في ظل منظومة صحية متهالكة وحكومة اعتادت سياسة الإنكار، تعيش الأسر المصرية حالة من الرعب الصامت مع تزايد حالات الوفيات والإصابات الحرجة بين الأطفال بأعراض تنفسية ومعوية "غامضة". وبينما تكتظ غرف العناية المركزة بالأجساد الصغيرة التي تصارع الموت، تخرج وزارة الصحة ببياناتها الروتينية المعلبة لتنكر وجود أي "فيروس جديد"، عازية المأساة إلى "نزلات برد موسمية" أو "فيروس مخلوي"، في تستر مفضوح يذكرنا ببدايات كارثة كورونا، ولكن هذه المرة الضحايا هم "زهور المستقبل".

 

إنكار حكومي معتاد: "كله تمام" والأطفال يموتون

 

على الرغم من استغاثات الأهالي وانتشار مقاطع فيديو توثق معاناة أطفالهم، تصر وزارة الصحة، عبر متحدثها الدكتور حسام عبد الغفار، على نفي وجود أي وباء، واصفة ما يحدث بأنه "نشاط موسمي معتاد" للأنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي (RSV).

 

تطمينات كاذبة: تروج الوزارة لأن فيروس "اليد والقدم والفم" (HFMD) أو النزلات المعوية المنتشرة في أسوان وغيرها هي حالات بسيطة لا تستدعي القلق، متجاهلة التقارير التي تتحدث عن حالات وفاة مفاجئة وفشل تنفسي حاد لا يستجيب للعلاجات التقليدية.

 

تعتيم إعلامي: تمارس السلطة تعتيماً ممنهجاً على الأعداد الحقيقية للوفيات، وتصنف معظم الحالات في شهادات الوفاة على أنها "هبوط حاد في الدورة الدموية" أو "التهاب رئوي"، للهروب من الاعتراف بوجود خلل وبائي قد يستدعي إجراءات طوارئ مكلفة لا تريد الحكومة تحملها.

 

شهادات الرعب: ما تخفيه الجدران

 

تكشف منصات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك) وجروبات الأمهات (Moms Groups) عن واقع مغاير تماماً للبيانات الرسمية، حيث تحولت هذه المنصات إلى "دفتر عزاء" مفتوح وساحة للاستغاثة.

 

 

أعراض لا تستجيب للعلاج: تتواتر الشهادات عن أطفال يدخلون المستشفيات بحمى لا تنخفض، تنتهي بوفاة سريعة خلال أيام قليلة وسط عجز الأطباء عن تشخيص السبب بدقة. تتحدث بعض الأمهات عن "فيروس يضرب الرئة مباشرة" ويحول لون الطفل للأزرق، وهو ما يتنافى مع أعراض الأنفلونزا العادية.

 

 

تكدس المستشفيات: تشير تقارير غير رسمية إلى أن أقسام طوارئ الأطفال في المستشفيات الجامعية والعامة (مثل أبو الريش والدمرداش) تعمل بأكثر من طاقتها الاستيعابية، مع نقص حاد في أسرة العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي، مما يضطر الأهالي للبحث عن واسطة أو سرير في مستشفى خاص بتكلفة تفوق طاقة "الغلابة".

 

الكارثة الحقيقية: فقر وتلوث وإهمال

 

يرى خبراء أن ما تصفه الحكومة بـ"الفيروسات الموسمية" يتحول إلى "قاتل متسلسل" في مصر بسبب انهيار المناعة المجتمعية الناتج عن الفقر وسوء التغذية.

 

الموت بالفقر: ارتفاع معدلات وفيات الأطفال في العامين الأخيرين ليس صدفة، بل هو نتاج مباشر للأزمة الاقتصادية التي حرمت ملايين الأطفال من التغذية السليمة (البروتين والفيتامينات)، مما جعل أجسادهم الهزيلة عاجزة عن مقاومة أي عدوى فيروسية بسيطة..

 

بيئة حاضنة للمرض: يساهم التلوث البيئي، وانقطاع الكهرباء المتكرر، وتكدس الفصول المدرسية (حيث يجلس 60-70 طفلاً في غرفة مغلقة) في تحويل المدارس إلى بؤر لنشر العدوى، بينما ترفض الوزارة قرار تعليق الدراسة خوفاً من "إثارة البلبة".

 

تستر يرقى لجريمة القتل

 

إن إصرار حكومة الانقلاب على إنكار وجود أزمة صحية، ورفضها المصارحة بشفافية حول طبيعة الفيروسات المنتشرة، ليس مجرد "فشل إداري"، بل هو "جريمة قتل بالترك". فبدلاً من توجيه المليارات لبناء "مدن إعلامية" وقصور رئاسية، كان الأجدر توفير أجهزة تنفس صناعي وأدوية لأطفال يلفظون أنفاسهم الأخيرة في طرادات المستشفيات. سيظل دماء هؤلاء الأطفال في رقبة نظام اختار "البروباجندا" على حساب "الحياة"، وقرر أن "سمعة الدولة" أهم من أرواح مواطنيها.