين يحرقون ويتلفون ويدمرون المركبات والعربات ويخربون ممتلكات الدولة ويقذفون الحجارة على الشرطة ، وأنت لو اطلعت على أغلبهم وكما حكم مراسل الجزيرة فإنك سوف تري كثيراً ممن هو بالأصل ضد التيار الإسلامي وضد الرئيس مرسي ، ويحاولون أن يحدثوا فوضى فى البلد متذرعين بالاعتداء على جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من يدفع هؤلاء ومن يشحنهم ويشحذهم للغضب بهذه الصورة ، لو تأملت فستجد فيهم من تواجد بوسط الألتراس الأسبوع الماضى لمحاولة التهييج والإثارة ، ولما فشلوا حاولوا هذا الأسبوع تحت زعم نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من التدمير والتخريب ، ولم تحض تعاليمه على مثل هذا اللغو والكلام الفارغ .
نعم .. إن من حقك أن تتظاهر .. ولكن بالطرق السلمية والتعبيرات الراقية المهذبة ، وأنا لا أدرى ما علاقة مركبة الشرطة التي احترقت بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضد انتهاكات أقباط المهجر أو ضد الأمريكان ، وما علاقة سفير أمريكا فى ليبيا بهذا الانتهاك الذى تقوم به فئة غبية منحرفة شاذة من أقباط المهجر بمعاونة قلة أمريكية ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هؤلاء فريقان المؤجرون والمستأجرون ، والمثيرون والمستثارون ، وكلاهما فى الهم سواء ، لا يلتزمون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تعاليمه ، ثم هم يذهبون للتظاهر المخرب بحجة نصرته .
إن الخسائر التي نتعرض لها كبلد من جراء هذه الفوضى أكثر من أن تحصى ، وبدلاً من حالة الاستقرار التى يحاول الرئيس وفريقه وحكومته أن يضعوا البلد فيه ، فلسوف ننجر إلى فوضى ، وبدلاً من رسائل التطمين للعالم كله حتى يأتي المستثمرون وحتى ينتعش الاقتصاد ندخل بفعل فاعل خبيث إلى دوامة من الفوضى لا حد لها .
فريق آخر كبير لا ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم المتنكبون عن طريقه وهديه ، الذين يؤخرون كلامه بعد كلام كل البشرونظرياتهم ، والذين لا يتحلون بسنته ويرفضون منهجه .
الذين يتخذون فى حياتهم الدنيا كل منهج ومسلك ومشرب إلا منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء وإن تحدثوا وأطنبوا لا ينصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فريق ثالث أو رابع لا ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم أصحاب البدع فى دين الله ، وهم الذين يشتمون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعون أنه لم يبلغ الإسلام كاملاً فيأتون لنا بالبدع حتى يكملوا ما لم يبلغنا به ، وحاشا له وكلا .
إن خطورة البدعة ليس فى أنها مجرد تزيد بل فيما تحمله من مضامين وإشارات سلبية على رأسها الاتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يكمل البلاغ فحجب شيئاً أو قصر فى توصيل شئ يوصلنا إلى الله فتجتهد أيها المبتدع لتسلكه حتى يكون وصولك كاملاً ، وهو قدح فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو قدح – والعياذ بالله – فى الله سبحانه ذاته – لأنه لم يدلنا على أشياء توصلنا إليه سبحانه فيضطر المبتدع إلى اللجوء إليها ليلتمس الطريق إلى ربه ، وهذا هو البهتان العظيم .
أما هؤلاء فينصرونه ..
أولئك الصادقون الذين يتخذون سبيله ويلتزمون هديه وسنته ، ويسلكون منهجه ودربه ، وأولئك هم المفلحون ، هم الذين عرفوا وعلموا واستضاءت قلوبهم بنور الله ، فلا يحيدون عن نهجه قيد أنملة فينصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحالهم قبل مقالهم .
ينصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنجاح دعوته وبذل المهج والنفوس والجهاد فى سبيل توصيلها إلى البشر ، ويلتزمون بمنهجه الذى طرد من أرضه صلى الله عليه وسلم وأوذي لتوصيله للناس .
هؤلاء أحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفوا أقدامهم على طريقه ونهجه وسنته .
الذين يتظاهرون سلمياً ويعبرون بكلمات فعالة وأدعية صادقة عن نصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أولئك الذين طبعوا آلاف الكتب بكل اللغات وينشرونها الآن فى أوروبا وأمريكا عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وسيرته وفقهه وأحاديثه النبوية الشريفة .
أولئك الذين قرروا أن يحفظوا أحاديثه الشريفة كرد فعل لنصرته صلى الله عليه وسلم .
كل هؤلاء ينصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل تكون أخى الكريم واحداً منهم ؟ إن على كل من يريد أن ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسلك مسلكه وينتهج سبيله ويلتزم سنته .
زعم قوم المحبة فابتلاهم الله سبحانه بهذه الآية : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " .
قال القاضى عياض فى كتابه القيم ( كتاب الشفا فى تعريف حقوق المصطفى ) : " إعلم أن من أحب شيئا آثره ، وآثر موافقته ، وإلا لم يكن صادقا في حبه ، وكان مدعيا . فالصادق في حب النبي - صلى الله عليه وسلم - من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها الاقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله ، وأفعاله ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره ، ويسره ، ومنشطه ، ومكرهه " .
فكن أخي الكريم كما قال ، أسأل الله لنا ولك الاتباع والورود على حوض نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولك يا رسول الله كل السلام والتحية ... صلى الله عليك وسلم ...
--------------

