تقترب قضية الطالبين أحمد محمد السيد محمد السواح وشقيقه أسامة محمد السيد محمد السواح من إتمام عامها التاسع داخل دائرة مظلمة من الغياب والصمت، بعد اختفائهما قسريًا منذ 13 فبراير 2018 عقب اعتقالهما من قبل قوات الأمن دون سند قانوني، ودون إعلان عن مكان احتجازهما حتى اليوم. ورغم السنوات الطويلة التي انقضت، لا تزال أسرتهم تنتظر بارقة أمل تُنهي رحلة البحث المؤلمة التي خاضتها على أبواب السجون والمقرات الأمنية بلا جدوى.

 

تفاصيل يوم الاعتقال.. بداية القصة التي لم تنتهِ

 

تقول الأسرة إن بداية المأساة كانت يوم الثلاثاء 13 فبراير 2018، حين تم اعتقال أحمد السواح — الطالب حينها بالفرقة الرابعة بكلية الطب بجامعة الأزهر — من داخل نادي السكة الحديد بالقاهرة في ساعات المساء. وبعد ساعات قليلة، داهمت قوة أمنية سكن الطلبة في مدينة نصر حيث يقيم شقيقه أسامة السواح، الطالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة، وتم اقتياده هو الآخر إلى جهة غير معلومة.

 

تؤكد الأسرة أنه لم يتم إبراز أي إذن من النيابة أو جهة قضائية، وأن الضباط لم يُفصحوا عن سبب الاعتقال أو وجهته، في انتهاك صريح للدستور المصري وللمعايير القانونية التي تحكم إجراءات التوقيف.

 

ثماني سنوات بلا إجابة.. معاناة إنسانية لا تُحتمل

 

تروي العائلة كيف تحوّل يوم الاعتقال إلى نقطة سوداء امتدت لثماني سنوات كاملة. فخلال تلك الفترة طرقت أبواب السجون وأقسام الشرطة ومقار الأمن الوطني، من القاهرة إلى المحافظات، بحثًا عن بصمة أو معلومة أو حتى إشارة تُطمئنهم بأن نجليهم بخير.. لكن الصمت كان هو الإجابة الوحيدة.

 

هذا الغياب الكامل عن الظهور أو التواصل — خصوصًا لشابين كانا في مقتبل مسيرتهما الأكاديمية — تسبب بانهيار نفسي هائل داخل الأسرة، التي تصف حالها اليوم بأنها "تعيش كل يوم كأنه الأول" بسبب عدم اليقين وعدم القدرة على معرفة مصيرهما: هل هما على قيد الحياة؟ أين يقيمان؟ وهل يتعرضان لأي سوء؟

 

المستقبل الذي ضاع.. أحلام جامعية توقفت قسرًا

 

كان أحمد، بفضل تفوقه، يستعد لإنهاء سنوات كلية الطب والبدء في حياة مهنية في تخصص طبي يحلم به. أما أسامة، فكان تلميذًا متحمسًا في بداية مشواره الهندسي، ويسعى للالتحاق بمشروعات بحثية ضمن دراسته.

 

لكن الاعتقال والإخفاء قطع طريقهما بشكل كامل، وترك فراغًا كبيرًا في مسار شابين كان من المتوقع أن يكون لهما مستقبل أكاديمي لامع.

 

منظمة عدالة: “انتهاك جسيم للقانون واتفاقية الاختفاء القسري”

 

في بيانها بشأن القضية، أكدت منظمة عدالة أن ما حدث للطالبين السواح يمثل خرقًا واضحًا لاتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تُعد مصر طرفًا فيها، وللمادة 54 من الدستور المصري التي تلزم السلطات بالكشف الفوري عن مكان أي معتقل ومنع احتجازه خارج إطار القانون.

 

وأضافت المنظمة أن استمرار التعتيم وغياب المعلومات حول مصير الشقيقين يُحمّل وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامتهما، مجددةً مطالبتها بـ:

 

فتح تحقيق فوري وعاجل من قبل النائب العام، والكشف عن مكان احتجازهما ومصيرهما القانوني، والإفراج عنهما فورًا أو تقديمهما إلى جهة قضائية مختصة إذا وُجدت اتهامات.

 

كما شددت المنظمة على أن الصمت الرسمي الممتد لثماني سنوات لا يمكن تفسيره إلا بأنه انتهاك مباشر لحقوق الإنسان، واعتداء على سلامة الإجراءات القانونية.

 

صرخة أسرة السواح: “نريد فقط أن نعرف.. أين أولادنا؟”

 

بينما تؤكد العائلة أنها لا تبحث عن أكثر من الحقيقة، تتساءل اليوم — بعد ثماني سنوات من الإنكار والغياب — عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه معاناة أسرة تبحث عن ابنيها دون أي إجابة من الجهات الرسمية.

 

تقول الأم في إحدى رسائلها الحقوقية: “كل ما نريده أن نعرف إذا كانوا بخير… أن نسمع صوتهم… أن نرى وجوههم… هذه ليست مطالب سياسية، إنها مطالب إنسانية.”

 

https://www.facebook.com/JHRNGO/posts/1159455139645362?ref=embed_post